هل نحن على أبواب انتفاضة جديدة في العراق؟


نوري المالكي رئيس الوزراء السابق كان محل مراقبة شديدة من المخابرات الأمريكية ومن يدور في فلكها في المنطقة، كل هذا بسبب تشدده وتصليبه بخروج امريكا من العراق بدون شروط عام 2011، ومنذ ذلك التاريخ عملت المخابرات الأمريكية على زعزعة الأمن في العراق لعدم رضوخ المالكي لطلبات امريكا، من تفجيرات داخل المدن الى تحريض بعض العقول المريضة الطامعة في اكتساب منصب ولو على حساب الوطن وشعبه، وبقي الحال هكذا وحتى أصبحت الطبخة جاهزة فجرتها بوجه المالكي بعدم تشكيله الوزارة الجديدة وساعدها على ذلك دول إقليمية لا ترغب بوجود المالكي على رأس الوزارة ، وابتدأت الضغوط والأحداث تتسارع حتى وصل الوضع الى حافة الإنفجار والذهاب الى حرب أهلية طائفية بين الشيعة والسنة ، والذين خططوا لها أرادوا من وراء ذلك امتدادها الى كل العالم العربي ومن ثم العالم الإسلامي ، وبذلك يكون الهدف الذي عملوا لأجله يتحقق ، ولكن حكمة المرجع الأعلى للطائفة الشيعية في العراق السيد علي السيستاني " دام ظله " فوت هذه الفرصة على المخططين وأصدر فتواه الشهيرة بالتحاق الشعب لقتال الأرهابيين تحت أمرة الحكومة ، وسمي التطوع فيما بعد بالحشد الشعبي ، فكانت هذه ضربة قاضية للمخطط.

طلب السيد السيستاني من المالكي عدم تأليف الحكومة الجديدة ، وتم الإتفاق بموافقة جميع الأطراف المتصارعة على شخصية حيدر العبادي، وقبل التسليم والتسلم ب 3 ايام كان الحشد الشعبي يحرر بلدة " امرلي " وبالعربية " أمير علي " التي بقيت محاصرة لأكثر من 80 يوماً من قوات داعش التي لم تستطع اقتحامها والدخول اليها مع العلم ان عدد سكانها لا يتجاوز ال 18000 نسمة ، وتم تحريرها في عهد المالكي الذي زارها ثاني يوم التحرير .

الحشد الشعبي اصبح أمراً واقعاً في محافظة صلاح الدين وتكريت، ولم يستطع العبادي رئيس الوزراء الجديد استبعاده من المعارك .

أعطيت الأوامر الى القوات الحكومية يساندها " الحشد الشعبي " الأغلبية العظمى منه من الطائفة الشيعية وابتدأت عملية التحرير للقرى والبلدات التابعة الى مدينة تكريت وأثناء التحرير انضمت فئة من الطائفة السنية من اهالي المنطقة الى " الحشد الشعبي " وتقدم هذه القوات اذهل وأربك الولايات المتحدة والدول المتحالفة معها ، وبعد تحرير البلدات المحيطة بمدينة تكريت ودخول عدة احياء من مدينة تكريت ورفع العلم العراقي على المستشفى ،ابتدأت الولايات المتحدة وبعض الدول الإقليمية المتورطة في احداث المنطقة بالضغط على " حيدر العبادي " لإيقاف الزحف على المدينة ، العبادي تنقصه الحنكة السياسية والخبرة في دهاليز المخابرات وبقيادة الحكم ، وتحت هذا الضغط أوقف الزحف لإعطاء فرصة للإرهابيين بالإنسحاب او تسليم أنفسهم ، واتفق مع الدول المتحالفة بقيادة أميركا المساعدة في ضرب الإرهابيين داخل تكريت دون الرجوع الى قيادة الحشد الشعبي او الى أعضاء الحكومة ، وكانت اول غارة من التحالف على قوات الحشد الشعبي الذي اعتبر هذا الإتفاق مؤامرة عليه خاصة وهم ليسوا بحاجة الى قوات التحالف لأن سقوط المدينة بالكامل كان قاب قوسين او أدنى .

هذا الموقف من رئيس الوزراء استدعى معه قيادة الحشد الشعبي للتراجع والوقوف دون اقتحام وتحرير المدينة ، مما جعل رئيس الوزراء في موقف حرج ، وقد ظهر امام العراقيين وكأنه يتآمر عليهم - وتحت ضغط قيادة الحشد الشعبي تمت التسوية ان لا يتدخل التحالف إطلاقاً في المعركة ، تحركت القوات العراقية والحشد الشعبي وحاصرت تكريت من جميع الجهات وتم تحريرها .

عاد الخلاف من جديد بعد التحرير مع رئيس الوزراء ، لأن مخابرات واعداء العراق والحشد الشعبي اخذوا يروّجون ان احدأفراد الحشد الشعبي سرق ثلاجة من بيت في مدينة تكريت وآخر سرق سيارة ، طلب رئيس الوزراء تشكيل لجنة تحقيق لتحقق في ما نُسِب الى أفراد الحشد الشعبي .

المعروف ان أفراد الحشد الشعبي متطوعون لا يتقاضون رواتب من الدولة وذهبوا للمعارك لتحرير اجزاءً من بلدهم احتلها الإرهابيون بمساعدة الولايات المتحدة بإختراق الجيش يومها في الموصل الذي سلم محافظة صلاح الدين بكاملها .

موقف معيب من رئيس الوزراء تجاه الحشد الشعبي الذي ترك افراده عائلاتهم ليضحوا بأنفسهم ويَقتلون ويُقتلون ان يظن السؤ بهم خاصة وابن اللئيمة الذي ادعى بأن ثلاجته وهي مستعملة وتقريباً 17 قدم ، قد صدق رئيس الوزراء هذه الرواية دون ان يلتفت الى التضحيات التي قدمها أفراد الحشد الشعبي .

في معارك الأنبار اشترطت الولايات المتحدة على العبادي عدم تدخل الحشد الشعبي وهي كفيلة بمساعدة القوات العراقية وكان لها ما طلبت ، وابتدأت المعارك وابتدأت القوات العراقية تنهار والعشائر السنية تطالب بتدخل الحشد الشعبي ، وكان اخر مساعدة أميركا مؤامرة تسليم الرمادي كما حصل في الموصل .

ولا مفر امام العبادي إلا اللجؤ للحشد الشعبي الذي تمنَّع بداية عن القتال طالما قوات التحالف تتدخل ، وسوف تنسب تحرير الأنبار لها .

اتفق فيما بعد على دخول الحشد الشعبي الأنبار وبعد أخذ مواقعه لشن الهجوم ابتدأت طائرات التحالف بتزويد الدواعش بالأسلحة بواسطة " البراشوت ".

لننتظر الأيام القادمة وبعد تحرير الرمادي ومحافظة الأنبار كلها ، قد تحدث انتفاضة في وجه العبادي وإزاحته عن الحكم لأن هذه المرحلة تتطلب رجل قائد ذو حنكة سياسية وهذا ما يفتقده العبادي .

* الحاج صبحي القاعوري

تعليقات: