مدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم مستقبلاً الإعلامي الزميل هيثم زعيتر
تقطّعت به السُبُل... وأُصيب بإحباط... فقرّر السفر لتحريك الخلايا النائمة من خارج لبنان
اللواء ابراهيم: راقبنا الأسير سنتين وعطّلنا قدراته الإرهابية ونعمل في خلايا عمل مشابهة
«الحكيم» زوّر وثيقة السفر الفلسطينية وبطاقة الهوية بإسم خالد العباسي
يُسجّل بأحرف ناصعة لمدير عام الأمن العام اللواء عباس ابراهيم توقيف إمام «مسجد بلال بن رباح» - عبرا سابقاً الشيخ أحمد الأسير الحسيني، بعد عامين على تواريه وفراره، إثر جريمة اعتداء مجموعاته على الجيش اللبناني في عبرا بتاريخ 23 حزيران 2013...
وتكمن أهمية هذا الإنجاز، بأنّ المطلوب أُوقِفَ حيّاً ودون إراقة أي نقطة دماء في عملية أمنية نظيفة بكل تفاصيلها احتاجت إلى جهود جبّارة، وتشكيل خلية أمنية في الأمن العام منذ سنتين أُطلِقَ عليها إسم «خلية أحمد الأسير»، تتابع العمل على مدى ساعات الليل والنهار كاملةً، ما أثمر هذا الإنجاز الكبير...
وقد أدّى ذلك إلى توجيه ضربة قوية للخلايا الإرهابية من خلال توقيف الأسير، وشل حركته قبل تمكّنه من التواري لإدارة وتحريك الخلايا النائمة من الخارج، ووفّر كثيراً على لبنان تفجيرات أمنية، وإفشالاً لمخطّطات إرهابية تستهدف شخصيات سياسية وروحية وأمنية وعسكرية وحزبية...
وكذلك توقيف عدد من أفراد الخلايا أو تواري وفرار آخرين، ما يعطّل قدرتهم على التوتير...
وبعد أنْ ضاقت السُبُل أمام الأسير، وتنفيذ الأجهزة الأمنية مداهمات لأماكن كان قد غادرها قبل أيام، قرّر مغادرة الأراضي اللبنانية، لمتابعة نشاطه بإدارة وتحريك الخلايا النائمة....
حاول الأسير الهروب عبر عرسال والتسلّل إلى أي منطقة تخضع لسيطرة المعارضة السورية، على أنْ يقرّر بعدها إلى أين سينتقل، إلا أنّ توقيف الجيش اللبناني للشيخ السوري محمد يحيى (الذي كان يستقل سيارة أحد مشايخ في «هيئة علماء المسلمين»، ويرتدي حزاماً ناسفاً في عرسال)، ثم توقيف يعرب الفرج المعروف بإسم «يعرب أبو جبل» في أحد مخيّمات بر الياس، دفع الأسير إلى إلغاء فكرة الهروب عبر عرسال...
لذلك، أخذ يفكّر بالسفر عبر تزوير أوراق ثبوتية مع تغيير في مظهره الخارجي، ما يسهّل له السفر بسهولة...
وفي ما يلي إضاءة على دوافع وأسباب قرار الأسير بالسفر إلى خارج لبنان ومراحل تزوير وثيقة سفر فلسطينية بإسم خالد علي العباسي وظروفها، وصولاً إلى التوقيف في «مطار الشهيد رفيق الحريري الدولي» - بيروت، صباح السبت 15 آب 2015 أثناء محاولته التوجّه إلى نيجيريا عبر «مطار القاهرة الدولي» على متن خطوط «مصر للطيران»...
توقيف قبل المغادرة
بدأت تتجمّع معلومات لدى الأمن العام اللبناني بأنّ الأسير قرّر مغادرة لبنان، ويستعد لتزوير أوراق ثبوتية، حيث كانت هذه المعلومات تصل تباعاً إلى الخلية التي أنشأها اللواء ابراهيم في الأمن العام، وأوكلت إليها مهمة متابعة الأسير.
وهذه الخلية تضم مجموعات جرى تشكليها في الأمن العام توزّعت بين:
- مراقبة حركة الاتصالات المشتبه بهم لصلتهم بالأسير.
- التواصل مع عدد من المخبرين في مخيّم عين الحلوة ومدينة صيدا وإقليم الخروب والشمال.
- وضع احتمالات للصور التي يمكن أنْ يقوم الأسير بانتحالها، حيث جرى وضع الاحتمالات كافة، بما في ذلك إمكانية تغيير معالم وجهه أو إطالة شعره أو شاربيه، حيث تبيّن أنّ إحدى الصور تطابقت مع صورة الأسير لحظة إلقاء القبض عليه بنسبة وصلت إلى 90%.
- التدقيق بكافة رحلات الطيران للمغادرين إلى عدّة عواصم وبينها نيجيريا.
وتوالى ورود المعلومات بأنّ الإسم الذي اختاره الأسير هو خالد، دون أنْ تتم معرفة الكنية أو الجنسية التي سيتم استخدامها.
وتؤكد المعلومات أنّ الأسير في محطته الأخيرة قبل الانتقال إلى جدرا كان في ضيافة أحد القياديين الإسلاميين المتشدّد خلف «مسجد النور» في مخيّم عين الحلوة، وخلال تلك الفترة جرى تزوير الأوراق الثبوتية للأسير لدى حسن نوفل المعروف بإسم «الحكيم»، الذي أنجز تزوير وثيقة سفر فلسطينية للأسير، وأخرى تعود إلى الشيخ يوسف حنيني.
وتُلمِح المصادر إلى أنّ اختبار نجاح مدى التزوير من قِبل الأسير، كان باختبار وثيقة السفر التي زوّرت إلى حنيني الذي وصل إلى «مطار الشهيد رفيق الحريري الدولي» في بيروت قبل عدّة أيام من موعد سفر الأسير، واكتشف تزوير وثيقة سفره، لكن اتخذ القرار بالسماح له بمتابعة سفره لرمي «طعم» للأسير، واطمئنانه إلى إمكانية نجاح مغادرته عبر المطار، فوقع في مصيدة اللواء ابراهيم.
سلّم «الحكيم» وثيقة السفر الفلسطينية المزوّرة إلى الأسير عبر أحد الوسطاء بإسمه الجديد خالد علي العباسي، تحمل الرقم 251408، والدته فاطمة، من مواليد صيدا في العام 1972، ملفه 211، والبيان الإحصائي 14382، يُقيم في حي البراد في صيدا، وصادرة بتاريخ 31 تموز 2015، صالحة لمدّة 3 سنوات - أي لغاية 30 تموز 2018، وسلّمه أيضاً بطاقة هوية مزوّرة صادرة عن المديرية العامة للشؤون السياسية واللاجئين الفلسطينيين بإسم خالد علي العباسي، وتحمل الرقم 432721 صادرة بتاريخ 31 تموز 2012.
في الأسبوع الثاني من شهر آب 2015 غادر الأسير مخيّم عين الحلوة عبر منفذ سيروب للمشاة، وانتقل إلى جوار محيط «مسجد الشهداء» وسط مدينة صيدا، حيث كان بانتظاره عبد الرحمن فضل الشامي (مواليد 1970)، التي نقله إلى منزله في جدرا - إقليم الخروب.
وفي اليوم التالي، أقل عبد الرحمن الشامي بسيارته من نوع «بيجو 505» الأسير إلى مبنى السفارة التركية في الرابية، من أجل الحصول على تأشيرة دخول إليها، إلا أنّ الأسير تردّد في ذلك، وقرّر صرف النظر عن الحصول على تأشيرة من السفارة التركية، لأنّه سيكون مضطراً للانتظار جرّاء الاكتظاظ الكثيف أمام السفارة، وحتى لا يُكتشف أمره، فعاد برفقة الشامي إلى بيروت، وقصدا مكتب خ. للسفر في محلة مار إلياس، وتمكّن الشامي من الحصول على تأشيرة سفر للأسير إلى نيجيريا، نتيجة التنسيق بين الشيخ يوسف حنيني و(م.ن) مع (م.ع) الموجودين في القارة الإفريقية.
