محسن ابراهيم
لا شك أنّ محسن إبراهيم شخصية فذّة (ومثيرة للاهتمام والدراسة) في كل أبعادها. فهذا الرجل استطاع أن يلعب دوراً مهمّاً ومميّزاً في سنّ مبكرة، منذ الخمسينيات، وقلّة من شباب وشابات اليوم يدركون (ويدركن) التأثير العميق الذي أحدثه إبراهيم في الحياة السياسية والفكرية العربية في التاريخ المعاصر (وفي الخطاب السياسي العربي المعاصر).
محسن إبراهيم مسؤول عن اجتراح الكثير من شعارات ومصطلحات حقبة الستينيات والسبعينيات، بسيئاتها (وبحسناتها ـــــ إن وجدت ـــــ). وقد لعب إبراهيم، وفي سنّ مبكرة جدّاً، دوراً رئيساً في حركة القوميّين العرب. ويمكن، لا بل يجب، نقد تجربة الحركة، وخصوصاً أنّها أنتجت فكراً يمينيّاً فاشويّاً (وخصوصاً في (عدم) فهمها للمسألة اليهودية)، بالإضافة إلى أنّها ضمّت في صفوفها أمثال فؤاد السنيورة ورفيق الحريري.
حركة القوميّين العرب والناصريّة
وكان إبراهيم متفوّقاً في إتقان صياغة العبارات والشعارات، حتى أنّه أثّر على الخطاب والدعاية الناصريّة. وتُظهر وثائق المرحلة الناصرية أنّ مكتب سامي شرف في رئاسة الجمهورية، أثناء حكم جمال عبد الناصر، كان يحوّل وثائق وأوراقاً لمحسن إبراهيم لاستخدامها في إعلام الحركة. لكنّ هذا الدور الهامّ والطويل لإبراهيم يحتاج إلى تقويم ونقد، وإن كان الرجل يميل إلى، لا بل يلوذ بالصمت هذه الأيّام. لكن لا يحق لإبراهيم أن يحرمنا من حقنا في مساءلته على مسائل تقع في صميم الحركة القومية العربية، ثمّ حركة اليسار الشيوعي العربي، بعد عملية «التحوّل» المصطنع إلى اليسار التي قامت بها من فوق حركة القوميين العرب.
ومن المعلوم أن إبراهيم كان مبكراً في وضع بصماته على وثائق وأدبيات الحركة. فكتابه (بالاشتراك مع هاني الهندي) عن إسرائيل (إسرائيل: فكرة، حركة، دولة) صدر في 1958. ومن حقنا أن نسائل إبراهيم في طروحاته. فهو قائد ملهم لحركة عبّرت عن الصراع مع الصهيونية بشعار الثأر القبلي الجاهلي (و«الثأر» كان اسم نشرة رسمية للحركة). وفي الكتاب المذكور، أسّس إبراهيم لفهم (أو سوء فهم) طبيعة الصراع مع إسرائيل، وكان الكتاب مُحبّذاً من قبل الأنظمة العربية المسماة خطأً بـ«التقدمية»، ولسنوات. وأسّس كتاب إبراهيم بصورة تُمسخ الكتابة الأكاديميّة (مصطحبةً المراجع باللغة الإنكليزية للتدعيم) لفهم مؤامراتي للمسألة اليهودية والصهيونية. ويرفض المؤلفان أية محاولة للفصل بين اليهودية وبين الصهيونية (كما كان يفعل وليد جنبلاط، تلميذ محسن إبراهيم، قبل أن يكتشف فضائل الصهيونية في «محاضراته» أمام أكثر المنظمات الصهيونية تطرّفاً في أميركا وفي جلسات الودّ مع إليوت أبرامز)، كما أن الكتاب يتضمن استشهاداً (مُوافِقاً) بهتلر (ص. 23)، ويشكّك (قبل عقود من أحمدي نجاد) بالمحرقة اليهودية. ويعزو المؤلّفان جرائم الصهيونية إلى خصال غير حميدة لليهود كيهود.
لكنّ من الإنصاف القول إنّ حركة القوميّين العرب، بما فيها محسن إبراهيم، تحوّلت عبر السنوات ـــــ حتى لا نقول تطوّرت، وتغيّرت ـــــ. لكنّها تحوّلت في الستينيات من منظمة مستقلّة اختطّت لنفسها خطاً قومياً خاصاً بها ومميّزاً عن حزب البعث، إلى أداة بيد النظام المصري، تبرّر له قصوره وأخطاءه وهزائمه. ولم يصدق محسن إبراهيم القول في واحدة من مقابلاته أنّه (وحركته) أجرى محاسبة للنظام الناصري بعد الهزيمة الشنيعة في حرب 1967 (محسن إبراهيم، الحرب وتجربة الحركة الوطنية اللبنانية، ص. 280).
في الواقع، كان محسن إبراهيم سبّاقاً في مديح حكم عبد الناصر بعد الحرب. صحيح أنّ محمد حسنين هيكل هو الذي حوّل الهزيمة ـــــ في المصطلح السياسي السيّئ الذكر فقط، لا في الواقع التاريخي أو العسكري ـــــ إلى «نكسة»، لكن إبراهيم هو نفسه الذي كتب تلك المقالة الشهيرة في مجلة «الحرية» بما معناه أن عبد الناصر لم يُهزم ـــــ على طريقة ياسر عرفات بعد اجتياح 1982 (كان يُعاب على العرب أنهم يحوّلون الهزيمة إلى نصر، لكن فريق 14 آذار نجح في دعايته السياسية في تحويل نصر حرب تموز 2006 إلى هزيمة للنيل من مكانة حزب الله). فقد كانت خدمة الناصرية قبل وبعد حرب 1967 من مهمّات محسن إبراهيم السياسية.
تعاظم الدور السياسي لإبراهيم في مرحلة السبعينيات، وبعد إنشاء منظمة العمل الشيوعي، وفي حقبة صعود الحركة الوطنية اللبنانية. ولا شك أن لإبراهيم سحراً خاصاً في أوساط مثقّفي (ومثقّفات) تلك المرحلة. كان الحزب الشيوعي اللبناني أقلّ نجاحاً في أوساط المثقّفين. كما أنّ منظّمة العمل الشيوعي نجحت أكثر من غيرها من الأحزاب اليساريّة في تلك المرحلة في جذب الرفيقات. ولم يكن هذا السحر الخاص للمنظمة ناتجاً عن طرح مميّز أو عن عقيدة خلّاقة. فالمنظّمة اعتنقت الشيوعيّة الستالينيّة في نسقها البكداشي، ولم تختلف عن الحزب الشيوعي إلا في التفاصيل ـــــ وحتى تلك التفاصيل زالت على مرّ سنوات الحرب الأهليةـــــ. لكنّ دور إبراهيم وأسلوبه المميّز مثّلا نقطة تحوّل في العمل اليساري الحزبي. ففي الوقت الذي كان فيه الحزب الشيوعي يعاني تسلّط قيادات ستالينيّة عريقة في البكداشيّة، كان إبراهيم أقلّ لينينيّة في الممارسة، كما أنّه رعى عنصر الشباب والشابات، ودفع بهم إلى مواقع قيادية (ولكن هل يُغفر له دفعه نصير الأسعد إلى موقع قيادي في المنظمة، أم أنها «زلّة» شبيهة بـ«اكتشاف» ميشال عفلق لصدّام حسين في مؤتمر حزبيّ في أوائل الستينيات؟)
اعتذار عن الحرب؟
لكن هذا الدور الهام الذي لعبه إبراهيم يحتاج إلى مساءلة، وهي مساءلة من نوع آخر يختلف عن ذلك النقد الذاتي الذي اقترحه إبراهيم في ذكرى جورج حاوي. فبدلاً من أن ينتقد إبراهيم انخراط الحركة الوطنية في الحرب الأهلية، من حقنا أن ننتقده بصورة عكسية، من حيث إهماله للتحضير لحرب أهلية كانت حتميّة نتيجة مخطّط إسرائيلي شاركت فيه قوى ما كان يسمّى عن حقّ آنذاك قوى الانعزالية ـــــ والتسمية لإبراهيم ـــــ.
وفي الوقت الذي كان فيه اليسار الثوري في داخل إطار الحركة الوطنية اللبنانية، وفي خارجها، ينبّه من مخطّط خطير تعدّه ميليشيات اليمين اللبناني منذ الستّينيات، ويدعو إلى التحضير للدفاع عن النفس ولردّ الأذى عن الثورة الفلسطينية، كان اليسار الإصلاحي المتمثّل بتحالف الحزب الشيوعي ومنظمة العمل الشيوعي (بالإضافة إلى كمال جنبلاط) ينتقد في السرّ وفي العلن «اليسار المغامر» (حتى أن كمال جنبلاط انتقد «اليسار المغامر» في اليوم الذي تلا تظاهرة معروف سعد الشهيرة في صيدا في 1975). كما أن مقولة استسهال الانجرار إلى أتون الحرب الأهلية التي جاءت في خطاب إبراهيم الأخير تعتمد على فرضية خاطئة: فالحرب الأهلية لم تكن خياراً هادئاً، بل إن حزب الكتائب ومن ورائه حلفاؤه الإقليميون كانوا يعدّون العدّة للحفاظ على النظام السياسي الطائفي (وهو لا يزال طائفياً طبعاً بالرغم من «إصلاحات» الطائف الطائفية) وللقضاء على الثورة الفلسطينية في لبنان، بعد مجازر أيلول في الأردن. ولم ننس قصف المخيمات بالطائرات اللبنانية في الفصل الأول من الحرب الأهلية في أيار1973. ثم ماذا يقترح إبراهيم؟ أن ينصاع اليسار للمخطط الكتائبي من دون تصدٍّ أو مقاومة في 1975؟ ثمّ ألم يستغلّ حزب الكتائب تجارب جلسات الحوار الشهيرة والطويلة في 1975 للمزيد من التسلّح؟
ويضيف إبراهيم بما معناه، أن اليسار في لبنان حمّل لبنان فوق طاقته بالنسبة إلى القضية الفلسطينية. وهذه مقولة بدأ إبراهيم بتردادها بعد هزيمة 1982، والتي تتحمل قيادة الثورة الفلسطينية وقيادة الحركة الوطنية ـــــ بصورة أقل نتيجة هيمنة القيادة العرفاتية ـــــ آنذاك مسؤوليتها (في تقصيرهما وفي عجزهما وفي عدم تحضيرهما). والتجربة الفائقة النجاح عسكرياً لقتال مئات من مقاتلي حزب الله في حرب تموز الأخيرة تزيد من المطالبة بمحاسبة الحركة الوطنية اللبنانية وقيادة المقاومة الفلسطينية اللتين فرّطتا بمواردهما وفوّتتا فرصة عظيمة في مواجهة إسرائيل وحلفائها في لبنان.
طبعاً، أسهمت الحركتان في تمهيد الأرض للاجتياح الإسرائيلي، عبر تجفيف بركة المياه التي تحدث عنها ماو تسي تونغ. لكن ما هي الأقساط التي تحملها لبنان بالنيابة عن فلسطين، والتي يكثر الحديث عنها في لبنان هذه الأيام؟ هل هي الحروب مع إسرائيل التي تجنبها لبنان، لا بل تواطأ في بعضها على الجيوش العربية؟ طبعاً، شارك اللبنانيّون واللبنانيات في الثورة الفلسطينية كأفراد، لكن الدولة والمجتمع في لبنان تآمرا على القضية الفلسطينية منذ إنشاء دولة إسرائيل، لا بل قبل إنشائها. إن لبنان هو الذي مثّل عبئاً على فلسطين، لا العكس. كما أن ثمن تجنب الحروب العربية ـــــ الإسرائيلية فاق بكثير ثمن الانخراط في المواجهة الفعلية. إن نظرية «قوة لبنان في ضعفه» كانت شعاراً زائفاً يهدف إلى دعم إسرائيل بالسر. ثم إن ما ينشر اليوم من وثائق إسرائيلية وغربية يتضمن الكثير عن علاقات وتحالفات مع إسرائيل، من ألفرد نقاش، الذي يبدو أنه كان صهيونياً متعصباً، إلى إميل إده إلى إلياس ربابي ومن خَلفَه في حزب الكتائب في إدارة دفة التحالف مع إسرائيل.
ولا يمكن أن نقبل قول إبراهيم إن ما توافر من مساعدات للحركة الوطنية اللبنانية كان «زهيداً» جداً (محسن إبراهيم، الحرب وتجربة الحركة الوطنية، ص: 49). كيف يمكن قبول هذا الزعم، فيما يعلم القاصي والداني، الكهل والرضيع، أن أنظمة اشتراكية وعربية ثرية أغدقت أموالاً طائلة على أحزاب ودكاكين يسارية وقومية أثناء الحرب، كما أن أموال ياسر عرفات هطلت على العديد من التنظيمات والدكاكين ـــــ وكان عرفات خلّاقاً في تفريخ الدكاكين والعصابات ـــــ وأصابت حلفاء عرفات في الساحة اللبنانية. وكانت الحركة الوطنية فاقدة للصدقية وللشفافية في تعاطيها مع تلك الأموال الطائلة. وإذا كان إبراهيم يشكك في حجم تلك «المساعدات» الطائلة، نستطيع أن ندلّه على قصور منيفة أُنشئت أو وُسّعت بأموال ثورية في لبنان وفي أوروبا.
أيّ قرار مستقلّ؟
لا يستطيع محسن إبراهيم أن يدّعي أنه كان من مناصري القرار اللبناني الوطني المستقل، في الوقت الذي كان فيه من أقرب وأوثق حلفاء ياسر عرفات على الساحة. وهل هناك من ناقض القرار الوطني اللبناني المستقل أكثر من ياسر عرفات، ومن أجل أولويات لا تخدم الثورة الفلسطينية نفسها؟ يمكن القول إن ياسر عرفات والنظام السوري، بطرق مختلفة، أنقذا ميليشيات اليمين اللبناني المتحالفة مع إسرائيل من هزيمة ماحقة. صحيح، أن إبراهيم كان صاحب شعار عزل الكتائب، ولكن الشعار (بالرغم من صوابية سياسية إثر مجزرة عين الرمانة) مثّل أضعف «الإيمان»، كما أنه أسهم في تأجيج الصراع الطائفي (من حيث لا يدري إبراهيم) لأن حزب الكتائب استغل الشعار بمهارة من أجل تصوير خصومه بالأعداء الطائفيين. والخطر الأكبر على استقلالية الحركة الوطنية اللبنانية، قبل التدخل العسكري السوري في عام 1976 وبعده، جاء من جانب ياسر عرفات. كما أن التحالف مع النظام السوري (والذي نظّر له إبراهيم بموافقة وليد جنبلاط ـــــ الذي كان آنذاك يعاني تلك الغشاوة اللعينة على عينيه ـــــ) أضعف من قدرة الحركة الوطنية اللبنانية على تقرير مسيرة الحرب ومصير لبنان. وكان يمكن لو أن الحركة الوطنية أصرّت على الحسم العسكري أن تختصر سنوات الحرب الضروس، وأن تُرسي دعائم نظام أفضل بكثير من الطائف، وأقرب إلى البرنامج المرحلي للحركة الوطنية.
أما بعد اجتياح 1982، فلا يذكر التاريخ المتجدّد اليوم إلا بيان إعلان جبهة المقاومة الوطنية في أيلول من 1982، من جانب جورج حاوي ومحسن إبراهيم. لكن التأريخ لجبهة المقاومة ـــــ اسماً وعملاً ـــــ يجب أن يبدأ في آذار 1978، عندما بادر العراقي الشيوعي، هاشم علي محسن، بصفته الأمين العام لحزب العمل الاشتراكي العربي ـــــ لبنان، إلى إطلاق جبهة المقاومة، وهو كان قد دعا الحزب الشيوعي ومنظمة العمل إلى الانضمام، لكنّهما تمنّعا لأسباب تعود إليهما (وكان الحزب المذكور قد قام بعمليّات حرب عصابات في البقاع ضد الجيش السوري بعد تدخّله إلى جانب ميليشيات الكتائب والأحرار في 1976).
ثم اختار محسن إبراهيم (ومعه حليفه وليد جنبلاط) أن ينهي تجربة الحركة الوطنية اللبنانية على إثر الاجتياح الإسرائيلي في 1982، بعد أن كانت بعض أطراف اليسار تدعو إلى تدعيمها، لا إلى تدميرها. واختارت منظمة العمل الشيوعي وأمينها العام انتهاج موقف مميز، بعد تنصيب أمين الجميل رئيساً على الجمهورية المتكسرة، إذ إن إبراهيم، خلافاً لعدد من أطراف اليسار آنذاك، رأى أنه من الخطل إصدار حكم مسبق على حكم أمين الجميل، وقال إنه سينتظر برنامج الجميل قبل إصدار الحكم عليه رئيساً. يبدو أن برنامج حزب الكتائب المتحالف مع إسرائيل فات انتباه إبراهيم آنذاك.
يساريّ سابق
وكان أن اضمحلت منظمة العمل الشيوعي، وبعض ذلك عائد لقرار ذاتي لا موضوعي ـــــ إذا ما استعملنا مصطلحات فترة باتت بائدة ـــــ. أما في التسعينيات، فتوثقت علاقة إبراهيم بياسر عرفات ـــــ حليفه التاريخي ـــــ إلى درجة أنه كان من القلة القليلة التي رافقت مسيرة المفاوضات السرية التي أدت إلى اتفاقات أوسلو، وكان عرفات يستشيره في الكبيرة والصغيرة. ولو نطق إبراهيم اليوم لسألناه عن تقويمه لأوسلو بعد مر السنوات. هل ما زال مؤمناً بصوابيتها، أم أنه يعترف بخطيئة أوسلو القاتلة؟
وظل محسن إبراهيم صامتاً، ولم تبدر عنه مواقف تُذكر في مرحلة ما بعد اغتيال رفيق الحريري. وهو، على ما يُقال، من أقرب مستشاري وليد جنبلاط (وهو في أسوأ مراحل تاريخه غير العابق بالأريج). وقد رأيناه أخيراً في قصر المختارة، في حفل تكريم سفير حسني مبارك في لبنان. كنا نفضّل أن نراه في مشهد تكريم ذكرى خالد علوان في شارع الحمراء. وكان إبراهيم جالساً بقرب صولانج الجميل في الحفل المذكور. هل تبادلا أطراف الحديث يا ترى عن هواجسها المتعلّقة بشرور «السوري والفلسطيني»، نتساءل؟ هل حدثته صولانج عن تلك الأطباق الشهية التي كانت تعدها بنفسها لأرييل شارون، على ما روى هو في مذكراته؟ أم أن إبراهيم أسبغ في حديثه معها صفة «الشهيد» على بشير الجميل ـــــ وصفة الشهيد باتت أرخص من البصل في لبنان، حتى أن معجمية يساري سابق تفتّقت عن مصطلح «الشهيد الشهيد» من باب التعظيم
المتطرّف.
محسن إبراهيم، وإن لم يجاهر، وبانتظار التصريح بالعكس، تحوّل إلى يساري سابق، وإن صدر عنه بيان مندد بالمخطط الأميركي مرة كل خمس سنوات، وإن كان لا يمثل النموذج المبتذل لليساري السابق المتجسد في شخص كريم مروة، الذي رأى أن «العمليات الاستشهادية» ذروة في العمل المقاوم في التسعينيات، ليعود اليوم في مرحلته الحريرية ليرى أن العمليات الانتحارية نموذجاً من ثقافة الموت. (وكريم مروة يحب الحياة حبّاً جمّاً، فاقتضى التنويه). وأخيراً، لو نطق محسن إبراهيم لسألناه عن سبب تفريخ منظمة العمل الشيوعي لهذا العدد الهائل من اليساريين السابقين الحريريين؟ نحتاج إلى تفسير ملحّ.
تعليقات: