اشتاقت سنابل القمح للمناجل المسنونة، بعدما أينعت وزهت بلونها الذهبي الساطع، مثقلة بحبات الحياة تنتظر من يقصدها مع انبلاج الفجر، يعارك الحر ليقطعها ويجمعها رزمة رزمة، من أجل الفوز بقوت أيام الشتاء القاسي.

«لم يعد للمنجل ولا للنورج والدراسة أي دور في حقول القمح»، يقول المزارع السبعيني أبو محمد حسن اللقيس، الذي يستثمر منذ التحرير في العام ألفين، سهولاً يزرعها بالقمح في منطقة الوزاني، مشيراً إلى أن «الحصَّادة حلّت مكان المعدات القديمة، وتوفر علينا الكثير من الوقت والجهد والتعب، إذ ما كان يلزمه نصف شهر لنحصده وندرسه، تنجزه الدرَّاسة الحديثة في يوم واحد».

لكن، على الرغم من التطور في المجال الزراعي، المعتمد منذ سنوات عدة، يبقى الحنين لدى المزارعين الى زنود قوية تمتشق المنجل، لتلوي به رؤوس سنابل تلوّنت بلون الشمس، يتردّد رنين حصادها مع صرخات «الأوف» و «الميجانا» التي كان يطلقها الحصادون، بهدف تحفيزهم على العمل.

يقول المزارع السبعيني إن المساحات المزروعة بالقمح في المنطقة الحدودية تقلّصت بنسبة كبيرة خلال ربع القرن الأخير، حيث تخلّى عنها المزارعون في القرى الجبلية بنسبة 90 في المئة بسبب ارتفاع كلفتها، لتقتصر زراعتها على السهول، التي تسمح باستعمال الجرار للحراثة والحصّادة الحديثة في جني الموسم.

ويطالب أبو محمد وزارة الاقتصاد برفع أسعار القمح من أربعمئة ليرة إلى ثمانمئة ليرة للكيلو الواحد، حتى يتمكّن المزارع من سداد النفقات والديون التي يرزح تحتها.