عاد الأسير برفقة الشامي إلى منزل الأخير، حيث بقي فيه حتى 15 منه، فيما كان الشامي يتولّى إنجاز الترتيبات كافة.
في غضون ذلك، كانت زوجة الأسير، أمل شمس الدين، قد توجّهت إلى السفارة التركية بهدف الحصول على سمة دخول بعدما قام خالد محمد أوزعر (مواليد 1978)، بنقلها إلى هناك.
توقيف خالد العباسي
صباح يوم السبت 15 آب 2015، اتصل عبد الرحمن الشامي باكراً بشخص يُدعى فؤاد، ويكنّى بـ»أبو ياسر» ويعمل على نقل الطلاب بواسطة «فان» عمومي من نوع «ميتسوبيشي» أبيض اللون، ويُقيم في منطقة عرمون، طالباً إليه القدوم إلى منزله في جدرا، ثم غادر عبد الرحمن منزله قرابة السابعة والنصف صباحاً متوجّهاً إلى مكان عمله في محله المخصّص لبيع قطع السيارات وإشكمونات السيارات في المدينة الصناعية الجديدة - سينيق - جنوبي مدينة صيدا.
قرابة التاسعة والنصف صباحاً، وصل «أبو ياسر» وكان يقود سيارة جيب هوندا (CRV)، وقام باصطحاب الأسير معه قبل أنْ يوصله ليستقل سيارة تاكسي من نوع مرسيدس بيضاء اللون تحمل الرقم (254635/ط)، ونقد سائقها بدل الأجرة، الذي لم يلحظ أي شيء غير اعتيادي، حيث قال بعد توقيفه: «أنا وصّلتو عَ المطار، وما صار أي شي غير اعتيادي».
وصل الأسير إلى المطار، وكان يرتدي ملابس مدنية، وحليق الذقن، وقد أطال شاربيه وأرخى شعره... واجتاز النقطة الأولى التي تُشرِف عليها قوى الأمن الداخلي والمخصّصة لتفتيش دقيق للأشخاص والمحتويات، بعد أنْ مرَّ تحت «سكانر» ووضع حقيبتين كانتا بحوزته داخل جهاز «سكانر» لفحصهما، فتبيّن أنّهما لا يتضمّنان محظورات وممنوعات، حيث سُمِحَ له بالمتابعة، فتوجّه إلى كونتوار «مصر للطيران» وأبرز تأشيرة دخوله إلى نيجيريا، وورقة الحجز، فتمَّ إصدار بطاقة مغادرة له على متن الطائرة التي كانت ستقلع بعد قليل.
وضع حقيبة ضمن الشحن، وجرَّ بيده حقيبة أخرى صغيرة، وضع داخلها بعض المقتنيات الخاصة به، ووقف في صف طويل عند المدخل المؤدي إلى نقطة الجوازات.
في هذا الصف الطويل، توزّع الركاب على خطين أمام ضابط ومفتشين من الأمن العام، وقرابة العاشرة والنصف صباحاً وصل الأسير وسلّم وثيقة سفره بإسم خالد علي العباسي إلى الضابط في الأمن العام، فيما أخذ ينظر نحو الاتجاه الآخر، حتى لا يلفت النظر إليه، وإذا بالضابط في الأمن العام يخاطبه قائلاً: «كيفك شيخ أحمد الأسير، مش هيك إسمك؟»، أجابه الأسير: «نعم، أنا أحمد الأسير الحسيني».
طلب منه الضابط مرافقته إلى مكتب شؤون المعلومات في المديرية العامة للأمن العام في المطار، حيث التقطت له صور وأرسلت سريعاً عبر الـ»واتس.آب» إلى الضابط المعني في مكتب المعلومات في المديرية العامة للأمن العام، الذي زف الخبر إلى اللواء ابراهيم الذي كان يتواجد في مسقط رأسه كوثرية السيّاد - قضاء صيدا، يتابع المستجدات في هذا الملف: «مبروك سيدي... أحمد الأسير صار في ضيافتنا في المديرية».
سريعاً جرى نقل الأسير من مركز الأمن العام في المطار إلى مبنى المديرية، حيث بوشرت التحقيقات معه، فأدلى باعترافات هامة، وصريحة وواضحة، لجهة كافة المراحل التي مرَّ بها ببروز ظاهرته، وأحداث عبرا، وهروبه وتواريه بين صيدا والشمال ومخيّم عين الحلوة وجدرا، فضلاً عمَّنْ مولّه ودعمه وشارك في العمليات العسكرية، وقدّم خدمات لوجستية، ومخطّط عمليات التفجير الذي كان ينوي تنفيذه.
كان الأمن العام قد اتخذ إجراءات مشدّدة داخل المطار وخارجه بمشاركة أكثر من 50 بين ضابط وعسكري من الأمن العام، توزّعوا بين ارتداء اللباس المدني والعسكري، جرى نشرهم في أماكن محددة، وأبلغوا بأنّ موقوفاً خطيراً يُدعى خالد العباسي، متهم بجرائم إرهابية، ويجب اتخاذ إجراءات وقائية، خشية أنْ يقدّم أحد الإرهابيين بتفجير نفسه بحزام ناسف في الخارج، أو يحاول اقتحام المطار، ولم يتم إبلاغهم بأنّ الشخص المعني هو أحمد الأسير.
ولم يستدعِ تدخّل أفراد هذه القوّة، التي لم تعلم بأمر إلقاء القبض على المطلوب، إلا لحظة الطلب منها العودة إلى مقر المديرية العامة للأمن العام.
وكانت قد تردّدت معلومات - تبيّن عدم دقّتها - بأنّ الأسير اجتاز نقطة تفتيش قوى الأمن الداخلي بعد «السوق الحرّة» في المطار، وبعدها صعد إلى طائرة عائدة لخطوط «مصر للطيران» المتّجهة إلى القاهرة، التي كانت ستُقلِع قرابة الثانية عشرة، حيث انقض عليه عناصر الأمن العام، واقتادوه إلى نقطة المعلومات في المطار، وذلك بعد التأكد من أنّ أحداً آخر ليس برفقته، وهو ما ثبت عدم دقته.
عند الساعة الثانية عشر ظهراً، اتصل عبد الرحمن الشامي بنجله المعتصم بالله الشامي (مواليد 1994) الذي كان متواجداً في منزل العائلة في «مشروع المعتز» في جدرا - الطبقة الرابعة، ويعمل مدرّساً، وطلب منه الاتصال بالمطار للتأكد من أنّ رحلة «مصر للطيران» المتّجه إلى القاهرة ستُقلِع في موعدها المحدّد.
وبالفعل نفّذ المعتصم بالله طلب والده مع الوصية بأنْ يتم الاتصال عبر هاتف «نوكيا» من نوع «فانوس» كان قد وضعه في المنزل مع خط بشكل أمني، على ألا يستخدم رقمه أو رقم المنزل، وبالفعل اتصل باستعلامات المطار، وتأكد من أنّ الطائرة ستُقلِع بموعدها، فعاد وأبلغ والده بذلك.
وسريعاً خطف الأضواء وطغى على أخبار وسائل الإعلام، توقيف الأسير في المطار.
عند الواحدة والنصف ظهراً سمع المعتصم بالله، توقيف الأسير في المطار، كما سمع ذلك والده عبد الرحمن الشامي فتوارى عن الأنظار، حيث ترك محلّه في المدينة الصناعية الجديدة في صيدا وغادر سريعاً، علماً بأنّه لم يلاحظ أحد علاقته بالأسير، أو يلفت الأنظار بالتزامه الديني، ولم يرخِ لحيته.
وفي اليوم التالي، داهمت وحدات من مكتب الشؤون المعلومات منزل الشامي في جدرا، الذي كان قد توارى عنه، فجرى توقيف نجله المعتصم بالله، ومصادرة جهاز كمبيوتر وخطوط هاتف، وعتاد وألبسة عسكرية وأوراق وكُتُب عن أسلحة ودروس عسكرية وعن صناعة المتفجّرات تعود إلى عبد الرحمن، فجرى توقيف نجله المعتصم بالله، كما جرت مداهمة شقة يملكها عبد الرحمن في بيروت، وتمّت مصادرة أوراق خاصة (ولاحقاً سلم عبد الرحمن الشامي نفسه للأجهزة الأمنية).
ونفّذ الأمن العام عدّة مداهمات جرى خلالها توقيف عدد ممَّنْ اعترف عليهم الأسير، وبعضهم أطلق سراحه لاحقاً، كما جرت مداهمات متعدّدة في مدينة صيدا وعبرا وشرحبيل والفيلات، وتم توقيف بعض الأشخاص بينما كان آخرون قد تواروا عن الأنظار، فيما تمّت مصادرة أسلحة وذخائر ومتفجرات ومستندات.
تزوير الأوراق الثبوتية
{ لماذا اختار الأسير وثيقة سفر فلسطينية؟
كثرت التساؤلات عن أسباب لجوء الأسير إلى تزوير وثيقة سفر فلسطينية، وليس جواز سفر لبناني أو غيره، ومردُّ ذلك إلى أنّ جوازات السفر اللبنانية، والعديد من جوازات السفر العربية والدولية، تمتاز بتقنيتها العالية، والتي يصعب تزويرها، وأيضاً بإمكان أجهزة التدقيق في المطارات كشف التزوير مباشرة.
أما وثيقة السفر الفلسطينية، فإنها ما زالت لا تتمتّع بذات مواصفات جواز السفر اللبناني، إنْ لجهة الحجم، أو طريقة إدخال المعلومات، حيث تتم في جواز السفر اللبناني عبر الكمبيوتر، أما في وثيقة السفر الفلسطينية، فإنّ تدوين المعلومات يتم يدوياً، وهو ما يمكن أنْ يساهم في عملية التزوير بإدخال المعلومات، لكن لا يشمل التزوير وثيقة السفر بحد ذاتها، نظراً إلى صعوبة ذلك، بل يتم استخدام وثيقة سفر عائدة لمتوفى أو مفقود أو وثيقة مسروقة، ويتم إسقاط المعلومات عليها مع لصق صورة الشخص المراد تزويرها لصالحه.
{ كيف زوّر الأسير وثيقة سفره؟
اختار الأسير وثيقة السفر الفلسطينية لسهولة حصوله عليها بالمواصفات التي يريدها.
لكن لدى التدقيق في وثيقة السفر المزوّرة التي تحمل إسم خالد علي العباسي، يمكن تسجيل الملاحظات التالية:
- إنّ أوراق الوثيقة بحد ذاتها صحيحة.
- إنّ خالد علي العباسي كان يحمل هذه الوثيقة، وأبلغ عن فقدانها منذ فترة.
- إنّ رقم الوثيقة 251408 يعود إصداره إلى العام 2005، وتاريخ إصدار الوثيقة الجديدة يعود إلى 31 تموز 2015.
- إنّ توقيع الضابط المفوّض من قِبل المدير العام للأمن العام، لا يتطابق مع توقيع الضابط التي أصدر وثائق السفر خلال شهر تموز 2015.
وكذلك بالنسبة لبطاقة الهوية المزوّرة لجهة:
- رقم الملف والبيان الإحصائي، اللذين تبيّن أنّهما لا يعودان إلى خالد العباسي، وأنّ الرقم المتسلسل في البطاقة 0432721 بدأ العمل به في شهر تشرين الأول 2012، وليس كما ورد بتاريخ 31 تموز 2012.
- عدم تطابق أي من خطوط الموظّفين في المديرية العامة للشؤون السياسية واللاجئين مع هذا الخط، والذي يكتب بخط «فتر» وليس بحبر ناشف.
- عدم دقة مكان وجود الأرزة بشكلها الطبيعي.
- إنّ توقيع الملازم أوّل رمزي فرحات مزور ومصوّر عن بطاقة هوية أخرى.
{ لماذا توقيت اختيار الأسير الهروب عبر المطار؟
- لأنّه سُدّت السُبُل سواء للهروب برّاً عبر عرسال أو منافذ أخرى.
- موعد الزيارة التي كان سيقوم بها عدد من أهالي العسكريين المختطفين إلى أبنائهم في جرود عرسال.
- يوم عطلة رسمية بانتقال السيدة العذراء، حيث الدوائر الرسمية مقفلة والمسؤولون في إجازة.
- «الطعم» الذي وقع به الأسير، بتمكّن مغادرة مساعده الشيخ يوسف حنيني، ما شكّل طعماً له.
- إنّه جرى تواصل مع أصدقاء له من جماعة «بوكو حرام» من أجل ترتيب السفر إلى نيجيريا التي تولاها الشيخ يوسف حنيني وآخرين.
وكان المرافق الشخصي للأسير علي عبد الواحد، قد أُلقِيَ القبض عليه خلال شهر تموز 2013، في «مطار الشهيد رفيق الحريري الدولي»، وكانت وجهته السفر أيضاً إلى نيجيريا، ما يشير إلى أن هناك مجموعة من المتعاونين مع الأسير.
الأسير الذي كان شديد الحذر لجهة الاتصالات، كان يستخدم هاتفاً خلوياً فقط بالاتصال عبر تطبيقَي «سكايب» و»واتس آب»، دون أنْ يكون هناك كلام صوتي، وأبلغ زوجته في إحدى الرسائل: «إذا ما حكيتك الساعة 12، بكون اعتُقلت».
اللواء ابراهيم
وتعليقاً على توقيف الأسير أكد اللواء ابراهيم أنّ «عملية التوقيف كانت نوعية ونظيفة، ولم يُصب فيها أحد، ولم يُجرح أحد، ولم يُقتل المطلوب كما في عدد من العمليات المشابهة، فهو خزّان أسرار كما أظهرت التحقيقات الأولية معه، وقادت إلى توقيف عدد من أتباعه والشبكات التي كان قد شكّلها، وبينهم مَنْ فرَّ، وفي حال الفرار يكون التعطيل قد حصل، الفار كالذي في السجن معطل الدور والمبادرة، وغير قادر على التحرّك في أي اتجاه أو عمل إرهابي حاضراً ومستقبلاً، لأنه واقع تحت المراقبة».
وأشار إلى «أنّنا راقبنا الأسير سنتين، وعطّلنا قدراته الإرهابية، فإنّ مَنْ هرب سيكون في وضع مماثل، وشكّلنا خلية أمنية قبل سنتين اسمها «خلية أحمد الأسير» ضمت مجموعة من الضبّاط والعناصر، لها مكتب خاص وتعمل على الأرض، وكنتُ يومياً أتلقى نتائج عملها وما جمعته من معطيات، إلى أنْ تم إلقاء القبض عليه، ونحن نعمل في خلايا عمل عدّة مشابهة في ملفات أخرى سوى الأسير، في البلد إرهابيون كُثُر تستحق قضيتهم المتابعة، ليسوا على الخطورة نفسها، لكل منهم خلية تتابع وضعه قياساً بحجم خطورته وحجم الأخطار الناجمة عنه، تتعقّبه لحظة بلحظة، أناقش يومياً عمل هذه الخلايا واطلع على التقارير الخاصة بها ونتائجها، أؤكد أنّه ليس ثمة رجل خطير أو مطلوب ليس تحت المراقبة والمتابعة».
وأوضح مدير عام الأمن العام أنّ «الفلسفة الأمنية أو العمل الأمني قائم على عنصرين بشري وتقني، وما تحقّق هو إنجاز للبنان وليس لطرف سياسي، بهذه الطريقة فقط ننظر إلى الموضوع بمعزل عمَّنْ يكون المجرم، لا علاقة لي بهويته أو مذهبه، هذا الموقوف (الأسير) قتل 18 ضابطاً وعسكرياً وحرق بيوتاً في المعارك التي جرت في عبرا، وتضرّر منه أهالي صيدا والجنوب، تالياً لبنان بأكمله على مدى فترة طويلة، إذا كانت كل هذه الأسباب لإلقاء القبض عليه غير كافية بانتظار إلقاء القبض على مجرمين آخرين، فذلك يعني أنّ ثمّة مشكلة في وطنية هؤلاء الناس».
وشدّد على أنّ «السرية المطلقة في متابعة حركته كانت أكبر نقاط قوتنا، فهي أساس النجاح في مثل هذه العملية، مَنْ يعمل في الأمن قد ينتظر عشر سنوات خطأ أو هفوة يرتكبها المُلاحَق لإلقاء القبض عليه، عليك أنْ تكون جاهزا لاستغلال هذه الهفوة في لحظتها، متى لم تكن كذلك بما فيه الكفاية على مدى 24 ساعة تفوتك الفرصة، ولن تتمكّن من استثمار أي خطأ يرتكبه هذا المطلوب الإرهابي أو المجرم، لذلك عليك أنْ تكون واعياً، وعيونك مفتوحة 24 ساعة على 24 ساعة، وسبعة أيام على سبعة أيام لاقتناص الفرصة المناسبة للانقضاض عليه».
ورأى اللواء ابراهيم أنّ «ما حصل هو عمل استباقي حمى لبنان من إمكان تحريك أحمد الأسير خلاياه من خارج البلد، كان هناك احتمال تحريك خلايا في الداخل عندما كان في وضع مريح، إلا أنّنا عطّلنا حركته طوال سنتين، لو نجح في الفرار إلى خارج البلد، فإنّ ذلك يتيح له استعادة حرية الحركة، تالياً سيكون أكثر قدرة على تحريك خلاياه والقيام بعمليات إرهابية، وقد ظهر في التحقيقات أنّه تمكّن من نقل عبوات من الشمال إلى صيدا، وكانت لهذه العبوات مهمات ووظائف، لذلك نعتقد بأنّ ذهابه إلى البلد المقصود يرمي إلى تحريك خلاياه في لبنان وإدارتها واستئناف مخطّطاته بحرية أكبر، عطّلنا هذا الإمكان نهائياً، ونحن ننسّق مع الدولة التي كان الأسير سيقصدها - أي نيجيريا، لأنّ ثمة مَنْ كان سيحتضنه هناك، وسنزوّد النيجيريين ما نملك من معلومات».
«الصيد الثمين» أيضاً كانت أسراره ثمينة جداً، وتم تفكيك شبكاته، فأكد اللواء ابراهيم أنّ «العمل الأمني لوحده لا يكفي، من المهم تثبيت الأمن في البلد من خلال توعية الشباب المنجرفين باندفاع عن اقتناع أو عن مصلحة شخصية أو مالية ظرفية إلى الانضواء في تنظيمات إرهابية، العمل الوقائي يبدأ من تثقيف هؤلاء الشباب وتوجيههم في الاتجاهات الصحيحة».
اللواء ابراهيم الذي أهدى إنجازاً في العيد الـ70 للمديرية العامة للأمن العام، حقّق إنجازاً بعد 4 سنوات من توليه مهامه في المديرية، وقبل إنجاز الخطة التي وضعت للسنوات الـ5، والتي تركّزت على تنفيذ الصلاحيات المنصوص عليها في قانون إنشائه، بما يمس أمن الدولة الداخلي والخارجي، وهو الذي يمارسه وفق ما حدّده القانون وطبق لصلاحيات المديرية للأمن العام.
وختم اللواء ابراهيم: «نحن في قضية الأسير، بشكلها ومضمونها وتوقيتها، لا نرفع شعارات بلا أفعال، فقد فصلنا الشق الأمني عن الإداري والسياسي، لكل من هذه الثلاثية مَنْ يديره ويرعاه إلى النهاية».
الحلقة المقبلة:
فرار الأسير والتواري
تعليقات: