الكاتب الحاج صبحي القاعوري: الفقر ليس عيباًً.. لكن العيب ان تحاول نسيان الماضي وتتصرف تصرفات غير مألوفة لا في بيئتك السابقة ولا في وضعك ال
نرى الأكثرية مِن مٓن وانعم الله عليهم، وكانوا من بيئة متواضعة بالكاد يُؤٓمِنون قوت يومهم يحاولون نسيان الماضي، والأنتقال من الحي الذي ولدوا فيه وعاشوا ريعان شبابهم، لأنه لم يعد يتوافق والوضع المالي الحالي الذي أصبحوا فيه ، وهذا يعني بأنهم ثاروا على الثوب ألذي كانوا يرتدون ، وعلى البيئة والمجتمع الذين كانوا فيه ، وهذا دليل على عدم الشكر لله الذي أفاض عليهم من نعمه ، وهي تجربة للأنسان واختبار له ، هل سيبقى حافظا الوضع بكل مكوناته الذي كان عليه قبل الغنى .
منهم ، وهم اقلة جداً، لا ينزعوا الثوب وتبقى صلتهم بالأقرباء والجيران بل وأهل الحي أفضل مما كانوا فيه ، ومنهم من يتنكر حتى لأقرب الناس اليه، وليس الى الحي الذي نشأ وترعرع فيه فقط بل وربما الى صلة الرحم ، وقد يتعيب بأبيه وأمه وينكرهم اذا ما تصادف وجودهم في زيارته في دارته او مكتبه امام معارفه الجدد .
وهناك عينات كثيرة من هذه الشاكلة أفراداً وحكاماً ، ومنهم على سبيل المثال بعض من حكام العالم الثالث الذين جاءوا الى الحكم من جذور متواضعة مادياً ، بعكس بعض الرؤوساء وزعماء العالم الرأسمالي الذين جاءوا من الجذور نفسها ومنهم : ريتشارد نيكسون ، وبيل كلينتون ، ومارغريت تاتشر والمستشار الإلماني غيرهارد شرويدر .
لم يقتصر هذا الوضع على الأفراد ، بل على الدول التي كانت فقيرة ، حاولت وتحاول ان تنسى ماضيها الفقير بعد بلوغها الثروة التي لا حدود لها ، فإنك ترى في تصرفاتها إغداق المال في غير محله ، ليحل بواسطته الدمار والخراب وتشريد البشر من مساكنهم وقراهم وبلداتهم محل الأمن والأستقرار الذين كانوا يتمتعون وينعمون ،ولم يتوقف على هذا بل انتشر الفساد فيما بينهم في مخيماتهم وأصبحت نساؤهم سلعة للبيع والشراء وحسب العرض والطلب بعد ان كانوا آمنين مطمئنين في ديارهم محافظين على عفتهم وصائنين لها.
وكم من زعيم في العالم الثالث الذين وصلوا الى سدة الحكم من بيئة فقيرة، وفي اليوم التالي لوصولهم ارتدوا ثياب الذين قاموا عليهم ، وخذ مثلاً جومو كينياتا فإنه بعد أشهر قليلة من الحكم اقتنى أغلى السيارات في العالم وقتها : لنكولن كونتيننتال ومرسيدس SE300 ورولزرايس ، وكذلك غيره امثال ميلتون ابوتي وامثالهم وهم كُثر .
نعود لنقول لحديثي النعمة " الفقر ليس عيباً " ولكن العيب ان تحاول نسيان الماضي وتتصرف تصرفات غير مألوفة لا في بيئتك السابقة ولا في وضعك الحالي ، واذكر نعمة الله عليك ولا تخرج من جلدك وساعد ما استطعت من المحتاجين واوجد فرص عمل للناس فإن الله يضاعف لك الثروة، بل كل حسنة تعملها بعشر امثالها، وتذكر بأن أكثر الأنبياء جاءوا من بيئة فقيرة وانتصروا بفقرهم على المجتمع ولم يتعيبوا بما كانوا .
نسأل الله لنا ولكم الهداية والحماية من الغرور والتكبر ، ونسأله العاقبة الحسنة .
* الحاج صبحي القاعوري - الكويت
تعليقات: