السليقا هي تلك التي تنبت في الأرض حيث لم تصل إليها أبداً، الأسمدة الكيمائية التي تفسد هذه الأعشاب
بهمة عالية ونشاط تحمل أم حسن عليا الحمد معولها الصغير بيد وأكياس متوسطة الحجم باليد الأخرى، متوجهة مع الصباح الباكر، إلى الحقول والبراري، لجمع الأعشاب البرية المعروفة بـ"السليقا".
و"السليقا" تضم العديد من الأنواع التي تحفظ المرأة أسمائها وتعرف كلاً منها لمجرد رؤيته. فتوزع كل صنف في كيس.
تقول أم حسن: "حقاً إنه موسم وفير لم نشهد له مثيلاً منذ سنوات، ساهمت في إنجاحه الأمطار الغزيرة هذه العام، بحيث بات أملنا كبيراً بغلة جيدة، تسد جانباًً من حاجياتنا الملحة، خصوصاً وأن الزبائن باتوا ينتظرون غلتنا التي نسوقها بالجملة داخل محال الخضار أو بالمفرق عند تقاطع وجوانب الطرقات.
وحول حملة سلامة الغذاء، ترى الحمد، بأنها باتت بدورها دافعاً قوياً لتوجه المواطنين إلى هذه النباتات البرية، لا سيما ربات المنازل اللواتي تخلين عن الأصناف الغذائية «غير المطابقة للمواصفات» بحسب تقارير الوزارة، الى «السليقا» البرية قبل غيرها من الخضار، قائلة "نحن نبيع للزبائن ما يشبه الأدوية، إنها صحية جداً، خالية من المواد الكيميائية وتقضي فعلاً على أمراض متعددة.
تمضي النازحة السورية حمدي السمورة إلى سهل الوزان ، أسابيع عديدة تبقى خلالها في الحقول البرية مع العديد من أطفالها. تجمع أكبر كمية من هذه النباتات التي تميزها جيداً. تعمد إلى غسلها في مجاري الينابيع ومن ثم توضبها داخل أكياس، موزعة بين "العلت" و"الهندبة" و"الكراث" و"الزويتي" وغيرها من الأنواع.
تقول "يأتي الينا تجار جملة مع ساعات المساء، ليشتروا نقداً تحويشة النهار. تتعاون عائلتي المؤلفة من 6 أشخاص كلها في جمع السليقا، نقصد البراري والحقول باكراً، نقطع نباتها الوفير حتى ساعات بعد الظهر، ننظفها، نوضبها وتكون جاهزة، لنبيعها للتجار الذين يتهافتون على هذه النبات بشكل ملفت"، مشيرة إلى أن كيلو "العلت مثلاً بـ5000ليرة وكيلو "المشي" بـ6000 ليرة وكذلك "قرص العني" و"الدردار"، لكن بالمفرق السعر يزيد بنسبة 50في المئة تقريباً.
وعن أفضل أنواع "السليقا" تشير جميلة حمدان، إلى أنها "تلك التي تنبت في الأرض البور وبين الصخور، حيث لم تصل إليها أبداً، الأسمدة الكيمائية التي تفسد هذه الأعشاب". وفي شأن حركة البيع توضح: "نبيع يومياً أكثر من 20 إلى 30 كيلوغراماً من هذه الحشائش، أنها مطلوبة وزبائنها إلى ارتفاع، علماً أن موسمها يستمر لنحو شهرين فقط". و"السليقا" باتت من أنظف الموائد الصحية، لقد تفوقت على الخس والملفوف والقرنبيط ،حتى يمكن القول إنها تضرب سوق الفاكهة والخضار في هذه الفترة. البعض يعتبرها دواءً طبيعياً وضرورياً للصحة وكلها منافع.
يقول النازح من إدلب إلى سهل مرجعيون عمر العويني، "نستغل هذا الموسم لنسد جانباً من حاجياتنا المادية، في ظل انخفاض المساعدات الدولية، باتت السليقة مورد رزقنا في فصل الربيع. أنا اعرف كل أنواعها ومنها على سبيل المثال لا الحصر الدردار- المشي- العكوب- الرشاد- الزويتي –العلت- كف الدب- لسان الثور- كف العروس- الكراث- الشمرة- القرقميش- السبينخة- القرة- الجرجير- البقلة- السنينير". ومن الأعشاب الطبية يعدد الزعتر- القصعين- اكليل الجبل- الهليون- الزوفا- رعي الحمام- الخباز- رجل الدب- عصا الذهب- كيس الراعي- المردقوش- الأقحوان- الحندوق- الشمار.
ودخلت "السليقا" وبقوة في المجال التجاري، كما يشير أصحاب محال الفاكهة والخضار في حاصبيا ومرجعيون. فالمشهد اليومي، لعشرات الأكياس المعبأة بهذه الأعشاب بات مألوفاً في مثل هذه الأيام من كل عام، وبالإضافة إلى عملية البيع والتجارة، يعتبر العديد من أبناء الجنوب موسم "السليقا" فسحة للاستجمام بين أحضان الطبيعة، فبالنسبة لهم مشوار «السليقا» متعة وراحة نفسية، إضافة إلى كونه فرصة لجمع وجبة غذاء شهية لا تتوفر إلا في هذه الفترة من السنة، اضافة الى إستخدام بعضها في علاج العديد من الأمراض، لا سيما الانفلونزا والسعال والربو والحروق حتى لسع الحشرات.
تعليقات: