مواجهات جبل الشيخ... تلهب الدروز في العرقوب والجبل


سقوط عشرات القتلى والجرحى.. ودعوات إلى التهدئة

الجيش يمنع تمدد النار السورية إلى العرقوب

طارق ابو حمدان

تجاوزت منطقة حاصبيا والعرقوب، في الساعات الأخيرة، مطباً أمنياً بالغ الخطورة، كاد أن يقحمها في متاهات الصراع السوري الداخلي وتفرعاته، وذلك بفضل قرار قيادة الجيش اللبناني بمنع إدخال جرحى سوريين ينتمون إلى «الجيش الحر» إلى مستشفيات المنطقة لتلقي العلاج من جهة، واستشعار قيادات المنطقة حساسية الموقف وخطورته من جهة ثانية.

وفي التفاصيل، أنه في ساعة متأخرة من ليل أمس، بدأت تتواتر إلى منطقة العرقوب أخبار المجزرة التي ارتكبها «الجيش السوري الحر» بمجموعات من «قوات الدفاع الوطني»، معظمهم من القرى الدرزية الواقعة في المقلب الشرقي لجبل الشيخ.

وحصل استنفار سياسي وأمني لبناني، خصوصاً بعد أن اعترض الجيش اللبناني قافلة من البغال كانت تنقل 11 جريحاً من «الجيش الحر» إلى مستشفيات المنطقة، وتزامن ذلك مع تهديدات محلية بتصفية الجرحى إذا أدخلوا الى عمق الأراضي اللبنانية.

وجرت اتصالات عاجلة بين مديرية مخابرات الجيش في الجنوب وقيادة الجيش ومديرية المخابرات في اليرزة، أفضت إلى اتخاذ قرار بمنع دخول أي لاجئ سوري إلى لبنان حتى لو كان جريحاً.. إلا في حالات إنسانية قاهرة (أطفال، مسنون ونساء حوامل).

وأفسح الجيش، أمس، المجال أمام فرق من الصليب الأحمر اللبناني للانتقال إلى المرتفعات الغربية لجبل الشيخ (على مسافة كيلومتر واحد من حاجز الجيش اللبناني) حيث عملت على إسعاف معظم الجرحى وتزويدهم بالأمصال والأدوية اللازمة، باستثناء أربع حالات خطرة تم نقلها إلى بيت جن، وتردد في ساعة متأخرة من ليل أمس أن المسلحين نقلوهم إلى مستشفيات في شمال فلسطين المحتلة عبر مرتفعات الجولان.

وأفاد شهود عيان أن مقاتلي «قوات الدفاع» حاولوا استعادة بلدة بيت تيما الدرزية في ريف القنيطرة التي كان يحتلها «الجيش الحر»، ليل أمس الأول، لكن المسلحين نصبوا كمائن للمهاجمين، ما أدى إلى وقوع مواجهات عنيفة بين الطرفين تجاوزت أطراف بيت تيما نحو الخربة وعين الشعرة، وسقط خلالها 28 قتيلاً من «قوات الدفاع»، بينهم 20 من قرية عرنة الدرزية وحدها، وعرف منهم:

منذر مرشد، أسد أبو مرة، فهد أبو مرة، عقاب أبو مرة، سامر زغيب، رامي بدر الدين، شوقي زغيب، ماهر كبول، نواف زغيب، عامر الأرزوني، عامر العبد الله، مجد نصر، صايب طليعة، حســن صالح، عامر داود وبشار داود.

وعلى الفور، تدخل الجيش السوري النظامي، وقصفت طائراته مواقع «الجيش الحر» في بيت جن ومزرعة بيت جن ومحيطهما، فيما كانت المواجهات البرية تجري بضراوة في محاور عين الشعرة، بيت تيما، كفر حور، بيت جن ومزرعة بيت جن.

وفيما تحدث «المرصد السوري لحقوق الإنسان»، عن مقتل 26 عنصراً من عناصر «الدفاع الوطني» وما لا يقل عن 14 مقاتلاً من «النصرة» و«الكتائب الإسلامية»، ذكرت وكالة «سانا» أن القوات السورية «قتلت عدداً من الإرهابيين وجرحت آخرين خلال اشتباكات في بيت جن».

وأجرى النائب وليد جنبلاط الموجود في موسكو اتصالات بعدد من القادة الأمنيين وبمشايخ المنطقة، وشدد على أهمية الحفاظ على التعايش في منطقة العرقوب وعدم السماح بامتداد نيران الحرب السورية إليها.

وفيما أكد مشايخ البياضة وقوفهم خلف الدولة والجيش اللبناني، حذر جنبلاط «من استخدام الدروز لمواجهة الثورة السورية»، وقال في تغريدة عبر «تويتر» من موسكو: «آن الأوان للمصالحة مع المحيط والوقوف على الحياد»، مذكراً بأنه سبق له أن نبّه «إلى مخاطر التورط مع النظام (السوري)». وأسف النائب طلال ارسلان، «لتعرض القرى الدرزية لحرب غادرة من حماة الإرهاب وحاملي مشروع تفتيت المنطقة».

--------------- ------------ --------------

تركت المعارك الاخيرة التي دارت بين قوات"الدفاع الوطني" الموالية للنظام السوري وجيشه وبين "جبهة النصرة" في عدد من البلدات في جبل الشيخ من الجانب السوري ذيولاً في قرى حاصبيا والعرقوب وصولا ً الى العمق الدرزي في جبل لبنان، ولا سيما بعد سقوط 27 مقاتلا وعشرات الجرحى من الدروز السوريين. وتتفاوت التفسيرات في الشارع الدرزي اللبناني الذي يتابع ما يحصل في سوريا من تطورات عسكرية وميدانية وصلت الى قلب بيئته التي تستهدفها الجماعا ت المسلحة بسسب وقوفها مع الرئيس بشار الاسد والانخراط في صفوف الجيش .

ماذا يحصل في بلدات العرقوب في الايام الاخيرة ؟ ولا سيما بعد سماح الجيش اللبناني لمجموعة من عناصر الصليب الاحمر بمعالجة عدد من جرحى المسلحين السوريين عدم ادخالهم الى الاراضي اللبنانية. ولاقت هذه الخطوة ارتياحا في صفوف الاهالي وسائر القوى السياسية الممثلة في العرقوب على مختلف مشاربها سواء كانت تؤيد المعارضة او تختلف معها.

وكان لكلام رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي النائب وليد جنبلاط تاثيراً عند الدروز ، ولا سيما عندما دعا من موسكو ابناء طائفته في سوريا الى الحياد ، على عكس موقف رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني النائب طلال ارسلان المؤيد للاسد وضرورة الوقوف في وجه الجماعات التكفيرية والتصدي لها.

من جهته الامين العام للحزب الديموقراطي وليد بركات يؤكد لـ "النهار" ان ما يحدث في الاراضي السورية لا ينعكس على علاقات الاهالي وابناء بلدات شبعا والعرقوب وحاصبيا" لانهم يشددون ويجمعون على الحفاظ على الاستقرار في منطقتهم . ولا تلتقي خياراتهم مع جماعات ارهابية مثل النصرة وداعش. ويتعاطى الجميع مع ما يحدث في جبل الشيخ والبلدات السورية المتاخمة للاراضي اللبنانية بروح من المسؤولية".

ويضيف "ثمة جهات تعمل على التعاطي مع الجرحى السوريين من خلال البعد الانساني . ونحن نرفض ادخالهم الى الاراضي اللبنانية مهما كانت الاسباب. وحسناً فعل الجيش في تعاطيه مع المجموعة الاخيرة من الجرحى ، لان الجميع يدرك خطورة هذا الامر باعتراف ائمة المساجد والفاعليات السياسية في المنطقة".

وكان لسقوط هذا العدد من "الدفاع الوطني" في البلدات الدرزية السورية الوقع الكبير عند ابناء الطائفة في بلدات حاصيبيا والجبل. ويقول بركات " اهلنا في سوريا من الدروز وسائر الوطنيين من كل الطوائف يخوضون معركة ضد الارهابيين ويقفون الى جانب الجيش، لان هذه الجماعات تتعاون مع الاسرائليين وتكفر كل من لا يلتقي معها بمن فيهم ابناء الطائفة السنيىة الكريمة. واذا حاول هؤلاء الاقتراب من بلداتنا في العرقوب ومناطق اخرى سيتصدى الاهالي لهم ولن نسكت عن انتهاكاتهم وتهديداتهم وهذا امر محسوم".

وسئل النائب جنبلاط يدعو الى الحياد ما هو رد حزبكم على هذا الكلام؟

ويجيب " مع احترامنا لكلام وليد بك، الا اننا لن نقف في هذه المعركة على الحياد رغم ثقتنا بالجيش اللبناني والجهود التي يبذلها في هذا الشأن".

ويختم بركات " ان هذه الحرب مفتوحة بين السوريين الوطنيين والتكفيريين ، ولن نسمح بامتدادها الينا، ولا يجوز ان نتفرج ونبقى على الحياد ، لان تهديدات هذه الجماعات نسمعها يوميا وهي لا تميز بين لبناني واخر . ومن الاجدر والاسلم ان نتحضر لها".

تعليقات: