الخيام: اشكالية التسمية (لمحة عامة)

الكاتبة هيفاء نصّار: الدخول الى عالم الخيام أشبه بعبور التاريخ نقرأه عبر تواريخ سجَّلها اشخاص خلال عقود من الزمن
الكاتبة هيفاء نصّار: الدخول الى عالم الخيام أشبه بعبور التاريخ نقرأه عبر تواريخ سجَّلها اشخاص خلال عقود من الزمن


ان الدخول الى عالم الخيام أشبه بعبور"التاريخ" نقرأه عبر تواريخ سجَّلها اشخاص خلال عقود من الزمن، فسجّلوا لحقبة مهمة من تاريخ الخيام بجميع احداثياتها، شكّلت على مر تاريخ البلدة بنك معلومات كبنك صور من الابيض والاسود. ان الخيام في تاريخها اسست وتؤسس كما في الماضي الى " ثقافة الصمود - و- هي منزل يقتضي دخوله ولوج عدّة ابواب، والفن هو احدها" (أ) وتسجيل الفن بالكلمة من خلال تسجيل مدونات تاريخ البلدة هو تسجيل للعشق الذي لم يعشه الا المظللين بفيئها والشاربين مياهها والمتلحفين سماءها والسامعين خرير جداولها والمستيقظين في سرائرها والمتنشقين عطر ياسمينها والمساعدين في تطورها.

في بلدة الخيام اركان وزوايا اتخذها جنود حماة وجنود غير حماة او حتى مغامرون ملاذاً آمناً وحصيناً للاختباء وادارة مغامراتهم وبينهم سكان البلدة و عشاقها الذين ترددت أنفاسهم بهمسات عشقهم البريء للبلدة و داخل البلدة.

ان المتأمل لجدران بلدة الخيام يغبطها لما امتلكته من اسرار باحت بها للباحث والفنان التشكيلي المتألق الدكتور يوسف غزاوي وهو يحدثنا في كتابه غرنيكا الخيام في لمحة عامة عن تسمية البلدة فيقول:

" لا نعرف بالضبط مصدر اسم البلدة. ثمة فرضيات وأقوال كثيرة : لقد سمعنا عن خيام عبس وخيام وليد !؟ وهناك مصادر ومراجع كثيرة تحدثت معظمها عن ان اصل التسمية يعود الى مفرد خيمة وخيم. ونحن نعتقد ان هذا التفسير، الذي لا نستطيع تأكيده، يعود الى مرجع واحد: فقد ذكر محمد قبيسي في كتابه " جنوب لبنان"(1) أنه "جاء في التوراة أن يعقوب نقل أهله وماشيته الى شمال فلسطين واقام في سهل الخيام. ويرجح ان يكون الاسم أطلق على البلدة منذ ان أقام فيها يعقوب في خيام. مساحتها مع المشاع التابع لها 150 كلم2. لكن ما نستطيع قوله ان الخيام ليست حديثة العهد، بل هي تضرب في التاريخ عمقاً، كانت مسكونة منذ وقت طويل !"

وحدها كانت شاهدة على البلدة خطط حربية، مؤامرات، أو ربما حكايات وليالي سمر دافئة، ابطالها قادة ورحالة ومارة واجانب وافراد من اهل الخيام سطّرت البلدة اسماءهم احياناً بالحزن واحياناً بالغبطة والسرور.

ويضيف الدكتور يوسف غزاوي في كتابه غرنيكا الخيام في لمحة عامة عن تاريخ تسمية البلدة فيضيف:

" فالشيخ ابراهيم يحيى العاملي يُرجع تاريخها- تاريخ بلدة الخيام - الى ما يزيد عن الستة قرون، حسب ما أشارت اليه احدى مخطوطاته، حين ذكر أحد ساكنيها عام 750 هجريّة (أي النصف الثاني من القرن الرابع عشر الميلادي). أما القس حنا حردان خوري(2) فيذكر القرن السادس عشر كبداية للسكن في الخيام. ويذكر الأب بطرس ضو في كتابه " تاريخ الموارنة " أن الخيام مسكونة منذ ما يزيد على ثلاثمائة سنة. ومراجع أخرى ذكرت تاريخاُ سابقاُ لهذا، يدلّ على وجود ساكنين في الخيام قبل ذلك التاريخ، ككتاب السيّد محسن الأمين" خطط جبل عامل " حين يذكر اسم " تقي الدين الخيامي" الذي سكن الخيام منذ ما يزيد على ستمئة عام. وفي احدى المخطوطات القديمة التي حققها المحامي سليمان تقي الدين ( دار ارشادات 1999) ذكر اسم "كوكب بن الفود" الذي سكن الخيام منذ أكثر من ألف ومئة عام. وفي كتاب " المجهول والمهمل" ليوسف الحوراني انحدر اسم الخيام من كلمة " خيان " الملك الهكسوسي الكبير، ممّا يعني أنّ تاريخ البلدة يعود الى ثلاثة آلاف عام. ويرى " عبدالامير مهنا " (شؤون جنوبية، العدد 13، بيروت 2004) انّ عمر الخيام يعود الى اثنتي عشرة الف سنة، حسب ما جاء في كتاب " الألوهية والزراعة " للباحث " جون كوفان " أثناء تناوله للعصر النيولوتي ما قبل الفخار بحديثه عمّا بُسمّى " نبال الخيام " وال"الخيامي"...

ويقول الدكنور في كنابه: : وفي الخيام آثار تدلّ على عراقتها كالمعالم التاريخة والمقامات الدجينية كمقام "ناصر ابونصير" وسط البلدة، وبقايا آثار سكنية ومدافن ومغاور ومكنشفات قديمة في التل القريب من نبع الدردارة والمطل عليها، المسمّىب "رأس الملوك"...".

تلك كانت حلقة اولى حول تسمية بلدة الخيام بالاسم الحالي حيث تبدو البلدة مساحة كبيرة مضيئة للشمس المقبلة من الكوة.

هيفاء نصّار

يتبع

(أ) الدكتور يوسف غزاوي: غرنيكا الخيام...جدارية الوطن المشاغب ، ص 19.

(1) محمد قبيسي: جنوب لبنان، دليل عام لمدنه وقراه، مؤسسة الرحاب الحديثة للطباعة والنشر، بيروت 1995، ص 598.

(2) حنّا حردان خوري: الأخبار الشهيّة عن العيال المرجعينية والتيميّة، بيروت 1956، ص 639.

مصدر العمل: د. يوسف غزاوي، غرنيكا الخيام ..جدارية الوطن المشاغب، دار مكتبة البصائر للطباعة والنشر، بيروت 2013.

تعليقات: