السلام على أهل بلدي الكرام...
أحببت أن أكتب هذه المقالة تحفيزاً لشبابنا بأن يعطوا العِلم قدره، ولأن يعووا بأن لا خلاص من مآسينا إلا بالعلم...
وشكراً
إبن بلدتكم الخيام
أحمد رضا مهدي
ألمانيا.
تجد في المقالات العلمية والطبية ما يتحدث عن محاولات لإطالة عمر الإنسان، هوس خيّم على عقول الكثيرين منّنا، على قاعدة "ليت الشباب يطول يوماً" إذا صح التعبير!
ولكن هل هذا ممكن؟ الجواب ببساطة نعم...
لنفرض بأنّ لديك صديق اسمه "سعيد"، انت وهو ولدتم في نفس السنة والشهر واليوم والساعة، استمرت صداقتكم حتى عمر العشرين، غاب عنك سعيد ولم تره بعدها قط...
مرّت الأيام والسنين، أصبحت عجوزاً بعمر السبعين، وإذ بصدفة تَجمعُك بسعيد، لكن يا إلهي ما هذا! سعيد ما زال شاباً بعمر ٢٥، وأنا كهلٌ بعمر ال ٧٠ ذَبُل جلدي وشاب رأسي!! ولكن كيف، ماذا حصل! ستقفُ مصدوما، لا تفسير! لا بد بأنّ معجزة ما حلّت بسعيد! يتبدد الاستغراب لديك، عندما تسمع القصة من سعيد، وما الذي حصل معه خلال الخمسين عاماً.
لقد قام سعيد برحلة عبر الكون على متن عربة فضائية، والمثير بهذه العربة أنها تسافر بسرعة قريبة من سرعة الضوء، والتي تبلغ ٣٠٠،٠٠٠ كلم/ثانية. عند الإقتراب من هذه السرعة المهولة، يتباطأ الزمن بالنسبة إلينا تدريجياً، إلى أن يتجمّد نهائيا عند بلوغ هذه السرعة، ليس هذا فحسب، إذا قمت بكسر حاجز هذه السرعة سيعود بك الزمن إلى الوراء! خيال علمي!؟ لا أبداً، بل حقيقة علمية مُثبتة بالنظرية والتطبيق.
الذي حصل مع سعيد ببساطة، أنّه لم يشعر بتباطؤ الزمن من حوله، هو نفسه اعتقد بأنه رحلته على متن هذه العربة الفضائية استمرت ٥٠ عاماً، ولكن عندما عاد إلى كوكب الأرض وجد بأن عمره ازداد ٥ أعوام فقط، وحين رآك تبلغ من العمر ٧٠ عاماً ذُهل هو أيضاً! المُحصلة أنّ السنة الواحدة عند سعيد في رحلته الضوئية تُعادل ١٠ سنوات من حياتنا على كوكب الأرض.
صاحب هذه النظرية والتي تُسمى "النسبية" هو العبقري المعروف "آينشتاين". بعد سنين طويلة من التفكير العميق والمعادلات الرياضية المضنية، توصل إلى حقيقة أن الزمان كما المكان متغير بالنسبة لمُشاهده، وأن مفهومنا للكون لا يقتصر على المكان فقط، بل هو خليط من الزمان والمكان يُدعى "الزمكان". الرجل نفسه لم يصدق ما توصل إليه حينها، وضَلّ الشك يساوره إلى أن أُثبتت نظريته، وانهالت عليه جوائز نوبل تِباعاً.
لا يوجد في عالمنا اليوم تطبيق له علاقة بالإتصالات وتكنولوجيا الأقمار الصناعية لا يأخذ بعين الإعتبار معادلات آينشتاين للنسبية. فعلى سبيل المثال، أنظمة GPS لتحديد المواقع والتي تستخدم الساعة الذريّة، تأخذ بالحسبان الفارق الزمني من معادلات الرجل، وإلاّ لما كنّا قادرين على الحصول على موقعنا الجغرافي بدقة، ولكان فارق الخطأ يتعدى عشرات الكيلومترات.
الغريب في الأمر، أنه لا أحد قَبل آينشتاين من الفلاسفة والمفكرين والعلماء تحدث عن موضوع "مقاربة الوقت" وتغيّره! بدأ الرجل من نقطة الصفر في مقاربته للموضوع، وضع أمامه جميع معادلات الرياضيات والفيزياء، أغمض عينيه وغاص في الكون الشاسع، إلا أن وجد اللغز المحيّر.
غيّر آينشتاين مفهومنا للكون، وفتح ثغرة في الجدار الذي بناه سلفه "إسحٰق نيوتن"، نُشرت بعدها العديد من المقالات العلمية عن الكون وما زالت الى يومنا هذا، وآخرها يُعرف بنظرية "الأكوان المتوازية" والتي تتحدث عن حتمية وجود أكوان وعوالم من حولنا لا نشعر بها، لأن الأبعاد والحواس التي بحوزتنا لا تكفي لرؤيتها.
هل مسألة "تغيّر الزمن" و"النسبية في الوقت" جديدة علينا، أم أنّ أسلافنا العرب قرؤوها منذ ألف وخمسمئة عام ولم يُعيروا اهتمامًا بها!
ألم تستوقفتك ذات مرة هذه الآيات في القرآن الكريم:
- وَإِنَّ يَوْمًا عِندَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِّمَّا تَعُدُّونَ (الحج ٤٧)
- تَعْرُجُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ فِي يَوْمٍ كَانَ مِقْدَارُهُ خَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ (المعارج ٤)
- قَالَ كَمْ لَبِثْتُمْ فِي الْأَرْضِ عَدَدَ سِنِينَ، قَالُوا لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ فَاسْأَلْ الْعَادِّينَ، قَالَ إِن لَّبِثْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا لَّوْ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (المؤمنون ١١٤)
لقد قيل بأن العالِم "إسحق نيوتن" إستوحى قانون الجاذبية من سقوط التفاحة على الأرض، وأن "ألبرت إينشتين" استوحى قانون النسبية من منظر سقوط التفاحة والكرة الأرضية معاً في الكون، وبأننا نحن العرب استوحينا من منظر التفاحة الإختراع الكبير "الأرجيلة"!
صدق الله سبحانه عندما قال: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ.
أحمد رضا مهدي
ألمانيا في ١٢.١٢.٢٠١٥
تعليقات: