موسم خير في الريف للمواطنين والنازحين.. يوضّب السليقا في محله (طارق ابو حمدان)
مع ساعات الفجر وبكل عزم ونشاط، يضع سامر وزوجته ليلى عدة قطاف وجمع السليقا، التي تقتصر على معوّل صغير وأكياس متوسطة الحجم، داخل سيارة «الربيد» الصغيرة، لينطلقا بها الى البراري والحقول، ومنها بشكل خاص، مرتفعات وهضاب جبل الشيخ الغربية، الغنية بمختلف انواع الأعشاب البرية المعروفة بـ «السليقا»، والمطابقة للمواصفات الصحية، كونها بعيدة كل البعد عن الملوثات والأسمدة الكيماوية.
جاهزة لمن يشتهيها
يمضي الزوجان، كما الكثير من أبناء القرى الجبلية، (موسم السليقا يستمرّ من شهر الى شهر ونصف)، في جني الأعشاب من الحقول التي باتا على دراية بانواعها الجيدة والنافعة، يجهدان في جمعها، ومن ثم فرز كل منها في كيس، ليسهل بيعها، فلكل صنف سعر ولكل نوع زبون.
السليقا هذا العام موسم وفير، ساهمت في انجاحه احوال الطقس الدافئة والشمس الساطعة، يقول سامر: «عملنا في جمعه يبدأ قبل أوانه ويمتدّ حوالي أسبوعين الى 3 اسابيع، بحيث بات أملنا كبيراً بغلة جيدة، تسدّ جانباً من حاجياتنا الملحة، خصوصاً أن الزبائن الى ارتفاع، وتسويقنا للسليقا بات بالجملة داخل محال الخضار، أو بالمفرق عند تقاطع وجوانب الطرقات.
ارتفاع الطلب بعد حملة الغذاء
تشير ليلى العاملة في جمع وتسويق السليقا، إلى أن «حملة سلامة الغذاء كانت دافعاً قويً، لكثرة الطلب على هذه النباتات البرية، فربات المنازل تخلين عن الكثير من الأصناف الغذائية المعلبة، لمصلحة السليقا البرية، التي تشبه إلى حد ما الأدوية، إنها تساعد في القضاء على الكثير من الأمراض، بسبب خلوّها من المواد الكيميائية».
جمع وتسويق السليقا لم يقتصرا على المواطنين اللبنانيين، بل باتا يشهدان منافسة قوية من قبل النازحين السوريين، الذين وجدوا فيهما مصدر رزق وفير، يؤمن لهم ولعائلاتهم، دخلاً مقبولاً، في ظل خفض الميزانية المقررة لهم، وتقتير المساعدات العربية والدولية، كما تقول النازحة من ادلب سليمة ابو المحمد، التي تمضي الأسابيع تجمع السليقا في سهول الوزاني وسردة والماري والمجيدية، مع اطفالها، تجمع اكبر كمية من هذه النباتات التي تميزها جيداً، فتعمد الى غسلها في مجاري الينابيع ومن ثم توضّبها داخل أكياس، موزعة بين «العلت والهندبة والكراث والزويتي» وغيرها من الأنواع. تضيف: تجار جملة يأتون الينا مع ساعات المساء، لشراء تحويشة النهار. تتعاون عائلتي المؤلفة من 6 أشخاص في جمع السليقا. نقصد البراري والحقول باكراً، نقطع نباتها الوفير حتى ساعات ما بعد الظهر، ننظفها، نوضبها لتكون جاهزة لبيعها للتجار الذين يتهافتون على هذه النبات بشكل لافت للانتباه، كلغ «العلت» مثلاً بـ 5000 ليرة كلغ «المشي» بـ 6000 وكذلك «العنّي» و «الدردار»، لكن بالمفرق السعر يزيد بنسبة 50 في المئة تقريباً.
معين للنازحين السوريين
السليقا موسم خير بالنسبة للكثير من النازحين، يقول النازح، من بيت جن الى سهل المجيدية، سامر الدويري، ننتظر الموسم في مثل هذه الأيام لنسدّ جانباً من حاجياتنا المادية، لقد باتت السليقة مورد رزقنا في فصل الربيع، انا أعرف كل أنواعها، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، «الدردار ـ المشي ـ العكوب ـ الرشاد ـ الزويتي ـ العلت ـ كف الدب ـ لسان الثور ـ كف العروس ـ الكراث ـ الشمرة ـ القرقميش ـ السبينخة ـ القرة ـ الجرجير ـ البقلة ـ السنينير»، ومن الأعشاب الطبية يعدّد «الزعتر ـ القصعين ـ اكليل الجبل ـ الهليون ـ الزوفا ـ رعي الحمام ـ الخباز ـ رجل الدب ـ عصا الذهب ـ كيس الراعي ـ المردقوش ـ الأقحوان ـ الحندوق ـ الشمار».
علاج بعض الأمراض
السليقا دخلت وبقوة في المجال التجاري، كما يشير فادي احد اصحاب محال الفاكهة والخضار في المنطقة الحدودية، فعشرات الأكياس المعبّأة بهذه الأعشاب، والمعروضة في المحال باتت منظراً مألوفاً في مثل هذه الأيام من كل عام. وبالإضافة إلى عملية البيع والتجارة، تعتبر المواطنة سعاد العلي موسم السليقا فسحة للاستجمام بين أحضان الطبيعة، فمشوار «السليقا» متعة وراحة نفسية، إضافة الى كونه فرصة لجمع وجبة غذاء شهية، لا تتوفر إلا في هذه الفترة من السنة، وتشير إلى أنها تستخدم الـعديد من انواع السليقا، في علاج العديد من الأمراض، لا سيما الانفلونزا والسعال والربو والحروق حتى لسع الحشرات.
تعليقات: