لم تمرّ تغريدة النائب وليد جنبلاط العام الماضي عبر موقع "تويتر": "حان الأوان لتشريع زراعة الحشيشة في لبنان" مروراً عابراً وخصوصاً بعد الجدال الذي أثارته، وقد وجدت ترحيباً وصدى طيباً عند المئات من جمهور "الحشيشة" في منطقة #بعلبك، وخصوصاً من المطلوبين بمذكرات قضائية وذلك من منطلقات اقتصادية بحتة فمعظمهم يكتفون بالزرع من دون التعاطي والترويج والاتجار بها.
عشرات آلاف الدونمات من سهول بلدات غرب بعلبك تغطيها نبتة الحشيشة "القنّب الهندي" في انتظار ان يمرّ "عيد الصليب" الموافق في 14 من شهر ايلول المقبل ليبدأ موسم قطاف هادئ بعيداً من الحملات الامنية حيث تحولت عملية تلف الحشيشة في المنطقة في السنوات الماضية ساحة معركة، فإلى جانب استخدام السلاح وإقفال الطرق لم يتردد بعض المزارعين في تهديد مكتب مكافحة المخدرات، إذرأوا أن المواجهة شرعية لكونها دفاعاً عن "رزقهم".
اقترب موعد الحصاد ولا جديد في ملف زراعة "الحشيشة "، فتلفها العام الماضي والحالي ليس من اولويات الدولة فهل الاخيرة شرّعت زراعتها وإن بطريقة غير علنية؟
أخبار ذات صلة
ضبط حشيشة ومخدرات في بعلبك
في بعلبك... 750 كلغ من حشيشة الكيف يضبطها الجيش في مزرعة مهجورة
زراعة الحشيشة صارت أمراً واقعاً في بعلبك – الهرمل، ولا شكّ أن تناميها يتلازم مع الواقع الاقتصادي المتردي الذي تعيشه المنطقة، ناهيك بالبؤس والحرمان والفقر والتي يرزح تحت ثقلها عدد كبيرمن سكانها وما زال حتى اليوم. حاولت الدولة القضاء عليها لكن الواقع الاقتصادي - الاجتماعي كان أقوى خصوصاً أنها لم تقدم البدائل.
ملف زراعة الحشيشة واتلافها في المنطقة عود على بدء، فالمزارعون يدركون انهم يخالفون القانون بزراعتهم الحشيشة لكن ضيق الوقت المترافق مع الكميات الكبيرة المزروعة لن تمكن الاجهزة الامنية المولجة بالقضاء على هذه الزراعة من تلفها.
تعليق عمليات تلف الحقول من القوى الامنية خلال العامين المنصرمين جراء الظروف الامنية كان الدافع الاساسي للمزراعين الى ازدياد المساحات المزروعة عن السنوات المنصرمة ولا تحتاج الى جرار زراعي للبحث عن الاراضي المزروعة بالحشيشة فيكفي ان تسير على الطرق العامة التي تصل القرى السهلية الغربية لبعلبك بعضها ببعض لتجد إلى جانب الطرق مئات آلاف من الدونمات المزروعة من هذه النبتة فيمكن القول "انه عام الحشيشة".
مصدر امني لـ "النهار " يلفت الى ان نقص العناصر الامنية لدى قوى الامن الداخلي وانشغال الجيش بمكافحة الارهاب المتنقل وعدم وتوافر القرار السياسي الغى عمليات التلف، خصوصاً مع اعلان المزارعين اكثر من مرة عن استعدادهم لمواجهة الاجهزة المولجة بتلف حقولهم المزروعة بالقنب الهندي.
احد مزارعي الحشيشة في المنطقة يشير الى ان الدولة والمعنيين يطلبون من المزارع البقاعي الخضوع للقانون وفي الوقت ذاته لا يقدمون له أي شيء في المقابل. مردود الحشيش مرتفع جداً مقارنة بأي زراعة أخرى في ظل دولة فشلت عن منطقة مهمشة من الدولة اللبنانية منذ عشرات السنين.
ورغم كل الترقّب يرى المزارعون أنّ الموسم غني هذا العام لكنه لن يحمل ربحاً جيداً كالأعوام السابقة حيث حقق مزراعو النبتة (وفق احد المزراعين) أرباحاً قُدّرت ما بين 175 مليون دولار و200 مليون دولار العام الماضي. فأرباح الحشيش المعالج تقدربنحو 10 و 15 ألف دولار للدونم الواحد (ألف متر مربع) وتراوح تكلفة زراعة دونم واحد ما بين 100 و150 دولاراً.
فكل سنة تقريبا تقوم القوى الأمنية بإتلاف الاف الدونمات من الحقول المزروعة وعمليات التلف هذه تعطي مفعولا عكسياً، فهي بحسب مزارعي الحشيشة ترفع من سعر هذه السلعة أكثر فأكثر ليفيد من ذلك قلة من التجار، اما اليوم فسعر هقّة #الحشيشة (1200 غرام) نزل مع وفرة النبتة بشكل لا سابق له مقابل السنوات الماضية. مع العلم أن مساحة الأراضي المزروعة بهذه النبتة بلغت هذه السنة وفقا لمصدر امني لـ "النهار" 300 ألف دونم، أي ثلاثة اضعاف المساحة التي كانت مزروعة قبل سنتين.
تعتبر نبتة الحشيش في لبنان بعيدة من ثقافة شعبه فهي زراعة ممنوعة - مسموحة، ممنوعة قانونا، ولكنها موجودة ومعروف أين موقعها في ظل عدم قيام الدولة بواجبها الرعائي تجاه سكان المنطقة لجهة تأمين البنى التحتية والخدمات اللازمة لتحسين الحياة والزراعة في آن.
إن مشكلة زراعة الحشيش في لبنان لا يمكن أن تُحل إلا بشكل تدريجي، وبالتزامن مع توفير كل أسس التنمية المحلية الزراعية من متطلبات الإنتاج والتسويق وتنظيم الأسواق، وصولاً إلى الري والإقراض الميسّر.
تعليقات: