قرر عمال وموظفو مستشفى ميس الجبل الحكومي إخراج قضيتهم إلى العلن. أعلنوا الإضراب والاعتصام، وأوقفوا العمل في المستشفى لساعات «بعد إبلاغ ادارة الصليب الأحمر رفض الموظفين استقبال أي حالة من حالات الطوارئ».
ستة أشهر مرّت، ولم يحصل أكثر من 100 موظف وعامل وأجير على رواتبهم الشهرية، «اتكلنا على الاستدانة شهراً بعد شهر على أمل الحصول على الرواتب من دون جدوى»، يقول أحد موظفي المستشفى، لافتاً الى أن «الجميع كان يسكت حفاظاً على سمعة المستشفى وديمومة وظائفهم، لكن الاهمال لا يطاول الرواتب فقط، بل أموراً كثيرة تهدد استمرارية المستشفى نفسها».
هذا الوضع لا يقتصر على مستشفى ميس الجبل الحكومي، بل يشمل أيضاً مستشفيي بنت جبيل وتبنين الحكوميين، ولو أن وضع كل مستشفى يختلف قليلاً عن الآخر تبعاً لموقعه وعلاقته بالقوى الحزبية النافذة.
بعد سنوات طويلة من الإهمال، انشأت تباعاً، منذ عام 2006، ثلاثة مستشفيات حكومية، في بلدات «ميس الجبل- بنت جبيل- تبنين». اضافة الى مستشفى الشهيد صلاح غندور في بنت جبيل التابع للهيئة الصحية الاسلامية، الذي بدأ عمله بعد التحرير عام 2000، والذي يبعد أمتاراً قليلة عن المستشفى الحكومي الجديد. هذه المستشفيات جُهّزت بأحدث الأجهزة الطبية.
على سبيل المثال، قُدّرت كلفة تجهيز مستشفى بنت جبيل الحكومي وحده بعشرة ملايين دولار. على الرغم من ذلك، يشير أحد المطلعين على أوضاع المستشفى الى أن «عدد المرضى الذين يستقبلهم المستشفى يومياً لا يزيد على عشرة، فيما يشغل المستشفى نحو 140 موظفاً، اضافة الى الأطباء، وهو قادر على استيعاب 120 مريضاً».
يردّ أحد الأطباء سبب تدني عدد المرضى في مستشفى بنت جبيل الى «وجود مستشفى الشهيد صلاح غندور في مكان قريب، وهو يوفّر الخدمات الطبية بكلفة ادنى»، اذ يبلغ بدل المعاينة فيه نحو 12 الف ليرة بالمقارنة مع 30 الف ليرة في المستشفى الحكومي. إلا ان الكلفة ليست العامل الوحيد، بل ان النزاعات الادارية تؤثّر في وضعية المستشفى الحكومي، فقد استقال اثنان من أعضاء مجلس الادارة المؤلف من خمسة أعضاء، بينهم الرئيس «الذي يقوم حالياً بمهمات تصريف الأعمال، فيما لم يعمد مجلس الوزراء الى تعيين بديل، كما ان مفوض الحكومة في المستشفى أحيل على التعاقد منذ سنتين من دون أن يُعيّن البديل».
معدل المعاينة في المستشفى الخاص 12 ألفاً و30 ألفاً في الحكومي
يلفت مصدر طبي الى «وجود أجهزة طبية متطورة داخل مستشفى بنت جبيل الحكومي لم يتم تشغيلها حتى الآن، لأن الكادر الطبي لا يجيد التعامل معها، اضافة الى أن الأجهزة الخاصة بقسم العناية بالأطفال، لم يجر تشغيلها لأن كلفتها عالية ومن شأن استخدامها تجاوز السقف المالي المحدد من الوزارة».
يعتبر أحد أطباء المنطقة أن «مستشفى تبنين الحكومي استطاع أن ينافس مستشفيات المنطقة الاخرى كونه يحظى بدعم سياسي لافت، سمح بتشديد الرقابة على اختيار الموظفين، واستمالة عدد من أفراد الجهاز الطبي والاداري المتميز بأدائه في المستشفيات القريبة». لكن يؤخذ على هذا المستشفى أنه «يعاني من نقص في جهازه الإداري، اضافة الى بدلات الاستشفاء المرتفعة». ويشير احد المطلعين الى «موقع تبنين القريب والمميز بين القرى والبلدات ذات الكثافة السكانية، مثل شقرا والشهابية وحاريص ومجدل سلم وغيرها، ساهم في زيادة عدد المرضى في المستشفى، الذي يفوق 50 مريضاً يومياً، أي أكثر من 5 أضعاف متوسط عدد المرضى في مستشفيي تبنين وميس الجبل».
تعليقات: