طبقة الأوزون بين الواقع والوقاية المطلوبة

أوزي أوزون سيزور الخيام قريباً ضمن حملة بيئية
أوزي أوزون سيزور الخيام قريباً ضمن حملة بيئية


يهدد الكرة الأرضية عدد من المشاكل البيئية التي تنذر بمخاطرها مختلف الكائنات الحيّة على سطح الأرض من إنسان ونبات وحيوان مما استدعى كافة المنظمات الحكومية وغير الحكومية في العالم إلى تضافر الجهود لمواجهة هذه المشاكل والتقليل من ضررها من خلال رفع مستوى الوعي عند الإنسان ودرء المخاطر والقضاء على المسببات واستبدال بعض المواد المسببة لدمار البيئية بمواد أكثر صديقة لها.

إحدى هذه المشاكل البيئية هي استنزاف طبقة الأوزون التي هي جزءا من الغلاف الجوي الذي يحيط بالكرة الأرضية.

من أهم وظائف طبقة الأوزون هي حماية سطح الأرض من الأشعة ما فوق البنفسجية أو UV التي ترسلها الشمس والتي تسبب أضراراً بالغة للإنسان كأمراض سرطانات الجلد وضيق التنفس وحالات الإرهاق والصداع وغيرها من الاضطرابات التي تعكس مدى تأثر الجهاز العصبي والتنفسي من جراء التركيز العالي للأوزون في الهواء.

إن استنزاف طبقة الأوزون وزيادة الأشعة ما فوق البنفسجية يؤديان إلى تكوّن السحابة السوداء " الضباب الدخاني" التي ينجم عنها قصور في وظائف التنفس والاختناق كالتي حدثت عام 1952 في لندن وحوّلت النهار إلى ليلا ً على مدى بضعة أيام وأدت إلى خسارة فادحة بالأرواح تجاوزت الأربعة آلاف شخصاً.

إن تآكل طبقة الأوزون وتزايد كمية اختراق الأشعة ما فوق البنفسجية إلى سطح الأرض يضعف من كفاءة جهاز المناعة لدى الإنسان ويجعله أكثر عرضة للإصابة بالأمراض الفيروسية والبكتيريا. كما ويؤدي إلى تضرر العين بأضرار كبيرة مثل الإصابة بالمياه البيضاء (أي إعتام عدسة العين) ويسبب الإصابة بالأورام الجلدية التي من المتوقع أن تصل الإصابة بها إلى 300 ألف إصابة سنوياً من السرطانات الجلدية.

هذا ولم تسلم الحياة النباتية من تأثير استنزاف طبقة الأوزون ، فإن بعض النباتات لها حساسية عالية على الأشعة ما فوق البنفسجية مما يؤثر على إنتاجيتها وقيمتها الغذائية.

كذلك هي الحال بالنسبة للحياة البحرية، فإن تعرض الأسماك والعوالق النباتية(التي تشكل أساس الغذاء للأسماك) للأشعة ما فوق البنفسجية، يؤدي إلى دمار التنوع البيئي.

يضاف إلى هذه الأضرار الناجمة عن ثقب طبقة الأوزون ارتفاع في درجات الحرارة وحرائق الغابات وظاهرة التصحر والارتفاع في مستوى سطح البحر.....

فما هو الأوزون وما هو استنزاف طبقة الأوزون؟

الأوزون هو غاز طبيعي مركّب من ثلاث ذرا ّت أوكسجين O3 يشكل طبقة رقيقة تحيط بالأرض وتسمى طبقة الأوزون. إنه غاز نادر جدا ً، إذ يتواجد كل ثلاثة جزئيات منه بين 15 ملايين جزء من الهواء.

يوجد غاز الأوزون بنسبة 90% في طبقة الستراتوسفير على ارتفاع ما بين 19 و 48 كلم عن سطح الأرض وله دور مفيد جداً.

على الرغم من ندرة وجوده يمتص الأوزون ما بين 97% و99% من الأشعة ما فوق البنفسجية فيمنعها من الوصول إلى الأرض وعليه فإن استنزاف طبقة الأوزون هو تناقص في مستويات غاز الأوزون في طبقة الستراتوسفير.

يقوم الإنسان بأعمال عديدة تؤدي إلى استنزاف طبقة الأوزون بشكل قوي، وعلى سبيل المثال، استخدام مركبات كيميائية من شأنها أن تزيد من ترقق طبقة الأوزون في منطقة القطب الجنوبي. إذ تحتوي هذه المواد على ذرا ّت من الكلورين أو البرومين التي تؤدي إلى استنفاد الأوزون.

أشد هذه المركبات خطورة هي مركبات الكربون الكلورية الفلورية أو ما يعرف بالـ CFC الذي يستخدم بالنشاطات الصناعية والزراعية وغيرها مثل (مطافئ الحريق، البرادات، صناعة الإسفنج، تصنيع المعادن وصقلها، مكيفات الهواء، تعقيم التربة....)

إن كل واحدة من ذرا ّت الكلورين أو البرومين يمكنها أن تدمر أكثر من 100000 جزء من الأوزون.

يتعرّض الإنسان إلى الأشعة ما فوق البنفسجية في العديد من الأماكن وعند القيام بالنشاطات في الهواء الطلق. فإن الأشعة ما فوق البنفسجية تصل إلى ذروتها في منتصف النهار بين الساعة العاشرة صباحا ً والثانية من بعد الظهر. فماذا باستطاعتنا أن نفعل؟

بعد مبادرة الأمم المتحدة والإقرار باتفاقية فيينا لحماية طبقة الأوزون عام 1985، تم إصدار بروتوكول مونتريال عام 1987 الذي يهدف إلى الحدّ من استعمال المواد المستنفذة للأوزون واستبدال بعضها بمواد مستنفذة بشكل خفيف والبعض الآخر بمواد صديقة للأوزون. وبناء عليه قامت الدول الصناعية الكبرى بتقديم المساعدات المالية للدول النامية بغية الالتزام ببروتوكول مونتريال وتمّ إنشاء مكاتب معلومات وتوعية خاصة بالأوزون في كل دولة وقعّت بروتوكول مونتريال.

لذا فإن طبقة الأوزون يمكن أن تستعيد حالتها الطبيعية إذا استمرت مبادرات حمايتها والحفاظ عليها وبذلك فإنه من المقدر أن تستعيد طبقة الأوزون عافيتها مع حلول عام 2050.

وحتى ذلك الحين، يبقى على الإنسان أن يأخذ حذره ويتخذ كافة التدابير لحماية نفسه وأطفاله من الأشعة ما فوق البنفسجية وذلك من خلال:

- عدم إطالة البقاء تحت أشعة الشمس ولا سيّما خلال فترة النهار (من الساعة العاشرة صباحا ً ولغاية الثانية من بعد الظهرً)

- تزويد الأطفال بقبعة لحماية الرأس وملابس واقية من الشمس وملائمة للنشاط الذي يقومون به خلال فترة الاستراحة في المدرسة أو ممارسة أي رياضة في الهواء الطلق.

- وضع النظارات الشمسية التي تحمي العيون من الأشعة ما فوق البنفسجية عند البقاء مطولا ً خارج المنزل.

- وضع المستحضرات الواقية من الشمس والتي تحمي البشرة من الأشعة ما فوق البنفسجية( وهي تتراوح بين SPF 15 و SPF 30) أثناء السباحة أو عند تواجدنا على شاطئ البحر أو على الثلج وأيضا ً خلال ممارسة الرياضة.

* ماجستير في علوم التغذية و إدارة الجودة

وعضو الهيئة الإدارية بمنتدى المرج

تعليقات: