مـــــــــــروان


سُُئل الإمام علي أي الأبناء أعز إليك قال:

«صغيرهم حتى يكبر ومريضهم حتى يشفى وغائبهم حتى يعود».

ولكني أعلم يا مروان علم اليقين أنك لن تعود، فقد رحلت الى الأبد نتيجة إهمال الطرقات من قبل دولتنا التي تهتم بكل شيء إلا بالإنسان وحياته والمخاطر التي تنتظره على الطرقات، فكأنما للسيارات ضريبة أرواح على الناس.

رحلت عند ذاك المفترق الذي تسكنه الشياطين كما كتب عمّك هاشم من باريس، وهو الذي رحل والده نتيجة حادث على الطريق نفسه.

أعلم علم اليقين أنك لن تعود فقد رحلت الى عالم آخر ربما فيه اهتمام أكثر للإنسان، فالروح تسكن في العلياء ان كانت كروحك الطيبة يا مروان.

رحلت هكذا فجأة وأنت لم تتم عامك الثالث والعشرين حتى الآن فهلا أهديت فراشات عمرك (كما كتب ابن عمك محمد حمادي) إلى والدتك حيث رحيلك عصي على النسيان، تتذكرك حيث كل صورة، وكل متاع في المنزل يذكرها بك ولا تصدق نفسها انك حقاً رحلت، وهي لا تزال تسمع صوتك يتردد في أرجائه، وتناديك باستمرار يا مروان.

أم تهديه الى حسن وجنى أم الى طفليها التوأمين الصغيرين اللذين أحببت علي وهادي.

أم تهديها الى باسم ومنيا، باسم الذي يعض على الجرح ويداري حزنه أمامي كي لا أحزن.

أم تهديها الى عمّيك عبد الله وعلي الذي وعدته وصدقت الوعد حتى بعد رحيلك أولم تعده بأنه المشوار الأخير على الموتوسيكل.

أم تهديها الى زملائك في جامعة الـ NDU الذين أتوا وهم كثر كثر معزين، وكذلك زملاؤك ومحبوك في الصليب الأحمر اللبناني.

أم الى أبناء عمك وأصحابك في القرية الذين يأبون إلا أن يعتبروك ما زلت بينهم وأحاديثهم تدور حولك، خاصة رفيقك الذي أحببت علي الذي أنجاه الله من الحادث المشؤوم.

أم إلى أترابك المؤمنين الذين يتلون تلاوات مباركة ويهدونها لك.

مروان...

كنت دائماً أخاطبك كصديق ورفيق لا كابن فرغم حداثة سنك كنت أشعر أنك أكبر بكثير من سني عمرك، لأنني كنت ألمس فيك النضوج قبل الأوان وأنت المؤمن بالله والملتزم بفرائضه، ورحلت قبل أن تنفذ ما عزمت عليه لعامين متتالين وهو أداء فريضة الحج.

مروان

نم قرير العين يا ولدي قريباً من المنزل الذي أحببت وعملت على تزينه بالأشجار والورود والمرجة الخضراء.

حسبك أنك عدت إلى قريتك التي أحبتك بكامل سكانها وأحببتها أنت بما فيها من بشر وحجر، رحمك الله يا مروان وأسكنك فسيح جنانه.

والدك

تعليقات: