الرئيس كميل شمعون

الاستحقاق يسير بسلام على خط (التوافق السياسي) واتجاه الى تكرار تجربة ريتشارد مورفي العام 1958

كان صباح الاثنين الماضي، صباحاً صعباً، على الأستاذ دوري شمعون رئيس حزب الوطنيين الأحرار. جلس على شرفة منزله في بعبدا، بعد 48 ساعة على ذكرى اغتيال شقيقه داني مع زوجته وولديه... كان ذلك الصباح مراً، حالكاً، مع أن أنوار الصباح تسطع في الآفاق. رنين الهاتف الخليوي لا يتوقف، والأصدقاء والمحازبون يريدون الاطمئنان عليه، بعد احتجابه عن ذكرى غياب شهيد 21 تشرين الأول .1991 أحضروا له فطوره الدائم، لكنه بالكاد ارتشف فنجان قهوة بعد (كوب) عصير. كان يرتدي (شورت) ويمشي بصعوبة، اذا ما أراد الانتقال من مكان الى آخر. زوجته في سفر. ونجله كميل ألقى خطابه في ذكرى داني وعائلته. والناس مشغول بالها عليه. ومَن يحضر الى مركز شاهين السكني، يحضر وعنده سببان: أولاً يريد أن يعرف (سر) غياب (أبو كميل) عن القداس والجناز. وعندما يفاجأ بأن رجله بها ألم ووجع، ينتقلون الى السبب الثاني، ألا وهو الوقوف من الرئيس دوري، على مشارف الاستحقاق الرئاسي. وبعض الزوار يحاولون أن يأخذوا عليه انشغاله في شؤون وشجون بلدية دير القمر، لأنها ليست حرزانة ازاء مشاكل البلاد. ويردّ دوري شمعون: عندما خضتُ معركة بلدية دير القمر، كانت الانتخابات البلدية، في لبنان كله، هي بداية الطريق الطويل، من أجل الدولة، لأننا كنا مع الناس، نقاطع انتخابات الوصاية السورية على الانتخابات النيابية.

هل سيكون عندنا رئيس جمهورية، أم أن الوصاية السورية (ستخطف) الاستحقاق، وتدفع بالبلاد الى الفوضى?

يسأله الجالسون حوله على شرفة منزله ورجله ممدودة الى كرسي ثانٍ، لكن عقله قوي وصلب: نعم، وبثقة، يقول إن الاستحقاق سيمر بسلام، ولو كانت مخططات الوصاية وحلفائها لن تمر في سلام.

ويصمت هنيهة ثم يخرج عن صمته: في اليوم المحدد، ستذهب لأداء واجبها، وتنتخب المهندس نسيب لحود رئيساً لجمهورية لبنان الجديد.

ويسأله أحد الزوار: هل ستؤمنون نصاب الثلثين?

ويردّ: سيذهب نواب 14 آذار الى حيث تعقد الجلسة، وينتخبون الأستاذ نسيب لحود، رئيساً للجمهورية، ونصاب الجلسة سيكون مؤمناً بأكثرية.

نصف أعضاء المجلس زائد واحداً.

ويبادره: هل تتحملون أوزار انتخاب رئيس بمعزل عن الشيعة وأكثرية النواب المسيحيين وهل تبنى جمهورية بأكثرية سنية وأقلية مسيحية?

ويردّ الرئيس دوري على السائل: ان العالم في معظمه يدعم حركة 14 آذار. وهل نستخف بكل هذا الدعم العالمي، لـ (ثورة الأرز)، وانتفاضة الاستقلال? إن أميركا معنا، وأوروبا تدعمنا بقوة والسعودية ومصر هما الوجه العربي الناصع والكبير معنا.

ويطرق دوري شمعون برهة، وهو يعود الى الماضي، ولعله أخذ هذه الفسحة الطويلة من الوقت، ليعود أكثر من ربع قرن الى الوراء:

عندما كان لبنان مشغولاً باختيار خليفة للرئيس الأستاذ شارل حلو في العام 1970، كانت المعارضة مجتمعة في منزل المرحوم الأستاذ كاظم الخليل نائب رئيس حزب الأحرار في عاليه. استدعاني فخامة الرئيس كميل شمعون الى الشرفة، وراح يزرعها بخطوات وئيدة، وسألني كم يبلغ عدد النواب السنّة مع المرشحين المتداولة أسماؤهم? وأجبته ان ستة منهم، وقفوا فجأة الى جانب ترشيح الرئيس سليمان فرنجيه وان ثلاثة آخرين معكم وان اثنين يعطيان صوتيهما للشيخ بيار الجميل.

بعد ذلك دخل الرئيس شمعون على المجتمعين، وهو يردد: ليكن قرارنا ترشيح سليمان فرنجيه وهكذا كان، لأن الثقل السياسي كان يتمثل بموقف مصر والسعودية.

الدور المصري الجديد

كانت بداية الأسبوع تحمل الى لبنان بداية جديدة في التعاطي العربي مع الوضع اللبناني، ونهاية لأخبار غامضة، عن مبادرة يحمل عناصرها الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى.

وقد فوجئ اللبنانيون باستقبال الرئيس حسني مبارك لقائد الجيش العماد ميشال سليمان الذي يزور القاهرة، بدعوة من رئيس الأركان المصري.

كان لاستقبال الزعيم المصري للعماد سليمان، معنى خاص، خصوصاً بعدما سحق الجيش الارهاب في مخيم نهر البارد، وقضى على أحلام (القاعدة) بإقامة (إمارة إسلامية) في العاصمة الشمالية.

التقى الرئيس حسني مبارك قائد الجيش، على مدى ساعة ونصف الساعة. وكان منتظراً أن يكون ثالثهما اللواء عمر سليمان رئيس المخابرات المصرية، وهو مسؤول كبير برتبة وزير. وعندما سأل الرئيس المصري عن اللواء عمر، قيل له إنه انصرف بعد بدء اجتماعه بقائد الجيش اللبناني.

والرئيس المصري، يردد دائماً شعار ارفعوا أيديكم عن لبنان. وهذه العبارة كان يرددها الرئيس الراحل أنور السادات.

منذ مدة يعمل اللواء عمر سليمان بتكليف من الرئيس مبارك، على أن ينسج كنزة تكون حاضرة لأيام الخريف ذلك أن القاهرة تدرك أساساً أن لا حل لأزمة لبنان إلا من خلال مصالحة أو شبه مصالحة بين السعودية وسوريا، وشيء من هذا القبيل بين السلطة اللبنانية والسلطة السورية.

ولذلك، فقد سأل الرئيس مبارك عن اللواء عمر سليمان، عند بدء اجتماعه بالعماد ميشال سليمان، وعندما نهض الرئيس المصري لوداع قائد الجيش، وقف معه عند باب مكتبه أكثر من خمس دقائق، وكأنه لم يرتوِ نهله من أحاديثه ورؤاه للمستقبل، أو كأنه يندر أن تسمح له الظروف بالحوار معه ثانية، وفي ظروف عادية.

سبقت وصول العماد سليمان الى اليرزة، أخبار مبادرة مصرية، أوفد الرئيس مبارك وزير خارجيته احمد ابو الغيط لزيارة لبنان، في جولة على مختلف القيادات باستثناء الرئيس ميشال عون الذي اعتذر عن الحضور الى فندق (فينيسيا) حيث نزل الوزير المصري.

كل ما فهمه معظم اللبنانيين عن مهمة الوزير المصري، أنه آتٍ من أجل التسويق لحل، يقوم على انتخاب العماد ميشال سليمان لنصف ولاية أو لمدة سنتين، وهذا الأمر لم يعرض على أحد، وليس العماد سليمان في وارد القبول بأي منصب، وهو يشعر أنه أدى واجبه تجاه بلده وكفاه الله شر القتال مع أحد في الداخل أو في الخارج، كما ان البطريرك الماروني مار نصرالله بطرس صفير يعارض تقسيم أو تقاسم رئاسة الجمهورية الى شتات أو الى أجزاء.

صحيح، ان اسم العماد سليمان بات مطروحاً في لبنان بإلحاح، لكن، دونه عقبات أبرزها حاجته الى تعديل الدستور، لأن ثمة شبه إجماع لبناني على إسمه، لكن الأمر يتطلب تهيئة الظروف للموافقة الأميركية أولاً، واللبنانية ثانياً، ليعبر التعديل الى البرلمان.

ويُقال إن إعلان الرئيس فؤاد السنيورة، أنه يستقيل، ولا يوقِّع على طلب تعديل الدستور، مسألة معقَّدة، لكنها ليست صعبة.

وعندما كان وزيراً للمالية، قال أمام عدد من النواب، إنه سيغادر لبنان بمجرد أن يتم تعديل الدستور، ويتم التجديد أو التمديد للرئيس اميل لحود. وعندما وافق الرئيس الشهيد رفيق الحريري على التمديد، صمت على حين غرة، ولم يستقل أو يغادر لبنان الى بلد آخر.

ولذلك، فإنه بمجرد أن تنضج الفكرة، فإنه لن يكون عقبة. ذلك أن الوزير المصري بدأ جولته من بعبدا، بلقاء غير مسبوق منذ صدور القرار 1559، مع رئيس الجمهورية، لأن تعديل الدستور سيمر من عنده.

وهذا ما جعل السنيورة يرفع وتيرة (غضبه) السياسي، سارع الى تبديدها في نهاية الأسبوع، بالاتصال بالرئيس المصري حسني مبارك للتداول المباشر في كل ما يسعى اليه وزير خارجيته على الصعيد اللبناني.

بين سفر وزير خارجية مصر من بيروت، بعد يوم حافل باللقاءات، عُقد اجتماع في مكتب مسؤول لبناني كبير، ورسم الصورة الآتية للحقبة المقبلة:

البلاد أمام استحقاق سياسي كبير. وأنا أرى المستحقين لهذا الاستحقاق هم على الشكل التالي:

هناك مرشح رئاسي إسمه العماد ميشال عون. والأول بين الأسماء، ليس بالضرورة الأول المحتمل وصوله.

بعده، ثمة فراغ في الأسماء. هذه المرة الثاني هو الغائب.

الثالث: هو الأستاذ ميشال اده، وهذا لا يعني أنه هو الواصل.

الرابع: هو الأستاذ نسيب لحود.

الخامس: هو الشيخ بطرس حرب، وهو يحظى بتأييد 14 آذار، وبدعم الأستاذ نبيه بري وبمؤازرة من خارج البلاد.

السادس: هو النائب روبير غانم.

والسابع هو العماد ميشال سليمان.

الثامن: هو الأستاذ رياض سلامة حاكم (مصرف لبنان).

سأله أحد الحاضرين: أنت مَنْ ترجح بين هؤلاء، ليكون المرشح (الفافوري) للرئاسة الأولى.

وردَّ: حسب معلوماتي أن الجنرال عون، قاد حركته الانفتاحية، واجتمع الى النائب سمير فرنجيه، ولا أعرف ماذا ردّ فعل الوزير السابق سليمان فرنجيه. طرح عليه موضوع اجتماعه بالسيد سعد الحريري، فسافر هذا الأخير الى السعودية. وعرض عليه موضوع اللقاء مع الأستاذ وليد جنبلاط، فذهب وفد من (حزب الله) الى بكركي، وصعد النائب حسن فضل الله الى بكفيا حاملاً رسالة من الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله الى الرئيس الشيخ أمين الجميل، ولا أحد يمكنه أن يحسم موضوع الرسالة الى الرئيس الجميل والسيد حسن نصرالله، وإن كان الراجح أنها تعبِّر مسبقاً عن دعم الحزب لمن يرشحه حزب الكتائب، لملء المقعد الكتائبي الشاغر باستشهاد النائب أنطوان غانم.

هل هذا رد على الخط الانفتاحي للجنرال عون?

ثمة خطوط أخرى تمتد بخفر وحياء وهدفها تمزيق أكبر كتلة مسيحية في المجلس. فقد بادر الرئيس ميشال المر الى القول إنه مع العماد عون حتى النهاية. وعندما نصل الى جدار مسدود، فإننا سنتمنى عليه إزاحة (السد) من أمام الرئاسة، وتأييد آخر، لا دفع البلاد الى الفراغ والخراب والانهيار.

حزب الطاشناق (أخذ على خاطره) أن الجنرال عون ذهب الى مكان محايد، واجتمع الى الرئيس أمين الجميل، والحزب لا يزال يضمد جراح معركة المتن الشمالي الأخيرة، في حين ذهب الجنرال للاجتماع به، من دون إبلاغه مسبقاً بالأمر.

وهكذا يكون رئيس كتلة الإصلاح والتغيير، قد ترك أو لم يترك صدمة عند سليمان فرنجيه، ببسبب اجتماعه الى ابن عمه في مكان ما، وتسللت الشكوك الى تحالفاته مع الرئيس ميشال المر وحزب الطاشناق، واهتز تحالفه مع (حزب الله) بسبب ترحيبه بالاجتماع الى الأستاذ وليد جنبلاط، وهذا لم يُحصد منه شيء!.

هل كان الانفعال في حديث الجنرال يوم السبت، وما تسرب منه من غصب، على مرشحي اللجان، تعبيراً عن الفرق الشاسع بينه وبين سواه، وهل القصة هي مجرد فقاقيع صابون سرعان ما تتلاشى، لأن حلفاءه يتركون له حرية الانفتاح وتأمين الفوز له، على الانزواء في دوائره الشعبية.

الحقيقة، ان القصة وصلت الى خواتيمها، والعالم كله يتجه الى وضع سوريا أمام الخيار الصعب: إما الخروج من لعبة تمزيق لبنان على ساحة الاستحقاق الدستوري، أو مواجهة العالم المستعد الآن ليشهر سيف الاستحقاق الدستوري من غمده، ومعه عقوبات سياسية واقتصادية لم تعرفها سوريا بعد.

المبادرة المصرية ثانية

من هنا جاء رفض مصر الدخول في المبادرة الأوروبية، حيث يزور وزير خارجية فرنسا برنار كوشنير دمشق أو يوفد مستشاره كوسران لمهمة خيرة: تسهيل مرور الاستحقاق أو تصعيبه!..

ويدعو العارفون بالأسرار، الى مراقبة حركة اللواء عمر سليمان موفد الرئيس حسني مبارك الى دمشق، لترميم العلائق بين السعودية وسوريا، ومعرفة ما اذا كان النائب سعد الحريري قد سافر الى السعودية بصورة طبيعية للاطمئنان الى عائلته، أم طلبوه الى هناك، للوقوف على رأيه في المبادرة المصرية بوضوح، ذلك أن زعيم الأكثرية ملتزم بقرار انتخاب المهندس نسيب لحود لرئاسة الجمهورية.

هل تبقى أميركا على جنب، وتترك حلفاءها الأوروبيين يتحركون وحدهم، لئلا تفسد السيدة كوندوليزا رايس الطبخة الأوروبية.

ويقول سفير دولة غربية في بيروت، إن وزراء خارجية ايطاليا وألمانيا واسبانيا زاروا بيروت ودمشق، و(فهم) منهم السوريون أنهم (يستعطونهم) ويطلبون رضاهم لتسهيل الاستحقاق الرئاسي، لكنهم هذه المرة، سيذهبون الى دمشق، بلسان فرنسي، ليوضحوا لنائب الرئيس فاروق الشرع ولوزير الخارجية السوري وليد المعلم، (إن وقت الدلع) انتهى.

ويبدو أن التسوية التي يعمل على تمريرها معظم الدول الأوروبية وفي مقدمتها الفاتيكان، تقوم على عدم انتخاب رئيس يشكل (صفقة معادية) لسوريا، بل (صفقة وفاقية لبنانية)، يجري الإعداد لها بعناية، وتعمل الدول الأوروبية، على إقناع الست كوندوليزا رايس، بإصدار بيان على صورة البيان الذي أصدره البطريرك صفير، بأنه لا يعارض تعديل الدستور، إذا كان فيه خلاص للبنان.

وهذا ينسجم مع موقف الأستاذ وليد جنبلاط، الذي لن يصوِّت هو ونواب حزبه الى جانب التعديل، لكن هذا الموقف لا يسري على نواب كتلته النيابية.

ويروي مسؤول كبير لعدد من السياسيين، أن الشغل الآن، يتركز على إقناع الادارة الأميركية بالموافقة على أمرين: الأول تعديل الدستور، لأن العسكري المطروح هو أقرب الى اللواء فؤاد شهاب ونقيض العماد اميل لحود.

وفي رأي الأوساط الأوروبية واللبنانية أن العماد سليمان هو (مدني بلباس عسكري) وذهنية سياسية لا حربية. ذلك أن ماضيه يسابق حاضره من حيث رصانته وحكمته. وهو حمى تظاهرة 8 آذار، التي أقامها السيد حسن نصرالله وداعاً للقوات السورية المنسحبة من لبنان، بموجب القرار .1559

وهو حمى أيضاً بجيشه وجنوده انتفاضة 14 آذار، على رغم أن الأوامر أوحت له بوجوب قمع هذه الانتفاضة.

... وهو قاد الجيش بحنكة وحكمة، في معركة نهر البارد، على الرغم من التحذير بأن اقتحام المخيم هو (خط أحمر).

وخلال زيارته لمصر، ارتاح العماد سليمان الى كلام الرئيس حسني مبارك، الذي انطوى على أرجحية في الذوق وفي الدور. فلم يتم التطرق الى الاستحقاق الرئاسي، لأن معظم الحديث تمحور حول (الاستحقاق العسكري)، الذي قاد لبنان من الضياع الى الخلاص، وكان هناك حذر من أي لون من ألوان الطموحات التي يحرص قائد الجيش على أن يبقى في منأى عنها.

ماذا ستسفر حركة المبادرة المصرية، معطوفة على المبادرة الأوروبية?

يقول العارفون إن السيناريو يقوم على الشكل الآتي: بعد سريان مفعول (المرشح التوافقي) تتركز الاتصالات على إقرار ما حققته (اللجنة الرباعية) التي كلفتها بكركي برعاية المطران مظلوم على إقرار لائحة أسماء، تُرسل الى مجلس النواب، وتنطوي على مختلف الذين جرى التداول في أسمائهم للرئاسة الأولى، بمن فيهم موظفو الفئة الأولى، الذين يحتاجون الى تعديل للدستور، ليجري طرحهم في سياق الترشيح الى القصر الجمهوري في بعبدا. ويتولى البطريرك صفير والرئيس نبيه بري (فلسفة) هذا التوافق، ويأتي في مقدمتهم العماد عون والأستاذ نسيب لحود والأستاذ روبير غانم والأستاذ ميشال إده وسواهم، وعلى (الكاردينال) صفير ورئيس المجلس اختيار المرشح المؤهل واللائق للرئاسة الأولى.

وهذه (تصفية) لا يتورط فيها (الكاردينال) بلعبة الأسماء، ولا يكون رئيس البرلمان ضالعاً في خيار سياسي يكون مجافياً لحلفائه الإقليميين والمحليين.

ويقول مرجع سياسي بارز، إنه في 6 تشرين الثاني يلتئم مجلس النواب، في أجواء محلية وإقليمية ودولية، ويتم تعديل الدستور، على أن يلتئم في اليوم التالي، أي في 7 تشرين الثاني لانتخاب رئيس الجمهورية المقبل، على صورة انتخاب اللواء فؤاد شهاب، برعاية الموفد الأميركي الشهير روبرت ميرفي، وترشح العميد ريمون إده ضده، ونال على ما يعتقد سبعة أصوات، ليؤكد طبيعة النظام الديمقراطي في لبنان.

هل تمر التجربة على سلام، وفي أجواء هادئة?

لا أحد يجزم بشيء.

ذلك أن المواقف تتبدل ثلاث مرات في اليوم الواحد، ولا تستقر على حال ثابتة، خصوصاً وأن العماد عون قد يقبل بالعماد سليمان على أساس رئيس استثنائي لمدة سنتين، يتم خلالها التحضير لقيام سلطة سياسية جديدة، من خلال الدعوة الى انتخابات نيابية مبكرة، على أساس قانون جديد وحديث، يعبِّد الطريق له ليعود ويرئس (الجمهورية الجديدة).

هل تسير الأمور على هذه الصورة، وهل تواجه البلاد مخاضاً سياسياً صعباً، لولادة جمهورية تتكئ على بنية سياسية غير مألوفة?

العالمون بالأسرار يقولون إن كل شيء يتوقف على نجاح أو إخفاق المبادرة المصرية.

ذلك، أن سوريا تريد لكل شيء ثمناً سياسياً، وهي تسهل الاستحقاق لترتاح من همّ المحكمة الدولية، وقد ترفع سقف شروطها أو تخفضها، مقابل ما يمكن تحقيقه من نتائج ايجابية للمصالحة السعودية - السورية، وللتوافق بين الأكثرية النيابية، والأقلية المعارضة خصوصاً بعد بطلان معادلة أكثرية موالية وأقلية معارضة ذلك أن دمشق عرفت كيف تدير المعركة السياسية بامتياز خصوصاً بعد وقوف إيران الى حانبها مع بعض التباينات.

ويورد المحللون 3 أسباب للتغيير السياسي المفاجئ:

أولاً: وضع الجمهورية الإسلامية الإيرانية إمكانات مادية هائلة الى جانب القوى المعارضة، ولا سيما بعد حرب تموز الماضية.

ثانياً: إحجام الموالاة عن البذخ، ووقوع نوع من التمايز بين القوى الممسكة بالنظام.

وقوف قوى كثيرة على (الحياد) أو خارج الحرب السياسية الدائرة بين المعارضة والموالاة.

ولعل احتلال الوسط التجاري كان كارثة كبرى على المعارضة، لأنها دمرت اقتصاد البلاد، ولم تحرز أي مغانم سياسية.

وترى هذه القوى أن الجميع باتوا بحاجة الى (مبادرة) من أي مصدر، تنقذهم من الانشطار السياسي، الذي أصبح رذاذه يتهاوى على الجميع، وإن بنسب متفاوتة.

ويقول العارفون بالخفايا، إن سوريا تعبت من المعارضة لأي عمل دولي يستهدف اعتراضها السياسي، كما أن الموالاة، وفي مقدمتهم الحكومة تكاد تتلاشى من جراء الحوار مع الخارج، والاضطرار الى دعم المقاومة حيناً، ومقاومة سياسة (حزب الله) أحياناً.

وهذا الضياع السياسي تجلّى خلال حرب تموز وعلى إيقاع القرارات الدولية، وصولاً الى القرار 1701، لأن الموالاة ربحت قرارات كلفتها غالياً، وانسحاب وزراء (أمل) و(حزب الله) من الحكومة وتصرّفهم على أساس أنهم مستقيلون وممارسون في وقت واحد.

نظم حزب ص6

(حزب الله) احيا اسبوع رئيس بلدية بنت جبيل

بزي: نرفض ان يأخذنا احد لعصر القائمقاميتين

صفي الدين: اي مرشح يجمع عليه المسيحيون نقبل به

نظم حزب الله احتفالا لمناسبة مرور اسبوع على وفاة رئيس إتحاد بلديات قضاء بنت جبيل ورئيس بلدية بنت جبيل الدكتور علي محمود جواد بزي، في حضور ممثل رئيس الجمهورية العماد إميل لحود قائمقام بنت جبيل ابراهيم درويش، ممثل رئيس مجلس النواب نبيه بري النائب علي بزي، والنواب: ايوب حميد، حسن فضل الله، محمد حيدر، أمين شري وعبد المجيد صالح، اضافة الى ممثلين عن قائد الجيش العماد ميشال سليمان والمدير العام للامن العام اللواء الركن وفيق جزيني وحشد علمائي وشخصيات وفعاليات واهالي المنطقة.

وألقى رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله السيد هاشم صفي الدين كلمة الامين العام للحزب السيد حسن نصر الله، شدد فيها على ان اي مرشح يجمع عليه المسيحيون فنحن نقبله رئيسا للجمهورية، مؤكدا ان الاستحقاق الرئاسي في لبنان يواجه بمنطقين، الاول منطق السفير الاميركي في لبنان وإدارته، والمنطق الثاني هو منطق التوافق بين اللبنانيين والحريص على لبنان.

وقال: ان الاميركي تمكن من ان يتسلل الى بعض نقاط الضعف الرخوة في لبنان، مؤكدا ان المقاومة سوف تبقى بسلاحها وشبابها ومجاهديها وأهلها وجمهورها القوة المنيعة والمحصنة التي ستتكسر على ابوابها واعتابها كل مؤامرات فيلتمان وكل من في الادارة الاميركية.

لم ينطقوا بكلمة

أضاف: ان الذين يرفضون منطق التوافق في لبنان وفي المنطقة والعالم هم الذين استسلموا للاميركيين، مشيرا الى ان السفير الاميركي في بيروت وادارته لم ينطقوا بكلمة واحدة عن التوافق طيلة الفترة الماضية، لان ما بنوا وأسسوا عليه مصالحهم ورؤيتهم هو ان لا يتوافق اللبنانييون وان يصلوا الى الاصطدام، والى مرحلة الاختلاف والتشتت والتفتت الحقيقي وان يأتوا بنموذج العراق المفتت الى لبنان. ورأى ان هذه هي السياسة الاميريكية في لبنان، ومن يتبع هذه السياسة هو المنطق الاول.

وتابع: من دواعي الفرح والسرور والتفاؤل اننا نجد ان معظم اللبنانيين يتحدثون عن التوافق وهذه نقطة مهمة يجب ان تسجل لمختلف الاطراف والجهات والزعامات التي دعمت وأيدت التوافق لان هذا المنطق هو الذي يواجه السياسة الاميركية اللئيمة والحاقدة والخبيثة والماكرة في لبنان، مشددا على اننا اذا اردنا ان نزهق اهداف وسياسة الادارة الاميركية في لبنان علينا ان نذهب الى التوافق، مؤكدا ان منطق التوافق هو منطق الحريص على لبنان وهذه هي ثوابت المعارضة التي نتعاطى من خلالها مع هذا الاستحقاق، مبديا استغرابه من الذي يذهب الى آخر الدنيا ليستجدي موقفا وربما امورا اخرى ستكشف عنها الايام لا تفيد لبنان.

النائب بزي

ثم ألقى النائب بزي كلمة رئيس مجلس النواب نبيه بري، فقال: ان هناك فرصة حقيقية للدخول في الجمهورية الثالثة في لبنان ترتكز على قاعدة التوافق والشراكة في إدارة شؤون البلاد والعباد لا على قاعدة الغلبة والهيمنة والتفرد.

ولفت الى ان الايام الاخيرة حققت الكثير من المعطيات الايجابية حول عملية التوافق للاستحقاق الرئاسي من تأييد اوروبي والفاتيكان والبطريرك صفير ودول عربية، وان المعارضة قدمت التنازلات والرؤى العديدة للتوافق من أجل مصلحة لبنان وكل اللبنانيين.

أضاف: ان المعارضة سوف تبقى رغم ضيق الوقت والتحديات والمرارات في المواقع المتقدمة في هذا الوطن انتصارا لقضايا الناس. وفي إحتضان الجميع للانتصار على الازمة كي لا تنتصر علينا. ولن نرضى على الاطلاق ان يأخذنا أحد الى عصر القائمقاميتين او لنقرأ الفاتحة على هذا الوطن وشعبه، مؤكدا ان الاهتمام الدولي في لبنان سببه وجود المقاومة ولو لم يكن هناك مقاومة لما اهتم احد بنا.

(اكد النائب ـ ص 6)

الداود التقى وفد مشايخ حاصبيا:

الوفاق حاجة ملحّة للبنان

حلوة - راشيا:

أكد النائب السابق فيصل الداود على وحدة الصف اللبناني شرط ان تكون على أسس تتلخص:

أولا - بالحفاظ على سلاح المقاومة والحفاظ على المقاومة.

ثانيا - الرفض القاطع للتقسيم وإنشاء الكونتونات التي تعتبر انتحارا لكافة الطوائف.

ثالثا - التأكيد على الانتماء الوطني والعربي.

الداود وخلال لقائه في دارته في حلوة - قضاء راشيا وفداً من مشايخ الدروز الموحّدين في حاصبيا تقدمهم الشيخ غالب قيس، اعتبر ان التصريحات الأخيرة للنائب وليد جنبلاط لا تمت لمناقبية الدروز وأخلاقياتهم وانتمائهم الوطني والقومي بأية صلة، وقال انه يتحدث باسمه فقط وباسم من يمثّل.

وأضاف الداود: ان المرحلة الحالية دقيقة جدا والوفاق الوطني حاجة ملحّة للبنان، لأنه يوجد مخطط أميركي اسرائيلي للتفتيت، وعلى اللبنانيين مجابهة هذا المخطط من خلال وحدة الصف.

كما واعتبر الداود ان رئاسة الجمهورية هي الخطوة الأولى، أما الخطوة الثانية فهي الحكومة، وفي حال عدم وجود حكومة ممانعة فهناك خطر على لبنان.

وتعليقا على قيام عناصر من المعلومات بأخذ مواطنين من داخل مقامات دينية درزية قال الداود: نحن نعتبر ان فرع المعلومات هو ميليشيا تنتهك حرمات المقامات والتي قامت بخطف مواطنين ومن مقامات دينية من دون طلب من قبل المدعي العام وهذا التصرّف هو مخالفة قانونية وعمل ميليشياوي، إلاّ اننا ورغم كل التجاوزات سنبقى حريصين على الدولة وعلى المؤسسات، ونحذّر من تكرار هذه الأمور.

قيس

بدوره تحدث الشيخ غالب قيس باسم وفد مشايخ البياضة فتمنى على الجميع المساهمة في إنهاء الأزمة الحالية وباعادة الاستقرار والأمن والبحبوحة لهذا البلد، وهذا التمني لا يصحّ إلاّ بالعمل الوطني المخلص الصحيح.

وفي تعليق للشيخ قيس على كلام جنبلاط الأخير واتهاماته للمقاومة قال: هذا الكلام لا يستحق بالأصل أي ردّ، لكن نقول اليوم (عند الامتحان يكرم المرء أو يهان)، نحن عندما نرى ان المقاومة قامت بما قامت به فبدل ان نوجّه لها الشكر والتقدير والتعاون، فهل يجوز ان نوجّه لها غير هذا? قول الباطل اذا خدم فهو يخدم صاحبه لبرهة بسيطة جدا جدا، ويأتي الحق ليغلبه، وهذا الكلام هو حرام، لأن الانسان يجب ان يستخدم ضميره قبل ان يستخدم حقده السياسي.

اعلنت وزارة ص6

عجز الموازنة في تسعة اشهر 2691 مليار ليرة

وكلفة خدمة الدين العام ارتفعت الى 3600 مليار

اعلنت وزارة المالية في بيان امس، ان المؤشرات المالية شهدت تحسنا ملحوظا اذ انخفض العجز الإجمالي للموازنة والخزينة حتى شهر أيلول الفائت نحو 279 مليار ليرة أي ما يوازي 4.9 في المئة فبلغ 9.28 في المئة من إجمالي الموازنة بالمقارنة مع 4.35 في المئة في الفترة نفسها من العام 2006، وذلك على الرغم من زيادة الإنفاق على كهرباء لبنان وارتفاع خدمة الدين العام.

وقد بلغت التحويلات لكهرباء لبنان من الخزينة 1138 مليار ليرة وكلفة خدمة الدين 3600 مليار ليرة خلال الأشهر التسعة الأولى من هذه السنة.

في المقابل، شهد الفائض الأولي تحسنا كبيرا بنسبة 375 في المئة عن العام الماضي، حيث بلغ 908 مليار ليرة للأشهر التسعة الأولى من هذا العام أي ما يعادل 8.9 في المئة من مجمل الموازنة بالمقارنة مع فائض أولي قدره 191 مليار للفترة نفسها من العام الماضي أي ما يعادل 2.3 في المئة. وقد تم تحقيق هذه الأهداف في ظل الأوضاع الداخلية الصعبة والمعقدة والتشنجات السياسية والامنية، وكذلك رغم ارتفاع ملحوظ في أسعار النفط والفوائد انعكس سلبا على وضع المالية والاقتصاد.

وأوضح بيان للوزارة، يلخص عمليات الموازنة والخزينة خلال الأشهر التسعة الأولى من العام 2007، أن العجز الإجمالي (الموازنة وعمليات الخزينة) المحقق بلغ 2691 مليار ليرة حتى نهاية أيلول، أي ما نسبته 9.28 في المئة من إجمالي الموازنة، مسجلا انخفاضا قدره 279 مليار ليرة، في حين بلغ العجز المحقق خلال الفترة نفسها من العام الماضي 2.971 مليار ليرة أي ما نسبته 4.35 في المئة من إجمالي الموازنة.

وبلغ الفائض الأولي الإجمالي الذي تحقق خلال الأشهر التسعة الأولى من السنة الحالية نحو 908 مليار ليرة، أي بارتفاع قدره 717 مليار ليرة مقارنة بالفترة نفسها من العام 2006، حيث كان الفائض الأولي الإجمالي 191 مليار ليرة. وقد أسهم هذا التحسن الكبير في الفائض الاولي في تخفيف الاعباء التمويلية للخزينة وتحسين وضع المالية العامة.

الإيرادات

وأظهر ملخص الوضع المالي أن إجمالي إيرادات الموازنة والخزينة المحصلة خلال الأشهر التسعة الأولى من العام 2007 بلغ 6605 مليار ليرة، أي بارتفاع 1196 مليار ليرة ما نسبته 22 في المئة مقارنة بما كانت عليه خلال الفترة ذاتها من العام 2006. ويعود هذا التحسن إلى الارتفاع الذي شهدته كل من الإيرادات الضريبية من جهة (خاصة ارتفاع إيرادات الضريبة على القيمة المضافة بقيمة 288 مليار ليرة، وارتفاع الإيرادات من الرسوم على التجارة و المبادلات الدولية بنحو 239 مليار ليرة)، والإيرادات غير الضريبية من جهة أخرى ( خاصة زيادة قدرها 310 مليار من وفر موازنة الاتصالات) . تجدر الإشارة إلى أن ارتفاع إيرادات الخزينة بقيمة 232 مليار ليرة ساهم أيضا في الزيادة المحققة في مجموع المبالغ المقبوضة.

النفقات

وبلغ إجمالي الإنفاق (الموازنة وعمليات الخزينة الأخرى) خلال الأشهر التسعة الأولى من السنة الحالية ما قيمته 9296 مليار ليرة، مقابل 8379 مليار ليرة للفترة نفسها من العام 2006، ما يعكس ارتفاعا في حجم الإنفاق الإجمالي قدره 917 مليار ليرة، أي بنسبة 9.10 في المئة. ويعود هذا الارتفاع إلى أسباب عديدة أهمها: ارتفاع خدمة الدين العام بمبلغ يقارب 437 مليار ليرة، وارتفاع الإنفاق على كهرباء لبنان بمبلغ يقارب 243 مليار ليرة ليبلغ 138، 1 مليار ليرة لغاية شهر آب.