الخيامي الأصيل الدكتور طلال يونس.. وبصماته في مجالات علوم الحياة

الدكتور طلال يونس.. الخيامي الأصيل ابن جبل عامل الأغر (عالم في علوم الحياة وباحث ومفكر)
الدكتور طلال يونس.. الخيامي الأصيل ابن جبل عامل الأغر (عالم في علوم الحياة وباحث ومفكر)


ويل لأمة لا تستفيد من معرفة مبدعيها!

الحدث العالمي في مؤتمر باريس المنعقد حالياً في باريس COP21 Paris 2015 لمعالجة التغيرات المناخية في العالم، افتتح المؤتمر نهار الأحد الماضي في 29 تشرين الثاني، بهرج ومرج وتواجد أكثر من 150 رئيس دولة ومنها الدول الكبرى الأكبر تلوثاً وتلويثاُ، وما زالت اللجان المتخصصة تعقد إجتماعاتها حتى نهاية الأسبوع القادم لغاية 11 كانون الأول2015، على أمل التوصل إلى توقيع اتفاقية جدية بالإجماع للحد من خطورة ما ننتظره من كوارث بيئية في مختلف انحاء العالم؟.

صدفة أم مصادفة لتكريس الجهل في تفكير حكام الدول العربية، بل هي إضاعة الفرص وعدم الإكتراث لإستمرارية العطاء العلمي الزاخر، ففي عام 1930 قام حسن كامل الصباح بإكتشاف طريقة تحويل الطاقة الشمسية وقال في حينها: (تمكنت من استنباط بطارية كهربائية يتولد منها طاقة كهربائية بمجرد عرضها لأشعة الشمس، فلو وضعنا عدداً منها يغطي مساحة ميل مربع وسط الصحراء العربية، حيث لا غيوم، فالقوة التي يمكن استصدارها من الشمس تكون ما يعادل مئتي مليون كيلو واط (ما يعادل طاقة مئة واربعين مليون حصان)، وكان الشيخ خليل بزي ( رئيس الجمعية العربية الهاشمية في اميركا) على علاقة متينة وصداقة وطيدة بحسن كامل الصباح، طرح عليه الصباح في حينها ما توصل إليه ورغبته في تحقيق حلمه في البلاد العربية، الشيخ خليل بزي بعد اطلاعه على ما طرحه الصباح، أرسل بثلاثة رسائل: إلى الملك فيصل ملك العراق وإلى الملك عبد العزيز بن سعود ملك السعودية في الجزيرة العربية والثالثة إلى الأديب الأمير شكيب ارسلان "أمير البيان" لمكانته المرموقة في الوسط الأدبي وعلاقاته الجيدة مع ملك العراق وملك السعودية، ولقد كتب الشيخ خليل بزي مقالة في صحيفة ( لسان العدل) الصادرة في ديترويت " العدد 6 الصادر بتاريخ 3/2/1933" وقال في مقالته بعد التنويه بتلك الرسائل:( ما توصل إليه فتى العلم النابغة حسن كامل الصباح، سيحول الصحراء العربية إلى بلاد معمورة آهلة بالسكان)، عندها بعث حسن كامل الصباح برسالة شكر للشيخ خليل قال فيها:( لله درك، ما أحسن ثباتك، وأصح عزيمتك، وأبعد نظرك، لعلهم يسمعون نداءك، ويصبح لنا مصانع عظيمة في الصحراء، وتزدهر البلاد العربية وتزدهي وتأخذ الأمة العربية مكانتها بين الأمم، وتنظر لأبنائها البارًين أمثالك- يا شيخ خليل- الذين اكتشفوا ويكتشفون مكامن الضعف الحقيقي فيها، وتنظر الأمة العربية إليهم بنظرالشكر والثناء، وتكافئهم على ما يذيبون من دقائق الدماغ في سبيل رقيها). وبعد وفاة الملك فيصل في العراق أرسل الصباح ببرقيتين إلى الملك عبد العزيزبن سعود الأولى بتاريخ 1/5/1934 والثانية بتاريخ 7/1/1935، (ولا حياة لمن تنادي) وقضى الصباح نحبه بين قدر مبهم مجهول وجهالة، حاملاً في قلبه حلم خدمة الأمة العربية ورقيها لتكون الرائدة في العالم في تحويل اشعة الشمس والصحراء القاحلة إلى قوة محركة بيئية نظيفة مستدامة بدل وقود النفط والغاز والفحم؟!.

كنت اتابع تسجيل ندوة تلفزيزنية حول أعمال المؤتمر الحالي وما يُطرح من حلول، وما تقوم به بعض الدول المتمكنة مالياً في الصحراء العربية، وإذا بي أمام موقف مشابه آخر، لا يستهان بصاحبه، (ويأتيك بها من هو بذلك خبيرأ)، في بداية الندوة كانت إطلالة الدكتور طلال يونس واضعاً اصبعه على الجرح ويقول بصراحة تامة، بأن الخطورة ستنال من العالم بأجمعه، وما سوف تتعرض له دول العالم الثالث في المستقبل القريب أشد خطراً، لعدم توافر الإمكانيات المستوجبة للتنمية المستدامة، وعجزها لإيجاد طاقة بيئية بديلة؟.

الخيامي الأصيل ابن جبل عامل الأغر الدكتور طلال يونس (عالم في علوم الحياة وباحث ومفكر)، عمل في الاتحاد الدولي لعلوم الحياة منذ العام 1980 لفترة ثلاثة عقود، ومستشار سابق في الأمم المتحدة لشؤون البيئة والعلوم الحياتية، اشرف وساهم في تنظيم مؤتمرات عالمية حول شؤون البيئة، وله صولات وجولات رفيعة المستوى وتركت أبحاثه بصماتها في مجالات علوم الأولويات أوالكائنات المتطورة والتي يشكّل الإنسان آخر حلقة منها، وفي علوم الأسماك، وعلوم الطيور، وكل الأنواع الحيوانية، وأيضاً في علوم الخلايا وعلوم الوراثة وعلوم الأجنة وعلوم البيئة البحرية والبيئة البرية، ورفع خلالها الدكتور طلال يونس شعاره الثلاثي الأبعاد المرتكز على أهمية البحث والعمل المجدي في مجال التنوع البيولوجي، والتنوع والتغيًرالمناخي، وإيجاد حلول للتنمية المستديمة والطاقة البيئة البديلة.

أقانيم شعار الدكتور طلال يونس، من أسس ومفاهيم ايديولوجية جديدة، لا تنطلق من مفاهيم فكرية مجردة وإنما من معطيات وملاحظات وحسابات وتحليلات علمية أكيدة.

وفي مقابلة سابقة على قناة الجزيرة، قال الدكتور طلال يونس:( فلو أخذنا التنوع البيولوجي للكتابات التي قمت بها من 1989 والكتاب الأساس في علوم التنوع البيولوجي والتنمية وعلاقتهما، وما قدمته في مؤتمر عالمي عام 1994 في باريس حول التنوع البيولوجي علم وتنمية نحو شراكة دائمة، والكتاب الذي صدر طُبع عام 1996، كان أول مرجع علمي حول الموضوع صدر في العالم وشارك فيه اثنان من جوائز نوبل وعدد كبير من نخبة العلماء في العالم، وكنت أنا ونائب المدير العام في اليونيسكو، آنذاك، فرانشيسكو ديكاستري والذي كان زميل لي ورئيس الاتحاد، وضعنا هذا الكتاب وحررناه، وطُبعت منه نسخة عربية، لدى اليونيسكو، قام بالإشراف على ترجمتها الدكتور مهدي الحافظ من العراق. وهذين الكتابين يعتبروا من المراجع الأساسية حول علم التنوع البيولوجي في العالم و تفخر بهم جميع مكتبات الجامعات في العالم. . . . المؤتمر الأخير الذي سأشرف على تنظيمه في شهر أيار/ مايو من 9 إلى 13 في واشنطن بناء على دعوة من أكاديمية العلوم الأميركية، سيكون حول التحديات المعاصرة لعلوم الحياة في عالم متغير، وهذا المؤتمر سيكون آخر مؤتمر سأكون مسؤول عن تنظيمه شخصيا،ً لأني بعد ذلك سأترك الاتحاد إلى التقاعد ولكل قصة نهاية). وبدهشة صمت قصيرة قال الصحافي المحاور: ( للدكتور طلال يونس، هموم تعود به إلى جذوره التي لم تنقطع يوماً بينه وبين الوطن العربي، هموم عربية خالصة لا يصرفها عنه شيء، العالَم العربي هو البقعة السوداء الوحيدة في خريطة البحث العلمي العالمي، إذ يقلُّ ما يقدّمه العرب من بحوث علمية عن خمسة من مئة في المائة من إجمالي البحث العلمي العالمي المنشور سنوياً، ومن بين 22 دولة عربية أربع دول عربية فقط حرصت على الانضمام للاتحاد الدولي لعلوم الحياة. هذه الفجوة العلمية التي تتّسع بلا هوادة بين العرب والعالم وتنذر بضياع مستقبلنا كما ضاع حاضرنا. ولعل عالِمُنا الدكتور طلال يونس العربي البارز يتفرغ لنا، نحن العرب، بعد تقاعده من منصبه الدولي الرفيع، العام المقبل ليدقّ قرب آذاننا العربية أجراس الإنذار علّنا نسمع؟!.

وبلغة محكية جنوبية خيامية أصيلة يختتم اللقاء الدكتورطلال يونس ويقول:

( لما إجي أقعد هون وأتطلع ببيتي قدام، ألاقي كأني قاعد بالخيام وأتذكّر أيام الشمس وأيام العطلة، عطلة عيد الفصح، يجي الواحد يقعد بالطبيعة، وأتذكر كل أيام الشباب وكل الأهل وكل الزملاء والأصحاب اللي قاعدين بلبنان اليوم، وقاعدين بالخيام. يعني على كل حال، الإنسان له كل العالم، وهو جزء صغير من العالم، من الصعب جداً الواحد يشوف حاله بعيد عن الأرض اللي هو فيها، بس بذات الوقت أي أرض راح عليها فيه يشوف بلده فيها وفيه يشوف أهله فيها. الحضور والغربة ما إلهم علاقة بالمكان والزمان، ياما في غرباء عايشين في بلدهم، وياما في ناس بعاد عن بلدهم وحاسّين إنهم بالوطن وبالأهل، الإحساس بالغربة والإحساس بالمهجر، له علاقة بــ اللي بالراس، واللي بالقلب، مش اللي بره، واللي بالراس واللي بالقلب هو إحساسنا وإدراكنا ومشاعرنا، وبشكل أساسي تاريخنا.

تمنياتي لك سيدي بالعمر المديد، ومن العطاء المزيد

تعليقات: