أكثرية المجتمع الخيامي يعيشون كما يقول المثل \"على قدّ الحال\" اي ربنا أعطنا خبزنا كفاف يومنا
هذه التسمية لا تطلق إلا على فاعل الخير (والحسنة بعشرة امثالها 160 الأَنْعَام) لأن طبيعة العمل الإجتماعي فائدته اعمال الخير ويفلح من يفعله ومن يصيبه .
لقد أحسن من اطلق هذا الأسم على اللجنة (الإجتماعية) تيمناً بالمثل السائد والمنقول عبر الأزمنة (نيالك يا فاعل الخير)، هنيئاً لكم لقبولكم هذا التكليف وأجركم على الله.
هذه المقدمة تقودنا الى المبتغى من هذا المقال وهو عن (العادات والتقاليد ) التي تكون وليدة الحاجات والظروف الخاصة بمجتمعٍ ما والتي تأتي بِعمّ الفائدة على الجميع ، وقد توارثنا بعض العادات الحسنة ونورثها لأولادنا وأحفادنا ، والعادة تكون عادة نتيجة ممارسات طويلة وتجارب حتى يقرها المجتمع ، وقد أقر الإسلام بعض العادات التي كانت قبل ظهوره ونظمها وحددها كالزواج بعد أن كان مطلقاً ، وكذلك الطلاق فقيده بعد أن كان يجري دون حساب ، ووضع نظم وآلية وقواعد للميراث وأنصف به المرأة .
اذاً العادات متوارثة والمستجد منها يجب أن يكون على قاعدتها تماماً كالفتوى الذي يأخذ مفتيها 100 سنة الى الوراء و100 سنة الى المستقبل مع مراعاة الحاضر لتكون صالحة للعمل فيها وحتى لا يصاب أحداً بالضرر منها.
وبيت القصيد هنا المستجد والمستحدث عندنا ظاهرة قد لا يكون زمنها بالبعيد وقد لا يتجاوز ال 20 سنة وهي ظاهرة ( الغداء او الإطعام عن روح الميت ) ، وهذه الظاهرة من المظاهر التي تلحق الأذى والضرر بالفرد والمجتمع ، لا بل ألحقت " كما سمعت من الكثيرين " اذىً وضرراً بالأكثرية التي لا حول لهم ولا قوة بإتباعهم هذه الظاهرة خجلاً وحياءً من المجتمع الخيامي ، بل بعضهم استدان مبلغاً قد لا يقوى على سداده ليقوم بما سمي بالواجب .
هذه الظاهرة ربما استحدثها بعض الميسورين من أبناء البلد ( ربنا يزيدهم نعماً ) دون قصد منه ودون حساب للنتائج ، واذا لم نتصدى لها ستصبح عادة مكلفة لا تخدم الأكثرية وتكون شاذة عن القاعدة التي من اجلها تستحدث العادات.
من الظاهر والمعلوم للجميع بأن أكثرية المجتمع الخيامي يعيشون كما يقول المثل "على قدّ الحال" اي ربنا أعطنا خبزنا كفاف يومنا، وهذه الفئة من المجتمع وحيأً منها كما قلنا لا تريد الشذوذ عن هذه الظاهرة، مع العلم بأن هذا الإطعام عن روح الميت يزيدها ألماً فوق ألمها لعدم وجود المال الكافي لديها وأحياناً الغير موجود لتكاليف هذا الإطعام الذي لا يقل في ايٍ حالٍ من الأحوال عن مبلغ 3000 دولار هذا في الحد الأدنى ، وقد يصل عند البعض الى مبلغ 20000 دولار .
إن هذا الإنفاق قد يكون مظهراً من المظاهر ليس إلا، والوقت الذي يطعم فيه هو ما بين الصبح والظهر ، اي ليس بوقت فطور او غداء، ويبقى الكثير منه مصيره النفايات، والإطعام هذا قد لا تصل الفائدة المرجوة منه الى روح المتوفى، وهي قراءة الفاتحة ، وحتى لو حصلت فهي وقتية، ولو أنفق هذا المبلغ من الميسور الى عائلات محتاجة او فقيرة او الى أيتام لكان أفضل بكثير لراحة المتوفى ، لأن مثل هؤلاء سيتوجهون بالدعاء الى من أعطى له ولأولاده وكذلك الى روح المتوفى ولفترة طويلة الترحم على روحه بسبب من أعانهم على قضاء حاجاتهم.
إخواني الميسورين، الإطعام صدقة ويجب ان تكون الصدقة في محلها كما ورد في القرأن الكريم :
" ويطعمون الطعام على حبه مسكيناً ويتيماً واسيراً " (الإنسان 8) .
اي هؤلاء يكونوا في أشد الحاجة اليه بمعنى المسكين لا مال له ، واليتيم لا كفيل له ، والأسير اي الشخص الذي انسدت عليه جميع الأبواب والمسالك .
" إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكوراً " (الإنسان 9).
رغبة في الثواب وخوفاً من العقاب ، ولا نريد مكافأة على هذا العمل.
فإذا ما تعاونّا جميعاً مع اللجنة الإجتماعية المنبثقة عن المجلس البلدي والمناط بها التوعية والإصلاح لما فيه خير المجتمع ، فإن ابطال هذه الظاهرة سيطول وسنتحمل جميعاً ، وليس اللجنة وحدها تبعية هذا العمل الذي يصيب شريحة كبيرة من مجتمعنا الخيامي بضرر قد لا يكون لهم طاقة على تحمله ، وعلينا جميعاً وخاصة ذوي الدخل المحدود ان نجرأ جميعنا لوقف هذه الظاهرة رأفة بمن ليس لديهم القدرة ، ولا نستحي او نخجل من المطالبة بوقفها امتثالاً لقوله تعالى :
" فإذا طعمتم فأنتشروا ولا مستئنسين لحديث ان ذلكم كان يؤذي النبي فيستحي منكم والله لا يستحي من الحق " ( الأحزاب 53 ) .
فإن حياء النبي هنا عدم مصارحته للموجودين بدون استئذان ، والله لا يستحي من الحق اي من النهي عن الأذى .
الحقيقة ان دور اللجنة لإيقاف هذه الظاهرة وابطال العمل فيها عمل شاق ، ولا يسعنا إلا ان نقوم بالدعاء لها بالتوفيق لإقناع أهل المصيبة بالتعاون معها خدمة لما بعدها ، وإعلان ذلك بأية وسيلة أعلامية محلية لأول من يتجاوب وليكن القدوة لمن بعده .
وفقنا الله جميعاً في خدمة مجتمعنا .
*الحاج صبحي القاعوري - الكويت
تعليقات: