الله سبحانه وتعالى كرم المرأة منذ خلق آدم وساوى بينهما حيث خاطب آدم:
وَقُلْنَا يَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ (35البقرة )
نلاحظ ان مخاطبة الله لهما كانت سويا: كُلا ، شئتما ، تقربا ، فتكونا من الظالمين
اذاً الله سبحانه وتعالى كرم المرأة وساوى بينها وبين الرجل كما تقدم بالمخاطبة لهما .
ولكن الشيطان ، وطبعاً هنا ليس المقصود ابليس ، لأن ابليس ملك وله جيشه ويطلق عليهم الشياطين ، لهذا قال الله سبحانه :
فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْءَاتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَـذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20الأعراف) ولم يقل وسوس لهما ابليس :
في الآية الكريمة يظهر جلياً بأن الشيطان وسوس لهما اي لآدم وحواء معاً وليس لحواء فقط ، الوسوسة كانت من الشيطان للأثنين ، وكلام الله قاطع لا ريب فيه .
وبالرغم من هذا الوضوح فإن الرجل المتخصص دينياً وهو الأكثر تزمطاً من الرجل العادي ، يقول بأن حواء وسوست لآدم ، مخالفاً بذلك كلام الله سبحانه وتعالى حيث كما جاء بأن الوسوسة للشيطان وليس للإنسان .
والإنسان هو الرجل والمرأة على حدٍ سواء يقنع احدهما الآخر ولا يوسوس ، ولا توجد صفة ربانية خَص فيها الله المرأة بالوسوسة .
بعد ان ازل الشيطان آدم وحواء واقتربا من الشجرة التي نهاهما الله الإقتراب منها قال الله سبحانه وتعالى :
فَأَزَلَّهُمَا الشَّيْطَانُ عَنْهَا فَأَخْرَجَهُمَا مِمَّا كَانَا فِيهِ وَقُلْنَا اهْبِطُواْ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ(36)سورة البقرة .
نلاحظ بأن امر الله جاء هنا بالجمع اي ان هناك اكثر من اثنين " آدم وحواء " وذريتهما . وقبل الأمر بالهبوط قال سبحانه وتعالى : فأزلهما " اي آدم وحواء " الأثنين معاً ، ولم يقل أزلها اي " حواء "
ومنذ الهبوط المحتوم بأمر من الله لم يكف الرجل عن تحميل المرأة " حواء "مسئولية الخروج من النعيم " الجنة " وبالأخص رجال الدين وقبلهم من كان يعبد الأوثان وما شابه ، ولاقت المرأة وحتى يومنا هذا شتى انواع القهر والتعذيب والملامة من الرجل متهرباً من مسؤوليته الحتمية التي لا لَبْس فيها كما جاء في النصوص القرأنية .
عندما خلق الله سبحانه وتعالى آدم وقال للملائكة اسْجُدُوا لأدم فسجدوا كلهم إلا ابليس ابى .
: وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلاَئِكَةِ اسْجُدُواْ لآدَمَ فَسَجَدُواْ إِلاَّ إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ [ البقرة: 34]
اذاً ابليس أخذ موقف العداء من آدم في عصيانه أوامر الله عز وجل ، وهو الأدرى من آدم بالأغواء ، لذلك قال لله سبحانه وتعالى :
{قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ المخلصين} [ص: 82-83]،
هذه الآية تدل على الإغواء بعد طرد آدم وزوجه وذريتهم ، اما الوسوسة كانت لهما قبل الطرد من الجنة .
فحوى الكلام وآيات كثيرة في القرأن الكريم بأن الله كرم المرأة وأعطاها كامل حقوقها مساواة بالرجل بإستثناء البسيط ونذكر منهما :
١- الشهادة امام القضاء ( فإن لم يكونا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء أن تضل احداهما فتذكر إحداهما الأخرى .
وطبعاً هذا ليس انتقاصاً من المرأة ومعرفتها وعدلها ، ولكن هذا الآمر لمعرفة الله سبحانه وتعالى بتكوين جسمها واختلاف بعض المكونات الجسدية بينها وبين الرجل ، قد تنسى شيئاً خاصة وهي في حالة الحيض او بعد الولادة ، لذلك أمر الله امرأة ثانية لتذكرها فيما لو نسيت وربما يسأل سائل من الممكن ان تكون الثانية في حالة من الحالتين في نفس الوقت ، ونعتقدانه من شبه المستحيل ان تكونا في وقت واحد في نفس الوضع .
٢- في الميراث وللرجل مثل حظ الأنثيين ، لأن المرأة ليست مسؤولة عن إعالة والديها فالولد هو المسؤول وهو المكلف ومقابل هذه المسؤولية والتكليف لما بذله من انفاق مادي يعطى حصة زيادة عن المرأة ، وهذا الإرث مختص بالنسب والعائلة ، لأن البنت تتزوج من شخص آخر وتنجب منه ولا يجوز ان تذهب التركة الى ذاك الرجل ، وبالرغم من هذا فإن الله أنصفها لما كانت تقوم به من خدمة لوالديها من إعطاءها نصيب من التركة .
الخلاصة : ان المرأة لا علاقة لها لا من قريب ولا من بعيد بالخروج من الجنة إلا بمقدار مسؤوليتها ، وهنا المسؤول الأول هو الرجل الذي استجاب الى وسوسة الشيطان وربما هو من اقنع المرأة بذلك ، لأن المرأة قد تغوي الرجل بأشياء أخرى وليس بالوسوسة كما تقدم ، وكفانا على مر الدهور تحميل المرأة هذه المسؤولية التي نتحملها نحن الرجال بأكملها لأن الله حملنا مسؤولية الحفظ والرعاية والكسوة للمرأة وامور كثيرة ولم يحملها لها .
رجال الدين ما انفكوا ولغاية هذه اللحظة يعاملون المرأة وكأنها عبدة عندهم ومنبوذة منهم ويتلذذوا ويتفننوا بتعذيبها خاصة في حالات الطلاق ، امثال هؤلاء يحق فيهم القول ، عصيان امر الله ، لأنهم نسوا او تناسوا بأن المرأة هي التي أنجبت وهي التي ربت ، وهي الأم والأخت والزوجة والأبنة .
اليس موقف الرجال عجباً ؟
* الحاج صبحي القاعوري - الكويت
تعليقات: