يندب المزارع ابو احمد حمد القادري حظه العاثر، بينما كان يتفقد بستان الزيتون العائد له في وادي خنسا، غربي كفرشوبا، فالأشجار المعمّرة التي كانت توفّر له موسماً جيداً، تخلّت عنها ثمارها للعام الثالث على التوالي، بالرغم من عنايته المميّزة والمكلفة (من تقليم وحراثة ورش مبيدات). إنه موسم سيئ للغاية، من دون معرفة الأسباب. لقد خاب ظننا مرة أخرى، فما كنا نأمله من إنتاج، ليسدّ جانباً من حاجياتنا مع بداية الشتاء، جاء عكس كل التوقعات، كل ما سنقطفه لا يغطي المصاريف، لكن علّ الأسعار المتجهة نحو ارتفاع غير مسبوق، تعوّضنا الجزء اليسير من الكلفة المرتفعة والباهظة التي تكبّدناها.
موسم خاسر.. وعبء
موسم الزيتون، الذي ينتظره المواطن الحدودي، بكل أمل في تشرين، جاء هذا العام يحاصره ويشدّ الخناق عليه، ليجعله ينوء تحت عبء الخسائر والديون المتراكمة، فالمحصول حسب العديد من كبار الملاكين، لا يتجاوز ثلث المعدل العام لإنتاج المنطقة والمحدّد بـ800 الف مدّ (مكيال الزيتون).
يتنقل المزارع جمال طه من بستان زيتون الى آخر، علّه يجد في أحدها ما يُشفي غليله، لكن قلة الثمار سيدة الموقف. يقول: الثمار غابت عن الأغصان، الحقل الذي كان يقطف سنة الحمل أكثر من 100 مدّ زيتون، هذا الموسم بالكاد يعطي الـ20 الى 25 مداً، إنها مأساة وضربة قاسية لم نكن نتوقعها هذا العام، علماً ان أشجار الزيتون بدت مطلع الربيع مثقلة بكميات كبيرة من الزهر، أدخلت التفاؤل والاطمئنان الى نفوس المزارعين جميعاً، لكن يبدو أن موجة الصقيع والرياح العاتية في شهر آذار، إضافة الى الطقس الصحراوي وما رافقه من غبار في ايلول، كلها عوامل طبيعية عاكست شجرة الزيتون وحالت دون عقد إزهارها، فكانت ضربة موجعة حرمت المزارع من إنتاجه الرئيسي الذي يتكل عليه في معيشته.
لا يلبي الطلب المحلي
موسم هذا العام، يقول المزارع السبعيني أبو محمد الحلبي، بالكاد يغطي الطلب المحلي وحاجة المزارعين المنزلية للزيت والزيتون، فما هو حاصل نكبة زراعية، ستكون لها مفاعيل سلبية على هذا القطاع، الذي تعتاش منه شريحة واسعة من أبناء هذه القرى الحدودية وبنسبة الـ90 في المئة، هذا الوضع المأساوي لمزارعي الزيتون، يستوجب تدخّل الجهات المعنية، خصوصاً الهيئة العليا للإغاثة، للتعويض عن الخسائر التي ضربت الموسم، إضافة الى ضرورة إرسال خبراء زراعيين لتقييم الوضع وتحديد أسباب التراجع، والوصول لوضع خطة زراعية كاملة متكاملة لتحسين الإنتاج.
مزارع يشتري مونته
المزارع أنور أبو العز أشار الى انه كان ينقل الى المعصرة بحدود 500 مدّ، وهذا العام لم يتجاوز محصوله حسب تقديراته الـ50 مداً، فيما يجزم حنا الخوري من كوكبا، انه مضطر لشراء مونة منزله من الزيت هذا العام، فيما كان يصله من المعصرة أكثر من 45 صفيحة في سنة الحمل.
«الرزق غالٍ لمن يعرف قيمة الأرض والتعب فيها»، هذا ما قالته المواطنة حمدي ضاهر من العرقوب، بينما كانت تقطف الزيتون بالحبة، الموسم معدوم، تعب العام ذهب هدراً، لكن بكل الأحوال، الحمد لله وعسى ان يكون الموسم المقبل افضل حالاً. أما فاضل المحمد فيقول بتهكم: صحيح الموسم ضعيف جداً، ولكن هذا الأمر قد يخفف عنّا همّ البحث عن كيفية التصريف، ويخفض أجور العمال، لأني اليوم أنا وأولادي نقوم بجني المحصول لقلّته، ولسنا بحاجة إلى يد عاملة كانت تثقل كاهلنا، وفرصة ايضاً للتشحيل وتنظيف الحقل من الأغصان البرية.
ارتفاع أسعار الزيت
رئيس التعاونية الزراعية في حاصبيا رشيد زويهد، أشار إلى أن أسعار الزيت ارتفعت اليوم ارتفاعاً مقبولاً، فالصفيحة من النوع الممتاز البكر، ضربت الرقم القياسي لتباع بحدود الـ150 دولاراً للمرة الأولى منذ فترة طويلة، وسعر كلغ الزيتون وصل الى حدود الـ10000 ليرة، نأمل ان تعوض هذه الأسعار المقبولة، جانباً من خسائر المزارعين المتراكمة على مدى الأعوام الماضية، والمطلوب في هذه الفترة حماية المزارع عبر منع استيراد الزيت من الخارج، علماً ان السوق اللبناني طفح العام الماضي بالزيت التونسي، والذي عمل بعض التجار على خلطه بالزيت اللبناني، ومن ثم تسويقه على أساس انه زيت لبناني. يضيف زويهد: زيتنا حسب المختبرات الدولية من أفضل الزيوت ويُضاهي زيت اكبر الدول المنتجة، واننا نفخر فعلاً بنوعيته، وهذا يعني ثروة زراعية هامة علينا العناية بها وتطويرها.
تعليقات: