برنامج الأمم المتحدة للبيئة في تقريره الرابع: تغيّر المناخ وانقراض الأنواع يهدد الإنسانية


حذر برنامج الأمم المتحدة للبيئة في تقريره الرابع حول "البيئة من أجل التنمية" من أن عدم إيجاد الحلول للمشكلات الثابتة كتغير المناخ وتدهور مصائد الأسماك وانقراض الأنواع "قد يهدد بقاء الإنسانية"، مؤكداً "أن نطاق التحدي ضخم".

وأكد أن "تلوث الأوزون على مستوى سطح الأرض آخذ في الزيادة عبر نصف الكرة الشمالي، مما يؤثر على صحة الإنسان وغلة المحاصيل، بما في ذلك المحاصيل الأساسية في بعض البلدان النامية"، لافتاً الى "أنه على الرغم من النجاح في الإلغاء التدريجي للمواد المستنفدة للأوزون، فإن "الثقب" فوق المنطقة القطبية الشمالية أكبر الآن منه في أي وقت مضى، مما يسمح بوصول الأشعة فوق البنفسجية الأكثر ضرراً للأرض، ويمكن أن يدمر هذا صحة الإنسان والنباتات والكائنات العضوية البحرية ويقلل إنتاج الغذاء".

وقال: "منذ 1987، ارتفعت الانبعاثات العالمية السنوية من ثاني أوكسيد الكربون الناتج عن الوقود الأحفوري بنحو الثلث. وتجعل زيادة ثاني أوكسيد الكربون المحيطات حمضية بدرجة أكبر، وتهدد المرجان والرخويات. وتبين العينات الجوفية الأسطوانية من الجليد أن مستويات ثاني أوكسيد الكربون والميثان تزيد كثيراً حالياً عن مدى تباينها الطبيعي عبر 500 ألف نسمة مضت: لقد دخل مناخ الأرض حالة غير مسبوقة في عصر ما قبل التاريخ الحديث".

ولفت الى "أن هناك الآن دليلاً "جلياً ولا لبس فيه" على آثار تغير المناخ، وهناك توافق في الرأي على أن الأنشطة البشرية كانت حاسمة في حدوث هذا التغيير"، مشيراً الى "أن بعض العلماء يعتقدون أن زيادة قدرها درجتان مئويتان في المتوسط العالمي على مستويات درجة الحرارة فيما قبل الصناعة هي العتبة التي بعدها يصبح خطر حدوث أمر كبير ولا يمكن إصلاحه أمراً جديراً بالتصديق".

وأشار التقرير الى "أن نمو السكان والتنمية الاقتصادية والأسواق العالمية، يحرك التغير في استخدام الأرض بمعدل غير مسبوق. ومنذ 1987، تراخى التوسع في الأرض الزراعية، لكن كثافة استخدام الأرض "زادت بصورة مثيرة". وكان الفلاح المتوسط ينتج عندئذ طناً واحداً: ويبلغ الإنتاج حالياً 1.5 طن. والهكتار من الأرض الزراعية الذي كان ينتج حينذاك في المتوسط 1.8 طنا، ينتج الآن 2.5 طنان (يتسبب في تدهورها، وهو تهديد يماثل في خطورته تغير المناخ ونقص التنوع الاحيائي. وهو يؤثر على رفاهية البشر، من خلال التلوث، وتآكل التربة، واستنفاد المغذيات وندرة المياه والتملح وإشاعة الاضطراب في الدورات الاحيائية). ويعاني الفقراء على نحو غير متناسب من آثار تدهور الأرض، خصوصاً في الأراضي الجافة وتدمير التربة يطلق الكربون العضوي: فقد تسبّب تغيرات استخدام الأرض في نحو الثلث من زيادة ثاني أوكسيد الكربون في الغلاف الجوي، خلال الخمسة عشر عاماً الماضية. ويعني نقص المغذيات تربة أقل إنتاجية في كثير من المرتفعات المدارية وشبه المدارية، ويتهدد الأمن الغذائي".

وقال التقرير: "ثلث أوروبا الواقعة في منطقة البحر المتوسط عرضة للتصحّر، الى جانب 85 في المئة من المراعي. ويدعم التدهور والفقر الواحد منهما الآخر. وتتعثر البلدان النامية جافة الأراضي في مقاييس التنمية البشرية. وتقوض ندرة المياه التنمية والصحة والنظم الإيكولوجية. ولكن المحاصيل المعدلة وراثياً لا تزال محل جدل في بلدان كثيرة، والإخصاب الخلطي لا بد أن يعني أنه في وقت ما لن يكون هناك أي محاصيل غير محورة وراثياً. وأخذت ترتفع ثانية، الانبعاثات العالمية من ثاني أوكسيد الكبريت، والتي تدمر الصحة وتشكل مكوّناً للأمطار الحمضية، تدفعها البلدان حديثاً".

ولفت الى "أن تغير المناخ، واستخدام المياه والنظم الأيكولوجية المائية، واستمرار الإفراط في الصيد، تؤثر كلها على المياه في العالم وعلى موارده المائية. والمحيطات هي المنظم الرئيسي للمناخ وتستوعب كميات حاشدة من غازات الدفيئة. لكن التغيرات التي تتعرض لها عالياً تؤثر على درجات الحرارة في القطب الشمالي والجليد (إذ ترتفع الحرارة هناك عن المتوسط العالمي بمقدار 2.5 مرتين)، وتملح المحيطات، والتهطال (الأمطار، وخليط المطر والبرد، والثلوج) والطقس المتطرف، بما في ذلك الجفاف والفيضان والأعاصير".

وقال: "لكن التغيرات الحالية في التنوع الاحيائي، هي الأسرع في التاريخ الإنساني، تعني الحد من خيارات التنمية. ونحو 60 في المئة من خدمات النظم الأيكولوجية التي جرى تقييمها من قبل، متدهور أو يستخدم على نحو غير قابل للاستدامة. وتغدو الأنواع منقرضة بمعدل أسرع 100 مرة من المعدل المبين في السجل الأحفوري، بسبب تغير المناخ، وفقدان الموائل، والإفراط في استغلال الموارد، والتلوث، وانتشار الأنواع الدخيلة الغازية. ومن بينها مجموعات الفقاريات الرئيسية التي جرى تقييمها بصورة شاملة، فإن 30 في المئة من البرمائيات، و23 في المئة من الثدييات و12 في المئة من الطيور مهددة بالانقراض. إن الأعداد في الحياة البرية آخذة في التناقص، ويعتقد أن التنوع الجيني طفق ينخفض. ويمثل اقتحام أنواع دخيلة وغريبة مشكلة متنامية".

وحذر تقرير "يونيب" من "أنه قد يهدد فقدان التنوع الجيني الأمن الغذائي: ذلك أن 14 نوعاً من الحيوانات تمثل 90 في المئة من إنتاج الماشية، ويهيمن 30 محصولاً على الزراعة العالمية، مما يوفر 90 في المئة من السعرات الحرارية في العالم. وبحث الناس عن الطاقة ـ وحتى الوقود الاحيائي ـ واستخدامه (من المتوقع أن ينمو الطلب بنسبة 53 في المئة على الأقل في عام 2030) عاملان أساسيان في التعجيل. بفقد التنوع الاحيائي، الذي يؤثر بدوره على صحة الإنسان ويغير أنماط الأمراض والتعرض لتفشي أوبئة الأمراض".

وأوضح "أنه للحد من آثار تغير المناخ لمستويات يمكن تدربها، اقترح الاتحاد الأوروبي ألا تزيد درجة الحرارة العالمية في المتوسط على درجتين مئويتين عما كان قائماً قبل عصر الصناعة. ويعني هذا ضمناً تخفيضات تبلغ 60 ـ 80 في المئة بحلول عام 2050 في البلدان المتقدمة وتخفيضات كبيرة في البلدان النامية إذا قبلت الالتزام بخفض الانبعاثات".

وقال: "لتدهور الأراضي الأولوية في معظم الأقاليم، ويمثل التصحر خطراً خاصاً في افريقيا، حيث انخفض نصيب الفرد من إنتاج الغذاء بنسبة 12 في المئة منذ 1981. ويتفاقم تدهور الأرض من جراء الجفاف وتغير المناخ، ويؤثر على الأنهار والغابات. ولا يزال الدعم غير العادل في الأقاليم المتقدمة يعرقل التقدم نحو زيادة الغلات. وتشمل الأولويات بالنسبة لآسيا والمحيط الهادئ نوعية الهواء في الحضر، والضغط على المياه العذبة، وتدهور النظم الأيكولوجية واستعمال الأراضي الزراعية وزيادة النفايات. ويؤدي ارتفاع الدخل وزيادة أعداد الأسر المعيشية في أوروبا الى إنتاج واستهلاك غير قابلين للاستدامة، وزيادة استخدام الطاقة، وسوء نوعية الهواء في الحضر، ومشاكل النقل وتتمثل الأولويات الأخرى في فقدان التنوع الاحيائي، وتغير استخدام الأرض، والضغط على المياه العذبة وزيادة انبعاثات غازات الدفيئة نتيجة لارتفاع أسعار الغاز الطبيعي مما ساعد على استعادة الفحم لأهميته. ويجعل تدهور الأرض مواجهة تأثير الطقس المتطرف أكثر صعوبة. وتدهور البيئة، كما تم استنتاجه، ساعد على إطلاق العنان لانهيار مجتمعات قديمة مثل مجتمعات ما بين النهرين، ونطاق التغيرات الحالية أكبر كثيراً. وقد زادت الحوكمة البيئية بصورة كبيرة منذ 1987، لكن ممارستها لا تزال في الغالب الأعم معزولة ومفتتة".

وعرض تقرير "يونيب" أربعة سيناريوهات للعام 2050 "السوق أولاً، حيث تدعم الحكومة القطاع الخاص في سعيه لتحقيق الحد الأقصى من النمو باعتبار ذلك أفضل طريقة لتحقيق هدف تحسين البيئة والرفاهية للجميع؛ السياسة أولاً، الذي تنفذ فيه الحكومات سياسات قوية موجهة لتحقيق الهدف، في حين تركز على التنمية الاقتصادية؛ الأمن أولاً، ويقتضي ذلك أن تتنافس الحكومة والقطاع الخاص على السيطرة، أساساً لتحسين رفاهية البشر أو الحفاظ عليها بالنسبة للأغنياء والأقوياء. و"يمكن وصفه بأنه سيناريو أنا أولاً"؛ الاستدامة أولاً، ويتضمن التعاون بين الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص لتحسين البيئة ورفاهية البشر للجميع، مع تركيز قوى على الإنصاف. قد يكون الدمار أمراً لا يمكن إصلاحه، وقد يعصف الفشل في معالجتها بفعالية بالمكاسب التي تحققت في التصدي للتحديات الأبسط فحسب، بل ويمكن أن يهدد بقاء الإنسانية نفسها".

تعليقات: