يافطة عند مدخل بلدة شبعا
عين على تعزيز الصمود وأخرى على تحرير المزارع الغنية بمياهها وتربتها
شبعا - في أقصى الجنوب الشرقي للبنان وفي واد ضيق يحتضنه جبل حرمون ترتاح بلدة شبعا التي كانت وما زالت عنواناً للكبرياء والتضحية في مواجهة العدو الإسرائيلي منذ نكبة 1948 وحتى اليوم، حيث ما زال هذا العدو يحاصرها بنيران اسلحته من مواقعه في تلة المرصد الذي يتحكم بالبلدة تحكماً تاماً لقربه منها·
تعبر بلدة شبعا المعروفة بـ "أم العرقوب"، أكبر بلدات قضاء حاصبيا الذي تتبع له، إن لجهة عدد سكانها الذين يناهزون الـ 35 ألف نسمة، أو لجهة مساحة أراضيها، حيث يتبعها 15مزرعة ما زالت محتلة من قبل العدو الإسرائيلي منذ العام 1967، وهي: برختا، بيت البراق، كفردوار، الرمتا، مشهد الطير، زبدين، فشكول، قفوة، المغر، خلة غزالة، الربعة، مراح الملول، كرم الزيتوني، الروس، النقار، ومزرعة بسطرة التي حررت في العام 2000 ابان الاندحار الإسرائيلي عن الجنوب والبقاع الغربي·
وهذه المزارع غنية بمياهها العذبة وبتربتها الخصبة، وكانت تشكل مورد رزق أساسي، بل وحيد في معيشة 90% من العائلات "الشبعاوية" كما انها مزارع غنية بالمواقع والأماكن الأثرية القديمة، لذلك كانت محط أطماع للعدو الإسرائيلي، الذي مازال يرفض الإنسحاب منها طمعاً بخيراتها، عدا عن موقعها الجغرافي، الذي يتحكم بمرتفعات الجولان وشمال فلسطين المحتلين·
في شبعا، ثانوية رسمية وتكميلية مختلطة للصبيان والبنات ومدرسة ابتدائية، وأخرى خاصة، وفيها أيضاً مركزاً لـ "الصليب الأحمر اللبناني" وآخراً للدفاع المدني، وفيها 3 مساجد وهي: مسجد عمر بن الخطاب، مسجد خالد بن الوليد، ومسجد أبي بكر الصديق، الذي انشئ مؤخراً في حي الوسطاني بتمويل من المملكة العربية السعودية ودولتي الكويت والإمارات العربية المتحدة، وتشرف عليه "جمعية وقف النور الخيري" التي يرأسها الشيخ محمد الزغبي، وتعني بتكفل اليتامى ومساعدة الفقراء والمحتاجين وتتبع لدار لفتوى في الجمهورية اللبنانية·
عانت شبعا الكثير جراء الاحتلال الإسرائيلي واعتداءاته المتكررة والمتواصلة منذ مطلع السبعينيات، وهي نفضت عنها غبار الحرب بعد التحرير مباشرة في العام 2000، وشهدت نهضة عمرانية لافتة بفضل عودة أبناءها إليها، بعدما كانوا قد هجروها قسراً منذ العام 1982، وخصوصاً المغتربين منهم، كما وكان لبلديتها التي انشأت في العام 2001 دوراً مميزاً في هذا المجال باشراف وتوجيه من رئيس مجلسها عمر الزهيري، فتحققت العديد من المشاريع الإنمائية والعمرانية والخدماتية، مما ساهم في تعزيز صمود الأهالي وتشبثهم ببيوتهم وأرضهم، كما ساعدتهم على تخطي وتجاوز الآثار السلبية التي خلفتها حرب تموز العام الفائت على أوضاع البلدة بشكل عام·
من يدخل شبعا اليوم يراها مختلفة تماماً عما كانت عليه قبل 5 أو 6 سنوات، وخصوصاً لجهة القصور والمنازل الجميلة التي شيدت خلال هذه الفترة، إن كان وسط البلدة أو عند مدخلها الغربي الرئيسي ولمسافة 500 متر تقريباً، زينتها جدران دعم من الحجر المكروس اقامتها البلدية على جانبي الطريق بعد توسعيها وإعادة تأهيلها وفلشها بالإسفلت·
الزهيري
على طريق عام شبعا، الهبارية يستوقفك تنفيذ مشروع ضخم وهو بناء "مستشفى الشيخ خليفة بن زايد" بتمويل من المشروع الإماراتي لدعم واعمار لبنان، بالتعاون مع البلدية التي قدمت قطعة أرض لهذه الغاية، كما يؤكد رئيس البلدية عمر الزهيري الذي لفت إلى "أهمية هذا المشروع الذي كان بمثابة حلم بالنسبة لأبناء شبعا والعرقوب وأصبح اليوم حقيقة نظراً لحاجته الملحة·
وأوضح "أن هذا المستشفى سيؤمن الخدمات الصحية لأكثر من 35 ألف نسمة من أبناء المنطقة، وعملية البناء تأتي من خلال دراسات وتصاميم أعدتها ادارة المشروع بالتعاون والتنسيق مع وزارة الصحة اللبنانية، ووفق أحدث المعايير العالمية، سواءً في الجانب المعماري، أو الجانب الفني الطبي وبما يلي متطلبات سكان المنطقة من الرعاية الصحية الشاملة، حيث يتكون المستشفى من أربعة طوابق: طابقان تحت الأرض، وطابقان فوقها، وملحق للعيادات الخارجية، و هذا المستشفى يتسع لـ 40 سريراً في الحالات العادية، وسوف يجهز بأحدث المعدات والتقنيات الصحية والطبية، وسيحوي أقساماً للمختبرات والأشعة والطوارئ وأٍقساماً أخرى للعمليات والتعقيم وغيرها"·
وأشار الزهيري إلى "أن الإنتهاء من تنفيذ هذا المشروع وبحسب العقد مع الشركة المنفذة "هايكو" سيكون في شهر كانون الأول من العام المقبل 2008، وأن حكومة دولة الإمارات العربية المتحدة ستتحمل وحدها كافة تكاليف البناء، وتكاليف تزويده بكل المعدات والأجهزة الطبية اللازمة"·
ولفت إلى سلسلة مشاريع انمائية وخدماتية نفذتها البلدية بحسب الأولويات والضروريات، التي تتلاءم وحاجة أبناء البلدة·
وأمل الزهيري بأن "تفرج الدولة عن الأموال المستحقة للبلديات لتتمكن البلدية من استكمال المشاريع التي تنوي تنفيذها، وجعل شبعا بلدة نموذجية بكل ما للكلمة من معنى"·
حمدان
من جهته منسق "تيار المستقبل" في شبعا والعرقوب الدكتور بسام حمدان أشار إلى أنه "هناك 5 مستوصفات في البلدة حكومية وشعبية، بهدف تأمين الخدمات الصحية للأهالي"·
ولفت إلى "أن الوضع الصحي في شبعا كان صعباً للغاية قبل تحريرها من العدو الإسرائيلي في العام 2000 بسبب نقص الأدوية الذي كانت تعاني منه هذه المستوصفات، نتيجة الحصار الشديد، الذي كانت تفرضه قوات الاحتلال على البلدة، وخصوصاً والمنطقة بشكل عام، وأن الأهالي مروا بظروف صعبة وخصوصاً خلال فصل الشتاء، أو أثناء تعرض البلدة للقصف حيث أن أقرب مركز صحي أو مستشفى للبلدة كان "مستشفى مرجعيون" الذي يبعد عنها 35 كلم، وهذا ما كان يتسبب بوفاة المريض أو الجريح قبل التمكن من نقله إلى المستشفى"·
وأضاف: أما اليوم فالوضع تحسن نسبياً، حيث انشأنا في البلدة مركزاً لـ "الصليب الأحمر اللبناني"، وآخراً للدفاع المدني، وتم تجهيزهما بالسيارات والمعدات اللازمة وتعمل البلدة على تغطية نفقاتهما، كما أن الدولة تساهم إلى حد ما في تأمين بعض الأدوية إلى مستوصفي الحكومي والشؤون الاجتماعية، وذلك بهمة البلدة، كما أنه وبحكم موقع شبعا الجغرافي وقربها من مواقع العدو "الإسرائيلي التي ما زالت تتربص بها شراً في أية لحظة، فقد عمدت "مؤسسة الشهيد الرئيس رفيق الحريري" بتوجيه من نجله النائب سعد والسيدة نازك رفيق الحريري، والنائب بهية الحريري إلى افتتاح "مركز شبعا الصحي الإجتماعي" وجهزته بالمعدات الطبية اللازمة، وتزودة على الدوام بالأدوية خدمة لأبناء البلدة، تعاطفاً معهم للتخفيف من معاناتهم والتعويض عما لحق بهم من حرمان خلال العقود الماضية، كما عملت المؤسسة أيضاً على افتتاح مركز آخر في البلدة لجهاز المتطوعين، وهو الثاني بعد مركز صيدا الرئيسي، وزودته بسيارة اسعاف مجهزة للحالات الطارئة ويضم المركز 40 متطوعاً ومتطوعة من ابناء البلدة نذروا أنفسهم لخدمة الأهالي لا سيما المرضى والمصابين·
وتطرق حمدان إلى "المساعدات الإنسانية والإجتماعية والتربوية التي قدمتها "مؤسسة الحريري" لأبناء شبعا والعرقوب والتي كان لها دور كبير في التخفيف من معاناتهم ومساعدته على الصمود والتشبث في بيوتهم وأرضهم"·
المختار هاشم
المختار عبدو حسن هاشم اشار إلى انه في "شبعا 8 مخاتير يتدبرون شؤون الناس، ويؤمنون لهم حاجياتهم الإدارية، بعضهم يسكن في البلدة، وهو احدهم، والبعض الآخر حيث يتواجد أبناء شبعا في العاصمة بيروت ومناطق أخرى"·
وإذا كان هاشم مطمئناً إلى الوضع الأمني والسياسي داخل شبعا خاصة بعد انتشار الجيش اللبناني إلى جانب قوات "اليونيفيل" فإنه يعتب كثيراً وباسم أبناء البلدة جميعاً على "التقصير المزمن والمتعمد من قبل الدولة، وخصوصاً المؤسسات الخدماتية فيها تجاه أبناء شبعا، الذين لم يتأخروا يوماً عن القيام بواجباتهم تجاهها، ودفع ما يترتب عليهم من ضرائب ورسوم، حتى في أحلك الظروف"·
وأضاف: خلال حرب تموز من العام الماضي نالت شبعا نصيبها من اعتداءات العدو الإسرائيلي، مما تسبب بأضرار مادية بالغة في المنازل والممتلكات، فحتى اللحظة لم يقبض أي متضرر من أبناء البلدة قرشاً واحداً، في الوقت الذي دفعت فيه التعويضات للمتضررين في مناطق أخرى·
وتساءل هاشم: أين التعويضات المستحقة لنا عن الأضرار التي سببتها الإعتداءات الإسرائيلية التي سبقت حرب تموز، والتي أجرت الفرق الفنية التابعة لـ "مجلس الجنوب" الكشف عليها منذ أكثر من سنتين فهل نحن درجة ثانية!
وتابع: أين حقوقنا في التعويضات التي قدمتها "الهيئة العليا للإغاثة" للمزارعين في مناطق أخرى، علماً أن مزارعي البلدة تضرروا كثيراً في حرب تموز، وخصوصاً النحاليين منهم، لقد خسروا موسمهم كما فقدوا كل قفران النحل نتيجة استهدافها من قبل مدفعية العدو الإسرائيلي، وسلاح طيرانه·
وأمل هاشم من المسؤولين في الدولة "أن يعودوا إلى ضميرهم، ويقوموا بواجباتهم تجاه أبناء شعبا والعرقوب، لأنه يكفيهم ما عانوه من بؤس وحرمان لعقود طويلة"·
الموقع
تبعد شبعا عن العاصمة بيروت 130 كلم، ويحدها من الشرق: جبل الشيخ، ومن الغرب: جبل الوسطاني، ومن الجنوب: مزارعها المحتلة، ومن الشمال: وادي جنعم، الذي يشكل ممراً طبيعياً للبلدة مع البقاع·
تكتنفها بساتين الجوز والكرز والخوخ والتفاح وتشتهر بغزارة وعذوبة مياهها التي تتفجر على شكل ينابيع من لحف جبل الشيخ، اغزرها نبع الجوز، الذي يروي بساتينها، وكذلك نبع المغارة الذي يغزي بمياه الشفة العديد من بلدات وقرى قضائي مرجعيون وحاصبيا منذ الثلاثينيات وحتى يومنا هذا·
أهالي شبعا يشكلون 4 عشائر هي: آل هاشم، آل عساف، آل زليخا، وآل برغشة، وكل عشيرة تضم عشرات العائلات، لكن الجميع يلتقون من خلال تكاتفهم وحبهم لبعضهم البعض حول مصلحة شبعا والنهوض بها للتعويض عما لحق بها من غبن وحرمان مزمنين، نتيجة الاحتلال الإسرائيلي البغيض، ولابعاد عنها أية فتنة داخلية أو أي عمل تخريبي من أية جهة كانت، من شأنه أن يعكر صفو أمن واستقرار البلدة وسلامة أبناءها، الذين لا هم لديهم سوى تحرير مزارعهم من رجس الاحتلال الإسرائيلي وعودتها إلى أصحابها الشرعيين وإلى كنف الوطن·
منظر عام لبلدة شبعا
تعليقات: