بلدة القليعة، بلدية الأضداد فيها على شفا الانهيار.. \"لا تهزّو واقف عشوار\"
عشرة أشهر تفصل عن استحقاق الانتخابات البلدية، بحسب ما ينص عليه القانون، لتنهي المجالس المنتخبة ولاية من ستّة أعوام، الا أن الأوضاع السياسية والأمنية الراهنة لا توحي حتى الساعة باجراء انتخابات في أيار المقبل، بل تتجه الأمور الى التمديد السائد البلاد!...
هذه الأجواء أرخت بثقلها على بعض البلديات في قضاء مرجعيون ولا سيما منها في البلدات ذات الغالبية المسيحية، حيث لا مرجعيات سياسية أو حزبية، ولا ضابط ايقاع ينظّم عملها ويكبح جماح من تسوّل له نفسه تغليب مصالحه الخاصة على مصلحة بلدته، فكانت النتيجة استقالات جماعية أدّت الى فرط عقدها وتسليمها الى القائمقام بسبب عدم انسجام اعضائها، في حين تعاني بلديات أخرى أزمات داخلية أثّرت على عملها الإنمائي وإنتاجيتها طوال الأعوام الماضية، اذ انشغل أعضاؤها بخلافاتهم الداخلية غير آبهين بمن أولاهم بأصواته مسؤولية إدارة شؤون البلدة.
باستثناء بلدية جديدة مرجعيون المتجانسة أعضاء وعملا، تشهد باقي بلديات القرى المسيحية أزمة حقيقية تعود أسبابها الى مرحلة الانتخابات التي خاضها البعض بخلفية "نكايات" وتصفية حسابات، وصلت الى حد تحالف الأضداد و"تقاسم الجبنة"، رغم ان العائلية كانت العنوان الأساس بسبب غياب التأثير الفعلي للأحزاب.
بلديتا ابل السقي (مسيحية - درزية) وبرج الملوك، اصبحتا في عهدة القائمقام،
وبلدية دير ميماس ذات النسيج السياسي والمذهبي المنوّع تعيش "زواجا قسريا" يهدده الطلاق غير مرّة،
فيما بلدية القليعة كمن يطبّق المثل "لا تهزّو واقف عشوار"، فقد أُطلقت عليها تسمية "بلدية الجبنة"، حيث اجتمعت ثلاث لوائح لا جامع بينها سوى محاربة لائحة البلدية السابقة، وتوُزّعت الحصص في ما بينها كالآتي: اربع سنوات لرئيس، يليه رئيس لسنة وآخر لسنة أخرى، كما نيابة الرئاسة!
"بلدية الأضداد" في القليعة على شفا الانهيار:
تتجّه الأنظار اليوم الى القليعة كبرى البلدات المسيحية في القضاء، اذ تعاني بلديتها انفراطا لتحالفها وسقوطاً لـ"كلمات الشرف" والوعود التي قطعت. خمسة أعوام من عهد البلدية، وُصفت بأنها الأسوأ في تاريخ البلدة. فعدا الخلافات الداخلية التي نتجت من عدم الانسجام بسبب التفرّد بالقرارات ونشوء تحالفات، عزلت البلدة عن محيطها الجغرافي، وانكفأت عن التواصل حتى مع الجمعيات والمؤسسات المحلية والدولية وصولا الى القوة الدولية "اليونيفيل" ومقاطعتها على خلفية عدم منح التزامات لرئيس البلدية الذي يملك شركة خاصة، مما جعل البلدة تخسر الكثير من الخدمات والمشاريع الانمائية التي أفادت منها بشكل واضح قرى الجوار.
بعد انقضاء أربع سنوات من الولاية، كان مفترضاً أن يسلّم حنا ضاهر الرئاسة الى يوسف الخوري بحسب اتّفاق شفهي، لكنّ تفاهمات داخلية أفضت الى تسليمها الى شفيق ونّا، فيما انتظر الخوري نهاية السنة الخامسة (حزيران الماضي) ليتسلم مهمّته، وهنا كانت المفاجأة أن ونّا رفض أن يتنحى وتنصّل ضاهر أيضا من الاتفاق، وبدأت كرة ثلج الخلافات الداخلية والانقسامات بين أعضاء البلدية تتدحرج بين مؤيّد ومعارض، الأمر الذي أثار استنكار غالبية الأهالي و"عرّابي" هذا الزواج القسري من فاعليات وحزبيين. وما يتسرّب من الكواليس ويتردّد، أنّ ونّا يراهن على عدم حصول الانتخابات البلدية في موعدها واقرار التمديد، فيبقى هو رئيسا الى أجل غير مسمّى، الأمر الذي استفزّ ضاهر فعاد يطالبه بالتنحّي لمصلحته علّ التمديد يحصل في عهده! هذه الخلافات دفعت ثمانية أعضاء، بينهم ضاهر وحلفاؤه، الى تقديم استقالتهم الى القائمقام وسام الحايك الذي سيرفعها الى المحافظ محمود المولى لبتها ضمن المهلة القانونية.
هذه الصورة غير المشرّفة عن هذه البلديات، تُعتبر نموذجا مصغّرا عن الواقع المسيحي اللبناني عموماً، فإذا كانت القيادات المسيحية عاجزة عن انتخاب رئيس للجمهورية، فهل يستطيع المواطنون العاديون الاتفاق على بلديات منسجمة؟
تعليقات: