الانتحاري المسيحي ايلي الورّاق
مشروع انتحاري ينتمي في الهوية الى الديانة المسيحية في قبضة القوى الامنية، ايلي الورّاق فجّر صدمة لدى لبنانيين قبل أن يفجّر نفسه فيهم، فهذه أوّل مرة يدخل مسيحي باب "الجهاد" كاسراً احتكار الإسلاميين المتشددين له، الأمر الذي يضيء على القدرة التي بلغها التطرف في غسل الأدمغة.
والده طوني متعهّد البناء رفض في حديث لـ "النهار" ما تم تداوله عن ان ابنه اعتنق الديني الإسلامي، رغم توقيفه مع بسام حسام النابوش والسوري مهند علي محمد عبد القادر، حيث كانوا يتهيأون للقيام بعمليات إرهابية تستهدف مراكز للجيش وأماكن سكنية، ويتجوّلون ببطاقات سورية وفلسطينية مزوّرة، بحسب بيان الجيش اللبناني الذي صدر أمس، والذي جاء فيه أيضاً ان التحقيقات أظهرت انتماء الموقوفين لمجموعة المطلوبَين الفارَّين أسامة منصور وشادي المولوي، ومبايعتهم لتنظيمات إرهابية، ومشاركتهم في القتال في سوريا وفي الاعتداءات على الجيش وفي الاشتباكات بين منطقتي جبل محسن وباب التبانة.
أخبار ذات صلة
من هو "الانتحاري الحي" بسام نابوش الذي اعتقله الجيش؟
ماذا قال أهالي بلدة "الانتحاري" ايلي الوراق لـ"النهار"؟
هو ابن بلدة شربيلا في عكار، لكنه ولد وترعرع في مجدليا - القبة في طرابلس، وتربّى وسط عائلة يسودها جو من الألفة والمحبّة. الوالد المصدوم بخبر إلقاء القبض على ابنه، والذي وصل اليه عبر وسائل الإعلام قال: "مستحيل ان أتوقع توقيف ايلي بمثل هذه التهم، نعم كان في الفترة الأخيرة يبيت خارج المنزل لمدة طويلة، لكنه كان يبرّر ذلك بالملل لعدم عثوره على وظيفة مناسبة، بعدما ترك سلك الدرك الذي التحق به مرتين".
ليس إرهابياً!
بعد التفجير الانتحاري المزدوج الذي استهدف جبل محسن، كثّفت مخابرات الجيش البحث عن مشتبه في علاقاتهم مع مجموعات إرهابية، وتمّ توقيف ايلي الملقب بـ"أبو علي" وزميليه قبل نحو أسبوع، وبحسب ما تمّ تداوله عن تسريبات من التحقيق، فقد اعترف ايلي بمخطّط كان يحضّر على صعيد واسع في لبنان وفي قسم منه استهداف عدّة بلدات في عكار.
"أصدقاء ايلي كثر، سواء في منطقته أو عبر الانترنت"، بحسب والده طوني الذي أضاف: "لكنّي لم أسمع من قبل بالاسمين اللذين ذكرهما بيان الجيش"، ومع ذلك يصرّ الوالد الذي يحاول إظهار التماسك والتخفيف من هول القضية والتهمة التي تمسّ الأمن الوطني، على أن ولده "بيتوتي، لا يحب الخروج من المنزل كثيرًا وإن كان في الفترة الأخيرة يتغيّب لفترات طويلة". وعما إذا سافر الى تركيا كما ذكر قال:"نعم سافر منذ فترة لمدّة أسبوعين هو وأحد زملائه من أجل شراء أدوات والمتاجرة بها، وأطلعني على الأمر، وهذا أمر طبيعي أن يسافر الإنسان، وأين الخطأ في ذلك؟".
طوني يرفض أن يكون ابنه إرهابياً ويعتبر أن وسائل الإعلام ضخّمت الخبر، وأضاف: "لم يلقَ القبض على ايلي وبحوزته سلاح، أو يحاول تفجير نفسه... ابني لم يؤذ ولم يجرح أحداً في حياته، وإذا غرّر به بعضهم فأحمد الله أنه تم توقيفه قبل أن يتورط بعمل أمني ويتسبّب بإيذاء أو مقتل أحد كما يقولون، اليوم هو بعهدة القوى الأمنية والدولة التي بالتأكيد ستُنصفه، وأنا أؤمن وأثق كل الثقة بقائد الجيش".
هل كان ايلي مسيحياً؟
الأب جورج برباري أكد لـ"النهار" أنه "لا يمكن لإنسان يعتنق الدين المسيحي أن يتورّط مع المجموعات الإرهابية، لذلك ايلي هو مسيحيّ أو فقط على بطاقة الهوية، لا أحد يعرف مدى الايمان في قلبه حتى انقلب مباشرة الى التطرّف، ما يعني أنه لم يأخذ شيئاً من تعاليم الدين المسيحي التي تدعو الى المحبة وعدم قتل النفس أم الآخرين. الدين المسيحي حياة، وهو أن أضحي بنفسي كي يعيش الآخر لا أن أقتل نفسي أو الآخر، فالمسيح مات كي يحيا أحبَّتُه".
لا شك في أن ايلي تأثر بأصدقائه ومعتقداتهم المتطرّفة، كون ايمانه المسيحي ضعيف إن لم يكن معدوماً، لكن ما يصدم بحسب الاب برباري أن ايلي "لم يعتنق فقط الإسلام بل ذهب الى التطرّف البعيد حتى عن الدين الإسلامي".
عقوبة "أبو علي"
لم يعُيّن طوني محاميًا لولده بعد، لكن شرح المحامي فواز زكريا لـ"النهار" ما ينتظر ايلي و بعض الموقوفين الإسلاميين في حالات مماثلة، فقال: "هذه المجموعات يتم تحويلها الى القضاء العسكري في المرحلة الاولى، فيصدر قاضي التحقيق بأفرادها قراراً ظنياً، بناء على المواد الجرمية 335 و 4 و5 و6 من قانون 1958 ، ووفق المادة 72 أسلحة والمواد 549 و549/201 قتل عمد. عقوبة هذه التهم تصل الى الإعدام في حال موت أحد الاشخاص". لكن، أضاف زكريا: "هذه القضايا تحديدًا، وفي المحكمة العسكرية يتمّ اجمالاً اتّباع خطّ معين وهو أن كل معتدٍ على الجيش اللبناني تكون عقوبته كبيرة نسبياً، أما من لم يعتدِ على الجيش أو من لم ينفذ العملية يصل حكمه الى سنتين أو ثلاثة لا أكثر".
وفيما يتعلق بحالة ايلي، قال: "كان لديه النيّة بتفجير نفسه لكنه لم يقم بالعملية، هنا سيتمّ التحقيق معه لمعرفة هدفه والمكان الذي كان يريد ان يفجّر نفسه فيه، وعلى ضوء النية الجرمية ستحدد المواد التي سيحول من خلالها الى المحاكمة والتي سبق أن ذكرتها".
توقيف ايلي له دلالات كثيرة أهمها القوة التي وصل اليها المتطرّفون في غسل أدمغة الشباب، فالأمر لم يعد مقتصراً على نقل مسلمين من ضفة الاعتدال إلى ضفة التطرّف بل نقل مسيحي الى قمة التطرّف.
تعليقات: