الخيام وشقاوة الصيف..


ما بين حرارة الصيف

وشقاوة الشمس

يظهر وجه أخر للخيام ...!

حيث تخلع الأرض رداء الثلج

وتلقى بمظلات المطر

لتنضج على ملامحها

أكواز التين

وكرات اليقطين

وتتسلق على عيناها

أوراق المشمش

وأجنة البلوط التى

خرجت من مخاض السنديان..

ففي الخيام .....

دوما هناك ثورة للطبيعة

وعشق خام للجلوس

على شرفات تحن مع مغتربيها

لفنجان قهوة يصاحبها

أرجيلة ومكسرات مالحة ودخان ..

وهناك وقت مستقطع من الشغب

لمداعبة أنوثة الدردارة

بكميات لا حدود لها من الغزل

والعشق والحنان ..

فما أجمل الصيف في الخيام ...

حيث تلتقى شوارعها

بالمارة المقيمين منهم والمغتربين

لتتحول أزقتها الضيقة

الى فضاء يحتضن باللهفة

حقائب المجهدين من السفر

ومسافات الطيران ..

ويسمع الصمت في أخر الرواق

مع العتمة رغم تجسس النجوم

وصرير الزيز

أصوات البزر المحمص

وقرقعة القضامة الحلوة

وهي تقابل أفواه السهر

بالإحتضان ..

وليرى البصر في لحظات نعاسه

حلم الجالسين على الكراسي الخشبية

وهى تزيزق بمتعة الفوضي الخلاقة

مع عظام الخيزران ..

حينها تتنهد الحميضة وهى تلسع بقشعريرتها حلاوة

اللسان

لتصفق لها أجران اللحمة المدقوقة

وهى تطحن برغل الضيعة مع تحويجة الكبة

على لحن منفرد الإيقاع من عزف أوراق الريحان ..

فكم هي جميلة أجواء الصيف

حينما يهطل البشر كما المطر

على تراب الخيام

لتعود الحياة من بعد سبات البرد

وقيلولة الرعد ...

لأخذ أنفاس عميقة من رئة الورد

وحناجر الخضرة المغمسة بالرمان..

وكم هي جميلة لمة الأهل وشيطنة الأولاد

واستراق الشباب للنظر الى

ما يخفيه طول صبية بفستان ..

ليعود بعد كل هذا كل عصفور الى عشه

وكل مغترب الى هجرته..

وكل ورد الى انيته ..

ويصمت الزمن بإنتظار الصيف القادم

بعد خلوة مع الشتاء

وربيع جديد متخم بعفوية الالوان ..

فالكل يلوح لجدران منزله..

لأصدقاء طفولته ..

لجيرانه ..

لحاكورة بيته..

لرائحة الزعتر ..

والكعك ..

والفلافل الساخنة..

فلربما لا يعود في الصيف القادم

كما كان ..

فنحن لا نملك الأقدار

ولا نملك الأقلام

التي تكتب بها

حياة انسان ..

ولا نملك منع ورقة كتب عليها اسم

حبيب من السقوط

من علو الأغصان ..

لهذا كل لحظة وكل ساعة وثانية

هي بمثابة

عمر جديد يبذره البعض بحب

في صيف لا يكون جميلا إلا في الخيام..




تعليقات: