الحجاب شرع في جميع الأديان السماوية وليس استحباباً كما يحلو للبعض
ما زال الجدل قائم بين فئات البشر حول المرأة وحقوقها وحريتها منذ الوجود ومنهم من يحملها مصائب البشرية جمعاء الى يومنا هذا... والناس تركت كل شئ، وكأن لم يعد اي عمل تقوم به سوى حجاب المرأة!
هل هو شرعاً ام تخلفاً.. ام هو استعباداً من الرجل لخنق حريتها؟...
اصحاب النفوس الضعيفة، عبّادين المال يزيّنون للمرأة الحياة الرفيهة، كما يزين الشيطان للناس زينة الدنيا والتمتع بها ويلهيهم عن عبادة الله. هؤلاء المرضى نفسياً اللاهثين والراكضين وراء المال يستغلون جسد المرأة ابشع استغلال، تارة استخدامها كراقصة في البلاط الملكي ومن ثم في المراقص الليليلة، وطوراً كعارضة أزياء لإظهار مفاتنها امام القريب والبعيد، ومن ثم استغلالها في إبراز مفاتنها وما ظهر فيها من المحاسن على شاشات التلفزة في استخدامها كوسيلة للإعلانات لأي سلعة، وأحياناً السلعة المعلن عنها لا تمت بأية صلة بجسد المرأة، وهذه الأعمال يقوم بها الرجل بإغداق المال على المرأة لتصبح فيما بعد العوبة في يده.
طبعاً هذا العمل لجعل المرأة خارجةً عن مفهوم الدين في جميع الديانات السماوية "اليهودية، النصرانية والإسلامية" مقابل حفنة من المال، وهذا العمل مخطط له من الصهيونية العالمية بالرغم من ان الصهيونية تنتمي الى الديانة اليهودية، ولكن بالنسبة للصهيونية لا فرق عندها حتى ولو استغلت اليهوديات في سبيل افساد الديانات الأخرى مُتبعةً المثل القائل "الغاية تبرر الوسيلة".
الرجل والمرأة اللذين يروّجون بأن "الحجاب للمرأة تخلف" تخلوا عن المبادئ والعادات والتقاليد في مجتمعاتهم منذ وجود الخلق من اجل المادة غير آبهين بما يؤدي هذا العمل من تفكك في المجتمع والأسرة وفساد الأخلاق.
المرأة في ايام الفراعنة اي منذ اكثر من 7000 سنة كان لباسها محتشماً وحتى في ايام النبي يعقوب والنبي يوسف كانت المرأة ترتدي الحجاب وليس نساء الأنبياء فقط وكان لباسها فضفاضاً.
وحتى لا نذهب بعيداً وفي عصرنا الحالي فإن نساء البلاط الملكي البريطاني يرتدين لباساً محتشماً ويعتبرن التعري للمرأة يقلل من قيمتها، وهذا اللباس تيمناً بلباس السيدة العذراء "مريم" التي كرمها القرأن الكريم حيث جاء فيه:
"اذكر في الكتاب مريم اذِ انتبذت من اَهلها مكاناً شرقياً ( 1 مريم) " فاتخذت من دونهم حجاباً.. ( 17 مريم).
لقد كرمها الله عندما اتخذت الحجاب فأرسل اليها روحه فتمثل لها بشراً سويا، والحشمة في ارتداء الحجاب للمرأة سترُ ما يجب ستره من جسدها، وقد اقتدى الراهبات لغاية اليوم بلباس الحشمة كما كانت السيدة العذراء سلام الله عليها، والقديس بولس يحلل قَص شعر المرأة التي تكشف عن رأسها.
وبعد السيد المسيح "سلام الله عليه" جاء رسول الأمة محمد بن عبدالله ( ص ) ليكمل الرسالة التي جاء بها المسيح كما اكمل المسيح رسالة النبي موسى عليه السلام، وليحرر سيد الخلق محمد بن عبدالله ( ص ) المرأة من قيود كثيرة وإعطاءها حقوقها كاملة.
الله سبحانه وتعالى تذكيراً للنساء خاطب النبي بالآية الكريمة:
"يا نساء النبي لستن كأحد من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض وقلن قولاً معروفاً". (الأحزاب 32) .
الله سبحانه وتعالى يخاطب النساء وليس نساء النبي فقط بأن لا يكلموا الرجال بكلام رقيق وبألاسلوب الذي تخاطب به زوجها، او تنظر اليه نظرة توحي بالريبة وإلا طمع فيها الشباب العاهر الفاسد، هذا من ناحية القول فكيف اذا كانت شبه عارية كما نرى اليوم.
والحشمة لم تقتصر على المرأة فقط بل تتعدى ذلك الى الرجل حيث قال الله في كتابه العزيز "قل للمؤمنين يغضوا من ابصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك ازكى لهم إن الله خبير بما يصنعون ( النور 30 )"
وهذا امر من الله وليس نهياً بأن على الرجل ان لا ينظر للمرأة إلا الى وجهها وكفيها فقط ويغض البصر عن المحرمات لأن ذلك ابعد عن الذنب وأقرب للتقوى.
" وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخُمُرِهنّٓ على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن ... ( النور 31 ) ". كما امر الله الرجل بغض البصر كذلك أمر المرأة ، وساوى بينهما وفي هذا دلالة واضحة بتحريم النظر للرجل مع الأمر بإرتداء الخمار ( غطاء الرأس ) والجيب ( فتحة القميص ) والمراد به هنا الصدر ،وكما تقدم فإنه امر من الله تعالى للمؤمنات ان يسترن الشعور بدلالة " خُمُورِهن " والصدر والنحر بدلالة جيوبهن .
كذلك جاء في الآية الكريمة " .. فسألوهن من وراء حجاب ذلكم اطهر لقلوبكم " وطبعاً هذا لا يختص ببيت النبي وحده بل يتعداه ليعم ويشمل كل البيوت ، وهذا ما اجمع عليه المفسرون ، والمقصود اطهر لقلوبكم الإبتعاد عن الفساد والفتنة والأفكار السوداء عند الرجال والنساء .
من سياق ما تقدم ان الحجاب شرع في جميع الأديان السماوية وليس استحباباً كما يحلو للبعض، ومن يعتبر العري تقدم وحضارة يدعو الى الفساد في المجتمع ، التقدم والحضارة هو ستر جسد المرأة عن الأجنبي احتراماً لها وإعطاءها حقوقها المسلوبة من قبل الرجل وتمكينها من ابداء الرأي بحرية تامة فضلاً عن تحريرها من عبودية الرجل الذي يمارس عليها شتى انواع القهر كما كانت قبل ظهور الإسلام، وهذا ما شرحناه في التفصيل في سلسلة المقالات ( المرأة قبل الإسلام وبعده ) ، اما العري او التعري للمرأة للذي يعتبرونه رقي وحضارة فهناك رد من المغفور له المرحوم العلامة محمد حسين فضل الله اثناء مقابلة تلفزيونية على سؤال له من مقدمة البرنامج في هذا الموضوع حيث اجاب : " اذا كان العري حضارة فالماعز متقدم علينا ألاف السنين " .
* الحاج صبحي القاعوري - الكويت
تعليقات: