الكاتب أحمد حسّان
بتاريخ 25 تموز 1951 وافقت الجمعية العمومية للأمم المتحدة على إتفاقية جنيف للعام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين، وتعتبر هذه الإتفاقية الدعامة الأساسية للحماية الدولية للاجئين وهي تحدد من هم اللاجئين وما هي الحماية القانونية التي يتمتعون بها والمساعدات والحقوق الإجتماعية الواجب تقديمها لهم من الدول الموقعة على هذه الإتفاقية.
ومن الجدير بالذكر أن هذه الإتفاقية وضعت في حينه لحماية اللاجئين الأوروبيين في أعقاب الحرب العالمية الثانية، ولكن بعد أن عمّت مشكلة النزوح مختلف دول العالم، ولمواجهة الإنتشار السريع للاجئين نتيجة الحروب بين الدول والصراعات الطائفية والعرقية والحروب الأهلية، تم وضع بروتوكول ملحق بالمعاهدة في العام 1967 جرى بموجبه تطبيق أحكام المعاهدة على جميع اللاجئين في العالم دون إستثناء.
ومنعاً لأي تأويل وتفسير جاءت المادة الأولى من نص إتفاقية جنيف 1951 لتعرف بوضوح من هو اللاجىء، حيث اعتبرت أن اللاجىء هو كل شخص ترك وطنه، أو البلد الذي اعتاد العيش فيه، بسبب خوف له ما يبرره من التعرض للاضطهاد بسبب عرقه أو دينه أو قوميته أو طائفته أو رأيه السياسي، وكذلك الأمر بالنسبة للأشخاص الذين يفقدون حماية دولتهم لهم ولعائلاتهم أثناء الصراعات والحروب الأهلية، فهؤلاء تنطبق عليهم أيضاً صفة اللاجئين.
وتلزم الإتفاقية الدول الاعضاء الموقعة عليها باحترام حرية العقيدة وحرية ممارسة الشعائر الدينية والتنقل من مكان إلى آخر، والحق فى الحصول على التعليم، ووثائق السفر، واكتساب الجنسية، وإتاحة الفرصة للعمل، كما أنها تشدد على عدم جواز طرد أو إعادة اللاجئين إلى بلد يخشى فيه من التعرض للاضطهاد.
لبنان وقضية النازحين السوريين
لبنان من الدول غير الموقعة على إتفاقية جنيف للعام 1951 وهو بالتالي غير ملزم بتطبيقها، هذا بالإضافة إلى أن الحكومة اللبنانية لا تعتبر السوريين لاجئين بل تعتبرهم نازحين، خاصة أن القرارات والإتفاقيات الدولية لم تتطرق إلى تعريف النازحين، وبالتالي لا وجود لأساس قانوني لحقوقهم. ولكن هذا لا يعفي لبنان، بحسب القانون الدولي، من الإلتزام بمعايير الحماية الأساسية التى تعتبر جزءاً من القانون الدولي العام. غير أن مجرد رضوخ لبنان للضغوط الدولية بالتوقيع على هذه الإتفاقية تحت طائلة حجب المساعدات عنه، فهذا يعني أنه سيصبح ملزماً بتطبيق موجبات الإتفاقية حرفياً وبالتالي تأمين متطلبات اللاجئين كافة، وهذا بعضها:
- تأمين الإغاثة والمساعدة العامة.
- تأمين التعليم الأولي لأولاد اللاجئين ومتابعة الدراسة والإعتراف لهم بالشهادات والدرجات العلمية الممنوحة لهم في الخارج، والإعفاء من الرسوم والتكاليف وتقديم المنح المدرسية.
- حرية ممارسة اللاجئين لشعائرهم الدينية وحرية توفير التربية الدينية لأولادهم.
- منح اللاجئين المقيمين بصورة نظامية الحق في السكن.
- حماية الملكية الصناعية، كالاختراعات والتصاميم أو النماذج والعلامات المسجلة والأسماء التجارية، وفي مجال حماية الحقوق علي الأعمال الأدبية والفنية والعلمية.
- حق الإنتساب إلى النقابات والجمعيات غير السياسية والتي لا تبغي الربح المادي.
- حق التقاضي أمام المحاكم وفقاً للقانون.
- حق ممارسة العمل المأجور وفقاً للقوانين المرعية الإجراء.
- اتخاذ تدابير لمساواة حقوق جميع اللاجئين بحقوق مواطني الدولة من حيث العمل المأجور.
- منح اللاجئين المقيمين بصورة نظامية في الدولة الحق بممارستهم عملا لحسابهم الخاص في الزراعة والصناعة والحرف اليدوية والتجارة، وكذلك في إنشاء شركات تجارية وصناعية.
- منح اللاجئين حق اختيار محل إقامتهم والتنقل الحر ضمن أراضيها، على أن يكون ذلك رهنا بأية أنظمة تنطبق علي الأجانب عامة في نفس الظروف.
- إصدار بطاقة هوية شخصية لكل لاجئ موجود في إقليمها لا يملك وثيقة سفر صالحة.
- إصدار وثائق سفر لتمكين اللاجئين من السفر إلي خارج إقليم الدولة.
- تمتنع الدول المتعاقدة عن تحميل اللاجئين أية أعباء أو رسوم أو ضرائب باستثناء الرسوم المتصلة بإصدار الوثائق الإدارية، بما فيها بطاقات الهوية.
- لا يجوز فرض عقوبات جزائية على اللاجئين بسبب دخولهم أو وجودهم غير القانوني شرط أن يقدموا أنفسهم إلى السلطات دون إبطاء وأن يبرهنوا على وجاهة أسباب دخولهم أو وجودهم غير القانوني.
- لا يجوز للدولة أن تطرد لاجئا أو ترده بأية صورة من الصور إلي حدود الأقاليم التي تكون حياته أو حريته مهددتين فيها بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو انتمائه إلي فئة اجتماعية معينة أو بسبب آرائه السياسية.
- تأمين استيعاب اللاجئين ومنحهم الجنسية، وتبذل (الدولة) كل ما في وسعها لتعجيل إجراءات التجنس وتخفيض أعباء ورسوم هذه الإجراءات إلي أدني حد ممكن.
- منح اللاجئين المقيمين بصورة نظامية في الدولة نفس المعاملة الممنوحة للمواطنين فيما يخص الأمور التالية:
أ) الأجر بما فيه الإعانات العائلية إذا كانت تشكل جزءا من الأجر، وساعات العمل، والترتيبات الخاصة بساعات العمل الإضافية، والأجازات المدفوعة الأجر، والقيود علي العمل في المنزل، والحد الأدنى لسن العمل، والتلمذة والتدريب المهني، وعمل النساء والأحداث، والاستفادة من المزايا التي توفرها عقود العمل الجماعية.
ب) الضمان الاجتماعي (الأحكام القانونية الخاصة بإصابات العمل والأمراض المهنية والأمومة والمرض والعجز والشيخوخة والوفاة والبطالة والأعباء العائلية، وأية طوارئ أخري تنص القوانين والأنظمة علي جعلها مشمولة بنظام الضمان الاجتماعي).
ج ) ترتيبات ملائمة تهدف للحفاظ علي الحقوق المكتسبة أو التي هي قيد الاكتساب.
د ) الإعانة الحكومية الكلية أو الجزئية المدفوعة بكاملها من الأموال العامة.
ه ) حق التعويض عن وفاة لاجئ بنتيجة إصابة عمل أو مرض مهني.
و ) الحفاظ علي الحقوق المكتسبة أو التي هي قيد الاكتساب علي صعيد الضمان الاجتماعي.
هذا غيض من فيض الحقوق التي ترتبها الإتفاقية على عاتق الدولة المضيفة، فهل لبنان بإمكانياته المادية والمعنوية الحالية قادر على تأمين هذه التقديمات للاجئين السوريين وغيرهم من اللاجئين؟!
وهل لبنان قادر ببنيته التحتية وبتركيبته الديموغرافية وبموقعه الجغرافي وتعقيداته السياسية والطائفية والفئوية والأمنية قادر على القيام بجزء من هذه الأعباء؟!
من أقوال شارل ديغول أن "السياسة مسألة خطيرة جداً من أن تترك للسياسيين".
فكيف الأمر إذا كان معظم السياسيين الذين يحكمون البلاد اليوم في واد، ومصلحة البلاد والمواطنين في واد آخر؟!
* أحمد حسّان
اتفاقية عام 1951 الخاصة بوضع اللاجئين
تعليقات: