نال جرداق عدداً كبيراً من الجوائز وكرمته أكثر من مؤسسة وآخرها مؤسسة عبد العزيز البابطين التي منحته جائزة الإبداع الشعري للعام 2014
كان لِدوي سقوط القلم من يد الراحل جورج جرداق إيذانا بأن يوقظ الرعب والخوف في النفوس.. ليس الخوف لخروج الروح من الجسد وزوال الحياة وحلول الموت(كل نفسٍ ذائقة الموت) أو الخوف لتعثربنية بيوت الشعر وصُرُحها ومنابرها أو إختفاء صولجان الأدب ..لبنان الوطن زاخر بالعطاء من صنوف الادباء والشعراء والبلغاء..
ان طبيعة الإنسان تأنس بالأمان ..الأمان الجسدي والروحي والفكري والعاطفي..فالنفس يُفرحُها ظل شجرة وارفة يُنعم بظلها.. فيداهمها الخوف والهلع في خريف قادم يُخشى من عواصفه العاتية بانتُذهب بورافتها فيتماثل للنفس صورا قبيحة يعتليها اليبوس والذبول والموت القادم .... ليس الخوف من تساقط الأوراق وذهاب خضرتها وظلها بل الخوف ان تذهب تلك الحياة المصاحبة بحركتها لحركة التجدد فإن لم تأتي الحياة ثانية بورافتها وظلها وتستنهض فينا اللقاء الذي يمنحنا الأمان تقع الفاجعة ونكون أُسارى الضياع والتفكك ...
ليس كلمة الشعر التي تجمعنا بل روح الكلمة التي تأسست على التقوى والمحبة والتفاعل والانسجام والاحترام والفضيلة لا يخيفنا ان تذهب وتتلاشى الأشعار لان اجمل الاشعار بِيعت سلعاً على اعتاب قصور الحكام وبلاطها لكن يخيفنا ان تموت تلك الروح الجميلة التي أسست مساحات من الوطنية وقبب شامخة عاشت الناس تحت ظلها بحمامية مطلقة أسست لوعي وطني تعدى حدود الطائفية المقيتة وأزال الكثير من دَرنهاعلى يد الشاعر العظيم والكاتب العبقري الراحل جورج جرداق...
يخيفنا ان تختفي هذه المدرسة الوطنية بشعرها وآدابها وفلسفتها الفضلى يخيفنا ان لا تتجدد الجردقيات في حياتنا التي ولجت غياهب الضياع وتدلت برأسها نحو الهاوية وثقافة تتساقط تحت بساطيل الفّارين وهوية كأنها رجس شيطاني في غور بحر لُجي...
جرداق ليس مجرد شاعرا وكاتبا بل صاحب نظرية عمادها صون الفضاء الوطني بكل عناصره ومكوناته الإجتماعية التي تسبح فيه ومناهل تطفح بسلسبيل عذب يروي تلك المروج المخضوضرة بالعطاء العلمي والمعرفي والفلسفي..هي نهضة إنسانية تجمع ولا تفرق تآنس الجميع فيهاوطوّعت كل المتناقضات واذابة كل المتعارضات وحل فيهاالوفاق والإنسجام وروح المحبة بين ابناء الوطن الواحدإن تلوث الفضاء كفيل بان يطيح بعناصره فلنحذر ونعلم بان تحلل الجسد لا يؤثر فيزيائيا على مجريات حركة الطبيعة ولكن قتل الروح التي اسسها جرداق والتي إتَّسعت على مساحة الوطن يخيفنا ضياعها وسقوطها الى الأبد...
* عبداللطيف حسن عبدالله - قطر
تعليقات: