هل اقترب اردوغان من السجن؟


رجب طيب أردوغان شخصيةً دار ويدور حولها كثير من علامات الإستفهام من العاملين في الشأن السياسي الأقليمي والدولي لما لهذه الشخصية من ادوار متناقضة.

اردوغان ابتدأ حياته السياسية نهاية السبعينات بانضمامه الى حزب الخلاص الوطني بقيادة نجم الدين أربكان، وقد تم إلغاء جميع الأحزاب في تركيا على اثر الأنقلاب العسكري عام 1980.

بعد عودة الأحزاب الى العمل السياسي عام 1983 عاد اردوغان عضواً في حزب الرفاه ايضاً بقيادة أربكان " وفعلاً هذا أربكنا لكثرة الأتفاقيات التي وقعها مع العدو الأسرائيلي " وهو زعيم حزب إسلامي ".

عام 1994 رشح حزب الرفاه اردوغان لعمدة اسطنبول وفاز بمقعد العمدة وبقي حتى عام 1998 ، حيث وجهت اليه تهمة التحريض على الكراهية الدينية مما تسببت هذه التهمة بسجنه ومنعه من العمل في الوظائف الحكومية والترشح للإنتخابات .

لقد انشأ نجم الدين أربكان حزب الفضيلة بعد حل حزب الرفاه وكان اردوغان مع أستاذه أربكان عند تأسيس حزب الفضيلة ، بعد العمل لفترة ما قبل عام 2001 شعر اردوغان بأن وضع حزب الفضيلة الى زوال ، فسارع مع عبدالله غول وآخرين من حزب الفضيلة بأعلان الإنشقاق عن حزب الفضيلة وتأسيس حزب العدالة والتنمية .

اردوغان ابن الفلاح الفقير وهو بائع البطيخ ( وهذا ليس عيباً او طعناً فيه ) انما للدلالة على ان الفرد من هذه البيئة في مجتمعاتنا لا يستطيع الوصول الى هذه المراكز إلا اذا كانت هناك ايادٍ خفية تعمل لتهيئته الى تبؤ مراكز عالية في الدولة خاصة اذا كان شعلة ذكاء مثل اردوغان .

إن الأيادي التي تخطط الى اردوغان هي من وضعته في السجن ، وهي من أظهرته امام الأتراك بأنه رجل مخلص لوطنه وشعبه والمدافع عن حقوقهم ، قامت هذه الأيادي بإسقاط الحكم عنه ، وليتركوا له مقعد خالٍ في الإنتخابات النيابية ' ومن ثم يتم ترشيحه ليفوز بالمقعد ، وبعد فوزه استقال عبدالله غول من رئاسة الوزراء ليتسلمها اردوغان عام 2003 وينتخب عبدالله غول رئيساً للجمهورية .

أخذ المخططون الى اردوغان إبرازه كمنقذ لأستقرار الأمن السياسي والأقتصادي والأجتماعي في تركيا وانفتاحه على الأرمن للصلح مع ارمينيا وكذلك مع اليونان ومد الجسور بينه وبين أذربيجان وبقية ما كان يسمى الجمهوريات السّوفياتية ودوّل الجوار كالعراق وسوريا وإيران .

وقد لعب دوراً مهماً بين سوريا والعدو الأسرائيلي حتى اصبح الصديق الحميم الى بشار الأسد واتفقا الأثنان على قيام حلف اقتصادي ما سمي يومها البحور السبعة ، وطبعاً هذا كان مخطط له من أميركا والعدو الإسرائيلي .

لعب اردوغان دوراً مهماً في مؤتمر " دافوس " المسرحية وقد اجاد هذا الدور بأمتياز عندما غادر المنصة "المسرح " احتجاجاً على عدم اعطاءه مدة كافية للرد على رئيس العدو الإسرائيلي ( شيمون بيريز ) وقد هاجم اردوغان جيش العدو الأسرائيلي لقتله أطفال ونساء وكبار السن في غزه .

بعد الدور الناجح الذي اداه في " دافوس " أغدقت عليه بعض الدول العربية جوائز الإنسانية وخدمة السلام .

والدور الذي اجاده بدايةً كسر الحصار عن غزه عام 2010 حيث دعم أسطول الحرية المتجه الى غزه ، ولكن اسرائيل لم تستجب لهذا الأسطول وحتى للعالم اجمع وقتلت على متن احدى البواخر التابعة للأسطول ما يقارب 9 اشخاصُ بأستثناء الجرحى ، وهدد يومها اردوغان اسرائيل وأرغى وأزبد ولكن كل هذا ذهب مع الريح ولم تعيره اسرائيل اي اهتمام لأنها تعلم بأن كل هذا من صنعها فضلاً عن المناقصات الفائز بها ابنه في اسرائيل .

اردوغان اول من كان معادياً سوريا داعماً الإرهاب لإسقاط النظام خدمة او بتعليمات من أميركا واسرائيل ، وطبعاً وقوفه هذا أضر بمصالح تركيا التي كانت تصدر بضائعها عبر الأراضي السورية بمرور يومياً حوالي 3000 شاحنة .

الأن وعلناً طلب اوباما من اردوغان محاربة الإرهاب الذي كان السبب بوجوده في منطقة الشرق الأوسط ، حيث شعر والأوروبيون والدول التي كانت تساند الإرهاب بالخطر عليها وخاصة إرهابيي " داعش ".

قامت عدة مظاهرات في اسطنبول وأردوغان أمر بقمعها اكثر من اي حاكم مستبد واعتقل المئات بل الآلاف من الشعب التركي وكذلك اعتقل الأعلاميين وهدد المحاميين في سابقة ليس لها نظير في تركيا حتى اثناء حكم العسكر .

بعد تعليمات اوباما ابتدأ القتال بين الجيش التركي والأرهابيين الدواعش ، والجيش كان بغنى عن تورطه في مثل هكذا موقف لو كان اردوغان رافضاً مساعدة الأرهاب بداية ، ومن الطبيعي سيقتل من الجيش أفراداً ،فضلاً عن الخسائر المادية في هذا الوضع الأقتصادي السئ .

لا نستبعد إطلاقاً إطلاق يد الجيش التركي للتخلص من اردوغان وحكمه لأن كما يبدو انتهت صلاحيته ، وهو طبعاً ليس بأفضل من حسني مبارك ، خاصة بعد ان فاحت الروائح بجمع المليارات واليخوت والقصور التي بناها ومنها قصر واحد بلغت تكلفته نصف مليار دولار .

قربت نهاية اردوغان وربما السجن له ارأف مما سيحصل له على يد العسكر .

* الحاج صبحي القاعوري - الكويت

تعليقات: