صف الروضة في \"مدرسة ميمس\"
يعتبر العديد من القيمين على الوضع التربوي في المنطقة الحدودية، أن القرار الذي كان قد اتخذه وزير التربية الأسبق الدكتور حسن منيمنة، العام 2009 والقاضي بدمج وإقفال العديد من المدارس المتعثرة، انعكس إيجابا في بعض جوانبه، على التعليم الرسمي عموما في هذه المنطقة، بحيث شكل حافزاً لتعاون وثيق، استجد بسرعة بين الأهالي والبلديات والهيئات التعليمية، دفع بالمدرسة الرسمية إلى الأمام، وعمل بكل جهد لدعمها وعودة الثقة اليها.
هذا التعاون الجاد، أعاد بسرعة فتح «مدرسة ميمس الرسمية»، التي باتت مثالاً يحتذى في إنماء المدرسة الرسمية، والتي كان قد شملها قرار الإقفال خلال العام الدراسي 2008-2009. عودة الروح إلى هذه المدرسة، جاء بقرار من وزير التربية تحت الرقم 1485/م حمل عنوان «روضة اطفال ميمس الرسمية»، والتي انطلقت بصف واحد، لتصل إلى تسعة صفوف هذا العام، تسجل فيها نحو مئة تلميذ، على أن تتوالى الصفوف تصاعدياً سنوياً.
عودة الحياة إلى هذه المدرسة، انطلقت عبر التعاون بين الأهل والمدرسة والبلدية برئاسة غسان ابو حمدان في تلك الفترة، والتي أثمرت نتائج إيجابية سريعة، حيث تمكن الجميع خلال فترة قصيرة من تأمين 50 تلميذاً، عادوا اليها، تاركين صفوفهم في المدارس الخاصة، وأعقب ذلك توجيه كتاب الى وزير التربية يتضمن كل الشروط القانونية المطلوبة لإعادة فتحها من جديد، مع تعهد من الهيئة التعليمية ببذل كل النشاط والتفاني من أجل نجاحها، وهي التي كانت قد خسرت أكثر من 250 تلميذاً خلال السنوات الماضية، لمصلحة المدارس الخاصة. هكذا اجتازت قرار الإقفال والدمج، وباتت نموذجاً لدى جميع المدارس المتعثرة، ليبقى المطلوب من الجهات المعنية، تأمين بعض الحاجيات الضرورية، ومنها إعادة ترميم المبنى، عبر معالجة النش والدهان وإصلاح الحمامات، تزويدها بمولد كهربائي، مختبر ومعدات الكترونية.
وتعتبر «مدرسة عين قنيا» نموذجاً مميزاً للمدرسة الرسمية، فقد تفوقت على مثيلاتها في القطاعين الرسمي والخاص، متربعة على عرش النجاح في الشهادة المتوسطة بنسبة مئة في المئة، على مدى الـ16 عاماً المنصرمة ولا زالت، اختيرت كعاصمة للفرنكوفونية بين مدارس المحافظة لجهة التفوق على مدى سنوات طويلة، حازت خلالها تنويهات متكررة من المنطقة التربوية، ومن مديرية التعليم الابتدائي، هذه المدرسة كانت قد تأسست العام 1952، وبدأت بمدرس واحد وصف واحد، ووصل عدد تلامذتها اليوم إلى حوالي 300 طالب، عملت على مشاريع مشتركة بين مدارس خاصة ورسمية في لبنان، منها «مدرسة ليسيه فرانكو ليبانيه فردان» حول البيئة وتعزيز اللغة الفرنسية والنشاطات اللاصفية والفنية.
اختيرت هذه المدرسة، بين المدارس الـ48 لتطبيق المناهج الجديدة المطورة، كمرحلة تجريبية للعام الدراسي 2011-2012، لديها طاقم تعليمي ناشط يعمل بانتظام كخلية نحل بإشراف إدارة تسهر على الأمور الصغيرة والكبيرة.
ويؤكد مدير «ثانوية الكفير الرسمية» نعمان الساحلي أن القطاع الثانوي الرسمي في المنطقة مميز ويضاهي بدرجات كبيرة القطاع الخاص، حيث تستقطب الثانويات الرسمية أكثر من 90 في المئة من طلاب المنطقة، والمطلوب لمساعدة هذا القطاع، تأمين كادر تعليمي وعناية الإدراة واحتضان المجتمع الأهلي، إضافة إلى ضرورة تزويد الثانويات بالمختبرات ومولدات كهربائية، وسد النقص الحاصل في بعض المواد. الساحلي أشار إلى النتائج الممتازة لـ «ثانوية الكفير» على مدى الأعوام الماضية حيث كانت نسبة النجاح مئة في المئة، في جميع الشهادات الرسمية.
وفي جولة على عدد من مدارس القرى الحدودية، تبين أن المدارس الخاصة كانت قد تمكنت خلال السنوات الخمس عشرة الماضية من استقطاب أكبر عدد من التلامذة على حساب القطاع الرسمي، وبنسبة تجاوزت الـ75 في المئة، مستفيدة بذلك من تراجع المدرسة الرسمية، بسبب الأوضاع التي كانت سائدة خلال الاحتلال الإسرائيلي على مدى أكثر من 20 عاما، غابت خلالها الرقابة وندرت المساعدات، ليعود هذا القطاع خلال السنوات السبع الماضية يتنفس الصعداء من جديد ويستجمع قواه، يساعده في ذلك حوافز عدة، تبدأ بعودة الثقة تدريجاً إلى المدرسة الرسمية، التشدد المتجدد في الرقابة والتفتيش التربوي، خضوع المدرسين لدورات مكثفة في مختلف مواد المناهج الحديثة، تزويد المدارس بالكثير من المعدات التربوية والمخبرية.
العدد الإجمالي لطلاب مدارس قرى مرجعيون وحاصيا، يصل إلى نحو الـ13000 تلميذ في المراحل الابتدائية والمتوسطة والثانوية، موزعين على أربعين مدرسة بين رسمية وخاصة، المباني المدرسية في حاصبيا ومرجعيون جيدة وحديثة بمعظمها، حيث كان مجلس الجنوب قد أنجز خلال السنوات العشرالماضية، بناء عدد من المدارس في حاصبيا، ميمس، مرج الزهور، شبعا، عين عرب، إبل السقي، كفرشوبا، عين قنيا، الهبارية، والكفير.
دراسة حول الوضع التربوي في المنطقة الحدودية، أعدها نفر من المدرسين السابقين والذين تقاعدوا خلال السنوات القليلة الماضية، أشارت إلى أن التعليم الرسمي في هذه المنطقة شهد سابقا حالة من التراجع، فقد عندها الأهل الثقة بالمدرسة الرسمية، ليتوجهوا ناحية التعليم الخاص لأسباب متعددة يمكن حصرها بالتالي: «الواقع المرير وغير الطبيعي الذي ساد خلال فترة الاحتلال على مدى أكثر من 20 عاما، انعكس سلبا على نفسية المدرسين عامة، فغابت الرقابة التربوية وخاصة التفتيش التربوي، وهذا الوضع الرديء الذي مرت به المدرسة الرسمية، شجع العديد من الجهات على فتح مدارس خاصة، تكاثرت خلال سنوات مستغلة الفجوات في المدرسة الرسمية، ومنها مثلاً عدم وجود فروع لتعليم اللغة الإنكليزية».
برنامج «ربط الصفوف» للمدارس
يفتتح «المجلس الثقافي البريطاني» اليوم مؤتمر «برنامج ربط الصفوف»، وهو برنامج تعليم عالمي مخصص للمدارس، صُمم من أجل مساعدة الشباب في اكتساب المعرفة والمهارات والقيم الضروريّة للعيش والعمل، في اقتصاد معولم، والمساهمة بصورة مسؤولة على الصعيدين المحلّي والعالمي. تشير المسؤولة الإعلامية في المجلس ميلانا المر، إلى أن البرنامج نجح بالتواصل مع أكثر من 18 ألف مدرسة وبتدريب ما يزيد على 28 ألف أستاذ في 50 دولة منذ العام 2012.
ولفتت إلى أن برنامج «ربط الصفوف» أشرك أكثر من مئة شخصيّة من واضعي السياسات وصانعي القرار، في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ووفّر حلقات تدريب مهني لنحو ثلاثة آلاف أستاذٍ ومدير في 900 مدرسة، نجحت 112 منها بعقد شراكات دوليّة مع مدارس في المملكة المتحدة.
وتشارك وزارة «التنمية الدولية البريطانية» مع المجلس الثقافي في تمويل برنامج «ربط الصفوف»، الذي أطلق نسخته للفترة الممتدة بين العامين 2015-2018 في 14 حزيران الماضي.
يعقد المؤتمر اليوم في «فندق الموفنبيك» بالتنسيق مع وزارة التربية والتعليم العالي ليومين، وهو موجه إلى كلّ من واضعي السياسات ومزاولي المهنة، وسوف يتم التركيز على أهمية المهارات الأساسية في تهيئة شباب اليوم للمشاركة في عالم تسيطر عليه التكنولوجيا، وعلى حاجة الشباب إلى تنمية التفكير النقدي وحسن العمل الجماعي.
تعليقات: