الأعمال على الأوتوستراد بعيداً عن بلدة مجدل عنجر
بسبب تفاوت قيمة التخمين و«غبن» لاحق بالأهالي
مجدل عنجر :
تحول عقبات كثيرة دون المسيرة الطبيعية للاتوستراد العربي في مرحلته الثانية في منطقة البقاع الأوسط. ينطلق هذا الجزء من الطريق الدولية من الحدود العقارية لبلدة تعنايل وصولاً الى منطقة المصنع الحدودية مخترقاً بلدة مجدل عنجر، عند بداية مفرق ازهر البقاع، ثم يقطع سهلها الزراعي، في نقطة اختيرت لتكون الأقرب الى الطريق الحالية والأبعد عن المجمعات السكنية.
يمر الأوتوستراد في مجدل عنجر بطول حوالى عشرة كيلومترات، ناهيك عن دائرتين أو تحويلتين، الاولى تقع في منتصف البلدة والثانية عند مفرق بلدة مجدل عنجر لجهة طريق راشيا، وتسببت بهدم حوالى عشرة منازل. يتجاوز عرض الاوتوستراد تسعين متراً، وهو مقفل من الجانبين، بواسطة جدران حديدية على غرار الأوتوستراد في منطقة الجبل مما يمنع اية امكانية للاستفادة التجارية والاقتصادية من مروره، بل على العكس، وحسب بلدية مجدل عنجر والأهالي، فإنه أحدث ضرراً كبيراً في السوق الرئيسية التي تعتمد على الخط الدولي الحالي، والتي ستصاب بالركود والجمود نتيجة تحول السير الى الأوتوستراد.
يحصد الأوتوستراد في مسيرته بدءاً من تعنايل الى الحدود اللبنانية ـ السورية خمسة وخمسين منزلاً وبناءً مشيدين ضمن المخطط التوجيهي من بينها منزلان في تعنايل، وأربعة منازل في المرج وستة عشر عقاراً في عنجر. أما الطامة الكبرى ففي بلدة مجدل عنجر حيث يلحظ المخطط التوجيهي هدم خمسة وعشرين منزلاً يضاف اليها خمسة ابنية تتبع الجمارك اللبنانية.
من المفارقات في بلدة مجدل عنجر انه بعد ورود الأنباء وانتشار الحديث عن إقامة أوتوستراد عربي، اطّلع عدد من الاهالي على المخطط الأساسي للمشروع، فقام البعض منهم بشراء اراضي بالقرب من احدى تحويلاته لإقامة محلات تجارية للاستفادة المالية، لكن بعد المعاينة الأولية من قبل بعض المهندسين لموقع الأوتوستراد تبين وجود عدد كبير من الأبنية، فتم تعديل مساره حوالى مئة متر، مما تسبب بضرب الاراضي التي تم شراؤها من اجل الاستفادة من موقع الأوتوستراد. علي صبحي يوسف على سبيل المثال لا الحصر، فقد أرضه نتيجة تعديل مسار الاوتوستراد ولم يعوّض عليه، وفق ما قال، بحجة الربع المجاني.
في شباط الماضي احضرت شركة ستفا (STFA) التركية معداتها من الجرافات والحفارات وبدأت بتنفيذ ورشة اعمار الأوتوستراد العربي في مرحلته الثانية التي تسمى بالمرحلة (ب) كما يقول المهندس يوسف مصطفى المصري من المشروع: «هذه المرحلة تبدأ من الحدود العقارية لبلدة تعنايل لتصل الى الحدود اللبنانية ـ السورية مروراً ببلدات المرج وبر الياس ومجدل عنجر، ولهذه الغاية رفعنا كتبا الى البلديات التي سيمر بها الأوتوستراد، وإلى محافظ البقاع القاضي انطوان سليمان، كإجراء قانوني من اجل مساعدتنا في تنفيذ اعمالنا وإنشاءات الأوتوستراد العربي ضمن المهلة المحددة خلال سنتين بدءاً من شباط الماضي وانتهاءً بشباط عام ,2009 الا اننا فوجئنا باعتراض من الاهالي لدى وصول الاعمال الى بداية مجدل عنجر لجهة بلدة الصويري، علما بأن الاهالي قد وافقوا في السابق على الاستملاكات التي قامت بها الدولة اللبنانية، وأعلموا مسبقاً بشروط الاستملاكات كافة وبكيفية الدفع عبر سندات الخزينة، وهذه الامور لا تمت الينا انما الاشكال يجب حله بين الدولة اللبنانية والأهالي».
أمام «الغبن اللاحق» في أملاكهم، وفق ما يقول المتضررون من اهالي بلدة مجدل عنجر، تقدم عدد منهم بشكاوى قضائية امام قاضي الامور المستعجلة والعقارية والطعن بقيمة التخمين المالي المقدر من قبل الدولة اللبنانية، وذلك لوقف الاعمال الإنشائية للأوتوستراد وحل امورهم العالقة مع الدولة وقوانينها.
«التخمين والدفع عبر سندات الخزينة، والربع المجاني، مشاكل يجب تعديلها وإعادة النظر بها»، وفق ما يشدد رئيس بلدية مجدل عنجر حسين ديب صالح الذي يضيف «نحن مع اولوية استكمال مشروع الأوتوستراد، لكن في المقابل هناك حقوق للاهالي يجب ان تدفع وأن تصان والحركة الاحتجاجية التي قام بها الاهالي منذ فترة ممكن ان تتكرر لأنها تعبر عن واقع مأساوي يعيشونه نتيجة عدة مشاكل ادارية تمنع اغلبيتهم من استلام مستحقاتهم المالية، فهناك سندات الخزينة المؤجلة الدفع الى عام ,2010 او حسم ما مقداره اثنين وعشرين في المئة من قيمة هذه السندات اذا اراد اصحابها بيعها للمصارف، إضافة إلى حسم خمسة وعشرين في المئة من القيمة المالية لأي عقار تم استملاكه، تطبيقاً للقانون المعروف بالربع المجاني، علما ان الاهالي غير مستفيدين من هذا الأوتوستراد المغلق».
وتطرق صالح الى موضوع الاراضي الموروثة حيث اغلبها لا يمكن اجراء حصر ارث له، مطالبا بـ«الاستعاضة بكتب من المجالس البلدية والمخاتير تؤكد حصر ملكية اي عقار بما تبقى من ورثة أو وريث واحد كما هو حاصل في عشرات العقارات في بلدة مجدل عنجر».
ولفت صالح الى اخطاء إدارية كبيرة اعترضت عملية الاستملاك والتخمين منها استملاك اراضي من دون الاشارة الى اصحابها والتعويض عليهم، كما ان التخمين شابه الكثير من الأخطاء، ومثال على ذلك قضية تخمين العقارين 1184ـ1185 وهما متجاوران، فالاول استملك بسعر مئة وخمسة آلاف ليرة للمتر الواحد بينما أستملك الثاني بسعر خمسة وأربعين ألف ليرة لبنانية، وهما لمالك واحد.
الامثلة كثيرة على اخطاء عملية التخمين فهناك العقار رقم 1168 وتملكه شقيقتان من آل غنيم الاولى قبضت مستحقاتها المالية عن حصتها المقدرة بـ 1200 سهم، ولم يؤت على ذكر اسم الثانية أو التعويض عليها. يشير محمود العدوي الذي شكا من إجحاف كبير في عملية التخمين، الى بعض المفارقات المستغربة مثلما حصل معه، فيقول «املك عقارا رقمه 292 وشيّدت عليه بناء من طابق واحد مع محلات ومواقف وتدفئة مركزية بواسطة الشوفاج ومستودعات تمتد على مساحة سبعة دونمات، فاشترت الدولة المتر بسعر خمسين ألف ليرة، علما انها اشترت المتر في بعض الاماكن من دون بناء بسعر يتجاوز مئتي ألف ليرة لبنانية».
وشكا منذر العجمي من عدم التعويض عليه نتيجة استملاك ما اقتطعته الدولة لصالح الاوتوستراد بحجة الربع المجاني،علما ان الاوتوستراد مقفل وأضر بأرضه كثيراً نتيجة مروره في منتصفها.
من اجل المساعدة على حل موضوع التخمين والتعويضات والربع المجاني قام وفد من اهالي مجدل عنجر والمجلس البلدي والمخاتير بزيارة كل من الرئيس فؤاد السنيورة والنائب سعد الحريري ورئيس مجلس الانماء والاعمار المهندس نبيل الجسر الا ان الاجتماعات لم تثمر الا عن وعود وليس عن قرارات فورية.
يذكر ان الاعمال في إنشاء الأوتوستراد ما تزال مستمرة عبر ورش ثابتة في المرج وتعنايل ومجدل عنجر الا ان الاعمال محصورة في الاراضي الزراعية وتم ترك الاشغال التي تلحظ تهديماً للمنازل الى المرحلة الاخيرة ريثما يتم حل موضوعها، للحؤول دون التصادم مع الاهالي.
في مسألة الأوتوستراد العربي، لم تتطابق حسابات الحقل مع حسابات البيدر في مجدل عنجر، فالاهالي الذين وافقوا على كامل شروط الاستملاك بدون تردد، اعتقدوا بأن مشروع الدولة بإنشاء الأوتوستراد العربي، لن يبصر النور قبل عشرات السنين كما هو حاصل مع اي مشروع تريد الدولة ان تنفذه، الا انهم فوجئوا بالاعمال الإنشائية على حين غرة.
تعليقات: