حاجز الجيش على مدخل الضاحية الجنوبية من جهة كنيسة مار مخايل (عن الإنترنت)
أثناء دخولك إلى الضاحية الجنوبية لبيروت، تصطدم بزحمة سير خانقة، إلى جانب زحمة من الشائعات والخوف. لكن تذمر العديد من المواطنين بشأن هذه الزحمة الخانقة، بالإضافة إلى التهديدات الأمنية الجديّة والشائعات المخيفة التي تواكب أهالي الضاحية، لم يمنع الحشود، من شيوخٍ ورجالٍ ونساءٍ وأطفال، من المشاركة بشكل كثيف في المجالس العاشورائية التي يقيمها كل من "حزب الله" وحركة "أمل في مناطق وأحياء مختلفة.
عند قدومك إلى الضاحية عبر أي مدخل من مداخلها، يستوقفك حاجز للجيش تسبقه زحمة سير خانقة، قد تضطر من خلالها أن تنتظر حوالي ربع ساعة أو أكثر (بحسب المنطقة التي تدخل منها) حتى تصل إلى الحاجز، فيطلب منك الجندي أن تنتظر قليلاً ريثما تنتقل إلى حاجز آخر على بعد بضعة أمتار، حيث يتم تفتيش سيارة تلو الأخرى. هذا الأمر لم يكن يحصل على كافة مداخل الضاحية خلال الأشهر الماضية. وبالإضافة إلى اعتماد هذه الطريقة منذ اليوم الأول لعاشوراء، يلي حاجز الجيش أو القوى الأمنية الثاني، على بعد بضعة أمتار أيضاً، حاجز لشرطة "اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية"، حيث يقوم عناصره بالتأكد من هوية المارّة.
أما عند نقطة الذروة، بين الساعة السابعة والثامنة مساءً قبل بدء المجالس العاشورائية، ينتشر عناصر شرطة البلدية وعناصر الانضباط التابع لـ"حزب الله" و"أمل" على الطرقات لتأمينها وتكثيف الإجراءات الأمنية على الطرق المؤدية إلى الخيم حيث تُقام المجالس. وعلى سبيل المثال، ينتشر عناصر الانضباط على جادة السيد هادي نصرالله كلّ يحمل جهازه اللاسلكي، وبعضهم يحمل سلاحاً، لتنظيم السير وتأمين الشوارع الملاصقة المؤدية إلى مجمعي "القائم" و"سيد الشهداء"، حيث ترى أيضاً حواجز لتفتيش الرجال والنساء من الوافدين إلى الخيم التي تُقام فيها المجالس. ويمكننا رصد مدى التشدد في التفتيش من خلال التفتيش والتدقيق في حقائب النساء وعربات الأطفال، وقطع الطرق المؤدية إلى تلك الخيم بالسيارات والحواجز الحديدية.
على المقلب الآخر في بعض أحياء بيروت كزقاق البلاط وخندق الغميق، لا يمكنك أن ترى أي أثر لعناصر شرطة بلدية كالتي تنظم السير وحركة المرور في الضاحية الجنوبية، بل ترى عناصر حزبية، بلباس حزبي، تغلق طرقات الأحياء الضيقة أصلاً بحواجز إسمنتية أو حديدية، ومنهم من يضع خيماً مغطاة بأقمشة سوداء على جانب الطريق، ما أدى إلى زيادة زحمة السير في تلك المناطق.
وعند انتهاء المراسم العاشورائية بين التاسعة والعاشرة مساءً، تكتظ شوارع الضاحية من جديد بمغادري المجالس من رجال ونساء وشيوخ وأطفال، حيث تمتلئ مطاعم الضاحية، وخصوصاً تلك المتواجدة على جادة هادي نصرالله. ما يؤكد ان الشائعات التي صدرت عن نوايا لاستهداف الضاحية والمجالس العاشورائية بعمليات انتحارية لم تُجدِ نفعاً في تقليص أعداد المشاركين.
ويُذكّر أحد المشاركين في المجالس بالتفجيرات والعمليات الانتحارية التي استهدفت المسيرات والمجالس العاشورائية في العراق خلال الأعوام الماضية، ويقول إن التخوف من أن يحصل هنا مثلما كان يحصل في العراق يجعلنا نتفهم غاية تلك الحواجز والإجراءات التي يتم اتخاذها من أجل سلامتنا. وعندما تسأل أحد المارّة عن رأيه بتلك الإجراءات الأمنية المكثفة على جادة هادي نصرالله قبل بدء المجلس العاشورائي، يقول لك: "الله يعطيهم ألف عافية ويحميهم، هم يضحون بأنفسهم ويعرضون أنفسهم للخطر من أجل سلامتنا، ولولا هذه الإجراءات، يعلم الله ما قد يحصل والدماء التي قد تسيل".
خلال خطبة اليوم الأول في مجمع "سيد الشهداء"، طمأن الأمين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله المشاركين بأن التهديدات الأمنية أقل مما كانت عليه في العام الماضي، داعياً إلى مشاركة كثيفة في إحياء مراسم عاشوراء. واللافت للانتباه أن كل تلك التهديدات والشائعات لم تقلّص عدد المجالس العاشورائية والمشاركين فيها، بل إن الإجراءات الأمنية التي تم اتخاذها منذ اليوم الأول لبدء مراسم عاشوراء جعلت الأهالي يشاركون بشكلٍ يوجه رسالة تحدٍ لكل من يريد تهديد أمنهم وسلامتهم. فهنا، لا بد من الاعتراف بجدوى الحواجز الأمنية والإجراءات الكفيلة بحماية المواطنين من أي اعتداء إرهابي محتمل.
تعليقات: