خليل علامة يبحث عن الديدان قبالة شاطئ صيدا
تحتاج إلى ترخيص·· وتتواجد قرب الصخور والصدف قبالة الشاطئ
خليل علامة يزاولها منذ 6 سنوات ويدرس هندسة الكومبيوتر في الجامعة
صيدا - يشق الشاب خليل ديب علامة (23 عاماً) عباب مياه البحر قبالة شاطىء صيدا وهو يحمل أدوات الغوص بحثاً عن ضالته؟ الديدان، التي يصطادها ويجمعها ويعلبها قبل أن يبيعها لهواة الصيد لتصبح طعماً محبباً للأسماك·
وخلافاً لمهنة صيد الأسماك التي يحترفها الألوف من اللبنانيين والفلسطينيين في لبنان، تعتبر مهنة صيد الديدان من المهن النادرة وغير المشهورة ويزاولها قلة من المحترفين لا يتجاوز عددهم الـ 30، والأبرز ثلاث عائلات هي آل "علامة، ياسين وشحيمي"· وتتجمع الديدان عادة في مناطق المياه النظيفة على عكس الإعتقاد السائد لدى الناس، حيث ليست لها أماكن محددة، ولكن يمكن العثور عليها قرب الصخور وفوق الصدف، وتتفاوت في فصول العام، ففي الشتاء تتواجد تحت الصخر وفي الصيف الى جواره قرب الرمل·
"لـواء صيدا والجنوب" توقف مع الشاب خليل علامة أثناء ممارسته صيد الديدان قبالة "المسبح الشعبي" في صيدا، وإطلع منه على أسرار هذه المهنة وكيفية مزاولتها، إضافة الى حياة الديدان وانواعها وكيفية بيعها· وراثة·· وأدوات الصيد
يشير خليل (الذي يملك والده ديب علامة محلا لبيع أدوات الصيد في منطقة الأوزاعي - جنوبي بيروت) الى انه ورث المهنة أباً عن جد وهو يزاولها منذ 6 سنوات، على الرغم من أنه ما زال يدرس هندسة الكومبيوتر في الجامعة، ولا يجد تناقضاً بين الإثنين، يهوى الأولى ويواظب على الثانية، كي يبني مستقبله بطريقة علمية تعينه على تأمين قوت يومه·
ويقول: لا تحتاج هذه المهنة الى أي رخصة ولا الى معدات، لا نحمل سوى أدوات الغوص - قارورة أوكسجين وساعة ضغط وقطعة من البلاستيك للتهوئة كي نحفر "جورة" صغيرة، فتأتي الديدان قبل أن ننتشلها باليد مع بعض الرمال كي تبقى حية· ويوضح علامة "أن عدد العاملين في هذه المهنة لا يتجاوزوا الـ 30 شخصاً 7 منهم من آل علامة والباقي من آل ياسين وشحيمي"·
وليس لصيد الديدان وقت محدد، فهو يبدأ عادة من شهر آذار وينتهي في شهر تشرين الثاني من كل عام، ويكون قليلاً في فصل الشتاء بسبب الأمواج ومياه البحر العكرة، بينما يزداد في الصيف، ويعتبر أوج الموسم في أشهر تموز وآب وأيلول، نظراً لركود المياه وصفوتها، ويكون في أي ساعة من النهار على أن ينتهي قبل مغيب الشمس، حيث تتوارى الديدان وتختبأ·
وفي لبنان نوع واحد من الديدان المعروفة بإسم "الحبال"، ويطلق عليها الصيادون "البلدية"، ويتراوح طولها بين بضع سنتمترات وتبلغ في بعض الأحيان المتر الواحد، وهناك المستورد من إيطاليا والصين وأبرزها "كريانو"·
ويقول علامة: ليست في هذه المهنة أي مخاطرة بالحياة اذا اتبع المحترف قوانين الغطس السليمة، والبحث عن الديدان يكون عادة بين عمق (3-10) أمتار وهي منطقة تعتبر آمنة من أي حيوانات مفترسة في البحر، ولكننا نجد صعوبة في فصل الخريف لأن البحر يكون هائجاً والرؤية صعبة، فنصارع أحياناً الأمواج كي نتمكن من المكوث في المكان وإنتشالها·
البيع·· وأماكن الرزق
وصيد الديدان مهنة مربحة لمن إحترف قواعدها وإتبع أصولها، توضع في علبة خاصة وتبقى حية لمدة يومين، وهي مطلوبة للكثير من هواة الصيد لأنها دودة بلدية، ويصدر جسمها ضوءاً فوسفورياً ليلاً يجذب السمك إليها، وتباع كل 20 دودة بمبلغ 10 آلاف ليرة لبنانية، فيما المستورد منه يباع بأقل ثمناً، فالعلبة بوزن 600 غرام تباع بنحو 6 آلاف ليرة لبنانية·
ويؤكد علامة "أعمل في اليوم نحو 4 ساعات متتالية، يعاونني خبير في الصيد وعامل، وأتنقل على مدار الأسبوع من مكان الى آخر، فأحط رحالي يوماً في خلدة، وثانياً في صيدا، وثالثاً في صور، ورابعاً في جونية·· قبل أن أقوم باعادة الكرّة على ذات المناطق لأنها أكثر الأماكن إحتواءً لهذه الديدان، وأجني في اليوم الواحد ما بين60-70 ألف ليرة لبنانية"·
وحين يشح الصيد لا يجد علامة غضاضة في توزيع وقته بين الدراسة وملازمة محل والده ليعاونه في البيع، وبينهما يمارس الغطس ليجمع بعض الصدف النادر، كي يزين به منزله المتواضع، وقد تحولت لديه الى هواية يُمارسها بين الحين والآخر، ويؤكد انه "لو أردت إحتراف ذلك لجنيت الكثير من المال، فالبحر والسمك والصدف وما بينها كلها فأل خير وبركة، وتجلب الحظ السعيد للإنسان، وكل شيء يخرج من البحر حلال"· ويقول: اللبناني بطبعه نشيط، يحب العمل ويكره البطالة ويبتكر شتى أساليب العمل كي لا يكون عالة على أحد ويكسب قوت يومه بعرق جبينه، وأحمد الله دوماً على هذه النعمة، وأدعو أن تدوم، وأفتخر بأنني واحد من القلائل، الذين يمارسون هذه المهنة النادرة التي لا يعرف اللبنانيون عنها الكثير من المعلومات والحقائق· مصطفى هاشم
بينما يؤكد الخبير مصطفى هاشم "أن مهنة صيد الديدان نادرة وتحتاج الى خبرة وصبر وتحمل أحوال البحر، ولكننا لا نخشاه لأن البحر بات في دمنا، ومنذ 45 عاماً وأنا أمارس الغوص والصيد والسباحة، وأجني رزقي دون كلل أو ملل"· ويشير الى أنه يتم التعامل مع الديدان بنعومة، فيقول: ترفع من المياه مع كمية من الرمال، ثم تفرك بأخرى جافة كي تبقى وحدها، قبل أن توضع في علب خاصة، وأحياناً تملح وتثلج ويحتفظ بها للصيد في الشتاء، وعليها إقبال من الهواة، الذين يرغبون بصيد الأسماك الكبيرة، ليصح القول فيها "تتحول الديدان إلى طعم ومصيدة للأسماك"، وهي قبل ذلك تصبح طعماً بيد الإنسان لتستمر دورة الحياة والموت"·
تعليقات: