الخيام وقد غطت سماءها غيوم أيلول واصفرت أوراق شجر التين فيها

وأيا كان رحم الولادة.

وأيا كان معطف الرفض.

فمن المؤكد ان القوة والضعف، انسجاما مع المقولة الشهيرة ان قوة لبنان في ضعفه، لعبا الدور الاكبر في عرض تاريخ الخيام ومصيرها. لا بل انها الرغبة في صياغة واقع وعرض تاريخ مهم ومتقدم واستكمال بناء وجود ماض جديد. هذه الرغبة التي توافرت وصنعت حضوراً فيما خطّه السيد عبد الامير علي مهنا ودونه في كتابه " الخيام في ظل الاعتداءات الاسرائيلية على الجنوب حوادث وتواريخ" . فتاريخ الكتاب في سطوره دال كإشارات على طريق العذابات الخيامية. وكأن كاتبنا اراد ان يرسم طريقاً مغايراً من خلال توثيق معانات الخياميين في فترات اتسمت بالظلم والاضطهاد. وقد عانى فيها الخيامييون ما عانوا، كجنوبيين وكلبنانيين، من الاضطهاد والتشرد حيث فرض عليهم التخلي وترك مدينتهم بقوة الضرب والقتل و السلاح. أما الكتاب فيما حمله من احداث فقد دأب كاتبنا من خلالها على تزويدنا بأسماء وارقام وحوادث وتواريخ. اما النصوص فكانت قائمة بحد ذاتها، مكثفة بنفسها لا تحتاج في عرضها وتحليلها الى أي شيء من خارجها. نص متولد من كاتب انتسب الى طبقة اجتماعية عبّر عنها وعكس همومها في واقع نصوصه التي عاشها وعايشها، فأتت نصوصه نتاج لبصمات تركها الزمان و المكان في روح وعقل ووجدان كاتبنا، في مدينة عادل الحديث عنها السعادة او المتعة بفرح الانتماء.

لم يتنصل كاتبنا من قضاياه التي عرضها في كتابه ولم يغترب عن همومها وقد اجاد في ان يصنع خطابه وقد كان دوره مزدوجاً ومضاعفا وحاسماً.

يأتي الكتاب في 285 صفحة من القطع الوسط في لوحة معبرة عن ذاتها بعمل كتابي استلهمه الكاتب عبد الامير علي مهنا من تاريخ واحداث مدينة الخيام بالإضافة الى استخلاص من نتاج تجربة الكاتب ورحلته الخاصة.

لا تحدد كلمات الكتاب الاطارات، فقوام الكتاب كما اراده المؤلف توثيق صادق للتاريخ والاحداث. لهذا اتى عمل السيد عبد الأمير علي مهنا حاملاً معه ايقونات عملت على توثيق واعادة صياغة احداث وتواريخ لعالم كدنا ان ننساها او نكاد نفعل.

*** *** *** *** *** *** ***

بعض مما جاء في كتاب: " الخيام في ظل الاعتداءات الاسرائيلية على الجنوب " لكاتبه السيد عبد الامير علي مهنا صفحة و 198 197 وتحت عنوان "رسالة حب الى جنوبية بمناسبة الاعياد"

...ومرّت الايام والسنون ولم تشيخي، بل انت الاعوام في خدمة عمرك، تعطيك نوراً وتجدد شبابك، لذلك عندما القاك هذه الايام وأذكّرك بالماضي اكاد ارى على وجهك نسيانه لأنك كائن لا يشيخ...كائن متجدد الشباب. ليتني مثلك. هل تذكرين؟ كلما طلبت شيئاً وقدّمته اكراماً لك حباً وتقديراً وقرباناً قلت لي: ذلك واجب العاشق المحب، وانا مع ذلك لا اتضجر فحبي لك مصدر طاقتي. يكفيني بعد هذا العمر الطويل الذي لم يُبق لي غير جسم مسترخ عشّشت فيه الامراض، يكفيني جداً ان تكوني الملجأ الامين لأولادي، لأن ذلك غذاءُ روحيُ جديد.

يا ذات البشاشة والرونق والجمال...

يا هذه التي احبَّتها أُمي وأُختي وأخي، وأحببتها من أعماق قلبي، ولم يحرمنا الله ان يجتمع كل هذا الحب و هذه العاطفة في حنايا صدرك الرحب...

... ... ... ...

أحبك لأن حبك واجبُ وطنيُّ مقدس،

وهو الصورة الصغرى لحب الوطن...

أُحبك يا عروسة الجنوب،

يا بلدتي الحنونة،

أُحبك يا خيام".

* هيفاء نصّار - أوتاوا، كندا