تنتشر في الحقول وعند مجاري الأنهر والينابيع، ظاهرة بيئية خطرة، لم تتنبّه لها مختلف الجهات المعنية من بيئية وصحية وزراعية. تتمثل هذه الظاهرة برمي المزارعين والعاملين في رش المبيدات، العبوات الفارغة والأكياس، العائدة لمبيدات الحشرات والأعشاب، وبشكل عشوائي، في أعقاب عملية تجهيز وتعبئة مضخاتهم ورش حقولهم، بهدف مكافحة الأمراض والحشرات والأعشاب، لتغدو هذه العبوات والتي تخفي بداخلها مواد سامة، خطراً بيئياً عاجلاً ام آجلاً، يتسرب الى باطن الأرض ومجاري المياه، متسبباً بتلوث بيئي، يبدأ في الحقول الزراعية والينابيع والأنهر، ليتغلغل فيما بعد إلى المياه الجوفية، فيضرب لاحقاً الإنسان والطير والحيوان والثروة السمكية.
مخاطر التحلل
المهندس الزراعي غيث معلوف، حذر من خطورة هذه الظاهرة، وتأثيراتها السلبية على الوضع البيئي والحياة العامة، وقال ان مثل هذه العبوات المصنوعة بأكثرها من البلاستيك، تبقى في العراء لسنوات طويلة، لتتحلل نتيجة للعوامل الطبيعية، مما يجعل تأثيرها البيئي طويل الأمد. ويشير معلوف الى عدم خبرة او دراية المزارع العادي، بخطر مثل هذه العبوات، بحيث يبقى همه مكافحة الأمراض في مزروعاته بشكل أساسي، في ظل غياب اي توجه من قبل الجهات المعنية، والتي لم تضع حتى الآن هذا الخطر في برامجها بشكل عملي وجدي. فهناك استخدام عشوائي للمبيدات، من دون العودة الى جهة عليمة او مهندس مختص، او اللجوء الى طرق الوقاية من العبوات. فتأثير هذه المبيدات يظهر على المدى الطويل، ويمكن أن يؤدي الى أمراض سرطانية خبيثة. فللمبيدات سلبيات على مختلف النواحي البيئية، فهي سم يتسلل بكل هدوء الى بيئتنا ومجتمعنا، وعلى الجهات المعنية، خاصة وزارات الزراعة والصحة والبيئة، القيام بحملة توعية واسعة حول هذا الخطر البيئي، والذي يسير بوتيرة تصاعدية، مع ازدياد استعمال المبيدات في مكافحة أمراض المزروعات والحشيش... وفي ملاحقة قطعان الخنازير عبر دس نوع من السم لها، والتي تصيب في حالات عدة، الحيوانات الأليفة ليسجل نفوق في الكثير من رؤوس البقر والماعز.
القوانين والإجراءات
ودعا غيث الجهات المعنية في الدولة،الى ضرورة تطبيق القوانين التي ترعى مثل هذه الحالات الخطرة، حيث هناك غياب تام لهذه الجهات والتي بدت وكأنها خارج اي مسؤولية، تاركة هذه الظاهرة في تفاقمها من دون اي حسيب او رقيب، والمطلوب ايجاد وسيلة للتخلص من هذه العبوات، عبر حرقها بأفران خاصة مثلاً، وهذه غير متوفرة في المناطق والقرى الجبلية، والبديل الممكن فعله، طمرها داخل حفر خاصة بعيداً عن مجاري الأنهر والينابيع، وعن متناول الأطفال، والذين يجمعون بعضها للهو بها، او لبيعها لدى العاملين في تجارة البلاستيك والخردة.
وتشير التقارير المتعلقة كافة باستخدام مبيدات الآفات، أن أكثر من 98% من المبيدات الحشرية التي يتم رشها، و95% من مبيدات الأعشاب، تصل إلى وجهةٍ أخرى، متجاوزة الأجناس المستهدفة، الى أخرى غير مستهدفةٍ، مثل الهواء والماء والتربة. هذا الانتقال يتم اساساً عبر عملية انجراف لمبيدات الآفات، عبر الرياح ونقلها إلى مناطق أخرى، وربما تتسبب في تلوثها. وهنا نلاحظ أن مبيدات الآفات تمثل أحد أسباب تلوث المياه، كما أن بعض مبيدات الآفات تعتبر ملوثاتٍ عضويةٍ ثابتةٍ وتسهم في تلوّث التربة.
هذا بالإضافة إلى أن استخدام مبيدات الآفات يُقَلل من التنوّع الحيوي، كما يقلل كذلك من تثبيت النيتروجين، تدمير مواطن الإقامة وخاصةً عند الطيور، بالإضافة إلى أن مبيدات الآفات تُهدّد الكائنات الحية المهددة بالانقراض.
تعليقات: