دورية للإحتلال في مزارع شبعا
الجنوب تحت الرماد تحسباً من أي مغامرة إسرائيلية في ظل استمرار التصعيد والخروقات
الأهالي يئنون تحت وطأة تردي الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية مع عدم استكمال بناء ما دمره العدوان
بقي الوضع في الجنوب مدار إهتمام المسؤولين اللبنانيين على مختلف إنتماءاتهم السياسية، رغم إستفحال وتيرة الخلافات الداخلية حول الإستحقاق الرئاسي، مع بدء العد العكسي لموعده وتحديد رئيس مجلس النواب نبيه بري، 21 تشرين الثاني الجاري موعداً لجلسة إنتخاب الرئيس العتيد· وبدا المسؤولون يتأرجحون بين مواكبة هذا الإستحقاق، ومخاوف إشتعال الجنوب مجدداً - أي عين على الجنوب في ظل التصعيد الإسرائيلي والخروقات الجوية·· وعين على الداخل في ظل المساعي العربية والدولية للتوصل إلى تسوية تجنب لبنان أي تداعيات خطيرة، سواءً لجهة الفتنة، أو تقويض مؤسسات الدولة في ظل تهديد قوى الأكثرية بإنتخاب الرئيس بالنصف زائد واحداً وقوى المعارضة بتشكيل حكومة ثانية· وقد جاء خطاب الأمين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصر الله في يوم الشهيد ليعيد التأكيد على مطالب المعارضة بضرورة التوافق حول شخص الرئيس والحكومة العتيدة وبرنامجها الإنتخابي، منعاً لأي خلافات في المستقبل القريب·· وبين الأمرين يمكن رسم مشهد الجنوب بأنه جمر تحت الرماد، وسط مخاوف من أن تشتعل نيران عدوان إسرائيلي جديد في ظل التهديدات، وخصوصاً بعدما أعلنت "إسرائيل" أنها أنهت مناورات عسكرية كبيرة في الجولان وأصبع الجليل، إستعداداً للحرب المقبلة، والتي وصفتها بأنها "إعادة لهيبة الجيش الذي لا يقهر"·· فيما إعتبرتها بعض الأطراف اللبنانية بأنها "تهديد على أبواب الإستحقاق"·· بينما رد "حزب الله" عليها بإعلان عن اجراء مناورات عسكرية، هي الأوسع له منذ عدوان تموز في العام 2006، والتي إعتبرت بمثابة رد وإستعداد لمواجهة أي مغامرة إسرائيلية، وإن كان السيد نصر الله قد أبقى الباب موارباً لتفسيرات مختلفة· وأكدت مصادر جنوبية "أن هذه المناورات هي إعلان موقف واضح لـ "حزب الله" لرفضه المساس بسلاح المقاومة ،في ظل الإصرار الدولي والمطالبة اللبنانية الداخلية برئيس يلتزم بتنفيذ قرارات الشرعية الدولية وخاصة منها القرار 1559، الذي يقضي بنزع سلاح الميليشيات اللبنانية والفلسطينية - أي نزع سلاح المقاومة والمخيمات الفلسطينية· وبين الإنشغال الداخلي ورسائل الجنوب الساخنة العسكرية حيناً والسياسية حيناً آخر، بقي الجنوبيون يعانون من تردي الأوضاع الإقتصادية والإجتماعية، مع عدم إستكمال بناء ما دمره العدوان الإسرائيلي في تموز، والركود الإقتصادي والغلاء المعيشي، وبقيت مناطق محرومة من أبسط حقوقها وخاصة تلك الواقعة على الحدود، إذ تعاني من البطالة وإنعدام فرص العمل وندرة المساعدات، ومن هذه المناطق المحرومة منطقة العرقوب التي تعتبر في دائرة الصراع العربي - الإسرائيلي منذ وجود الكيان الصهيوني· وتعاني هذه المنطقة من واقع مأساوي نظراً للإهمال المزمن والمتعدد الأوجه على مدى عقود طويلة، ولولا مبادرات "مجلس الجنوب" برئاسة الدكتور قبلان قبلان في بناء المؤسسات التربوية وشبكات المياه والطاقة والطرقات، لكانت تعتبر من المناطق النائية والمحرومة، خلافاً لتضحيات أهلها الذين قدموا الدماء في مواجهة المحتل الإسرائيلي، وفي سبيل الدفاع عن لبنان وعروبته· "لـواء صيدا والجنوب" تابع فتح ملف واقع منطقة العرقوب وحاجاتها ووضع مزارع شبعا، وكان له في حلقته الرابعة لقاءان مع عضو "كتلة التحرير والتنمية النيابية" النائب الدكتور قاسم هاشم وشيخ البياضة فندي جمال الدين شجاع·· النائب هاشم عضو "كتلة التحرير والتنمية النيابية" النائب الدكتور قاسم هاشم، اعتبر "أن منطقة العرقوب في موقعها الإستراتيجي لها أهميتها كونها تقع على المثلث الماسي (اللبناني- السوري - الفلسطيني) وعلى منحدرات جبل الشيخ وما يعنيه هذا الجبل في تاريخه وأهميته الإستراتجية"· وأضاف: اليوم هذه المنطقة من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا وتماسها مع واقع الاحتلال الإسرائيلي تشكل القضية الوطنية المركزية، والمساحة اللبنانية الساحقة في دائرة الصراع العربي - الإسرائيلي منذ لحظة وجود الكيان الصهيوني الغاصب، فكان الإنعكاس المباشرعلى هذه المنطقة بكل وجوهه"· وتابع: منطقة العرقوب كأخواتها من مناطق الجنوب وباقي الأطراف النائية في الوطن عانت منذ الإستقلال الحرمان والإهمال الرسمي بكل أبعاده، وقد زاد واقع الاحتلال الإسرائيلي من حجم المعاناة، التي بدأت مع عدوان 1967 مع بدأ قضم مزارع شبعا وتلال كفرشوبا، جزءاً بعد جزء، وما تركه ذلك من أثار على مسار الحياة اليومية من قتل وتدمير وتهجير لقرى العرقوب وأبنائها، وتكررت الإعتداءات واتسع حجمها إلى أن كان الإحتلال في العام 1982، والذي استمر حتى أيار 2000، وكانت رحلة العودة وأعراس النصر التي يشارك فيها قادة الدولة وأجهزتها، وأطلقت خلالها الوعود الرنانة الطنانة، وأكدت على ذلك البيانات الوزارية الواعدة بالتعويض لأبناء المناطق المحررة ما فاتهم زمن الاحتلال، فاستبشر الناس خيراً ومرت الأيام والسنين، وبقيت الوعود وعوداً والقوانين أرقاماً في الإدراج، وعاش أبناء المنطقة على الوعود، وذلك على الرغم من استمرار الواقع الإحتلالي لمزارع شبعا وتلال كفرشوبا، واستمرت الاعتداءات المتكررة، وبشكل شبه يومي، دون أن تعي الحكومات اللبنانية مسؤوليتها الوطنية متذرعة بعبء العجز المالي العام، وعدم توفر الإمكانيات، علماً أن المسؤولية الوطنية تقتضي تمييز مناطق المواجهة، دعماً لصمود أبناء المناطق المحتلة والحدودية، كونهم يدفعون ضريبة الدم عن كل الوطن، لكن السياسة الوطنية كنت أبعد ما تكون عن التمعن في معاني الإتحاد الوطني وأهمية بقاء أبناء المناطق الحدودية في قراهم ومنازلهم، والتشبث بأرضهم رغم ظلم الإحتلال وعدوانيته· وأكد النائب هاشم "أن الواقع الإنمائي لهذه المنطقة كان واقعاً مأساوياً، نظراً للإهمال المزمن والمتعدد الأوجه، وما تم تنفيذه يعتبر جزءاً يسيراً من حاجات وحقوق المنطقة، ولولا مبادرات "مجلس الجنوب" في بناء المؤسسات التربوية وشبكات الطرقات والمياه، والطاقة لكانت الإنجازات شبه معدومة، وما قدمته باقي الإدارات والوزارات كانت تنتزع انتزاعاً، بعد شق الأنفس من المرلجعات ورفع الصوت في وجه المسؤولين، الذين كانوا يقدرون وفق مصالحهم ومكاسبهم السياسية الرخيصة، على حساب الإنماء المتوازن الحقيقي، والذي يبقى مستعاراً دون جدوى ودون ملامسة صحيحة· وبهذا كانت الخطة الإنمائية غائبة بالكامل، وعلى هذا الأساس التقدميات لا تأخذ بعين الإعتبار الأولويات والحاجيات"· وأضاف: إن انعدام فرص العمل خاصة مع تراجع الواقع الزراعي، انعكس على مجمل الحياة اليومية لأبناء المنطقة، والذي شكل العامل الأساسي للاستقرار العام للعائلة وارتباطها بأرضها، كون القطاع الزراعي يشكل مصدر الرزق الوحيد لأكثرية أبناء هذه المنطقة، ولولا الإغتراب وما شكله من رافد مالي إضافي، لما استطاع أغلبية أبناء منطقة العرقوب البقاء في قراهم، خاصة مع غياب أية خطة لتأمين فرص العمل أو أعطاء دفع لواقع الزراعة عبر تأمين أسواق لتصريف الإنتاج الزراعي، خاصة زيت الزيتون، والفاكهة والزراعات الموسمية، ناهيك عن عدم إيفاء الحكومات المتعاقبة لوعودها لتنفيذ قانون التعويضات الذي أقره المجلس النيابي في صيف العام 2000، بذريعة عجز الموازنات وعدم توفر الأموال اللازمة، دون الإنتباه إلى أهمية دعم صمود أبناء هذه، المنطقة كونها ما زالت تعاني ظلم الاحتلال للإراضي الواسعة في أرضها (مزارع شبعا)، وهذا له علاقة بالهم الوطني وما يعنيه بالنسبة للمسؤول، الذي يرمي الوطنية في موقعه ومنصبه ودائرة حضوره، والأسئلة كثيرة·· وهو أمر يستحق الوقوف عنده والتفكير به ملياً، لأن هذا يحتم إعادة النظر بالكثير من القضايا والأولويات وتحديدها بالدقة بما يتوافق وهوية الوطن وقوانيه وخياراته الأساسية· ورأى "أن كل ما أنجز حتى اليوم من مشاريع إنمائية على مستوى القطاع الصحي والتربوي والإجتماعي ما زال بحاجة إلى الكثير من الإهتمام، بل إن هذه المنطقة بحاجة إلى وضع خطة إنمائية شاملة تطال كل نواحي الحياة، ومهما كانت الموازنات وحجم عجزها، فإننا نعتبر أن عجز الموازنة من أجل إنماء منطقة العرقوب ودعماً لصمود أبنائها والتعويض عن خسائرهم المادية، التي ألحقها بهم الإحتلال الإسرائيلي منذ حرب العام 1967، إنما هو كتابة الإنجاز الوطني، ويستحق التقدير ولا نسمح لأحد التذرع بعدم توفر الإمكانيات المادية، لأننا نعلم أبواب الهدر والسرقة في دوائر هذه الدولة، وأن حقوق هذه المنطقة ستبقى مقدسة، ولا يمكن التنازل عنها ولا نسمح لأحد مهما علا شأنه وموقعه وارتباطه، أن يساهم في إدارة الظهر لهذه المنطقة، وأن ساهمت الظروف السياسية الراهنة في إعطاء فرصة للمعنيين ريثما تعود الأمور إلى نصابها نستطيع معها إعادة تحريك ملف مطالب المنطقة بكل مستوياتها"· وشدد على "أن العرقوب بتكوينه الجغرافي والديمغرافي، جزء من هذا الجنوب الممتد على مساحة جبل عامل، وهذه المنطقة نموذج نطمح أن يكون عليه لبنان الوطن، في تفاعل أبنائه وتعاونهم، كونهم يشكلون عائلة واحدة، مهما تنوعت انتماءاتهم الطائفية والمذهبية والسياسية، فما حملته الرياح اللبنانية خلال 3 عقود لم يترك اثر له في هذه المنطقة، حيث الداخل إليها لا يعرف لون قراها واتحاداتهم، لأنهم فعلاً وقولاً عائلة واحدة في السراء والضراء ويتشاركون الأفراح والأتراح، وكلما حاولت بعض الرياح الآتية من خارج المنطقة أن تحمل معها شيئاً من الغبار والضباب، تصدى لها أبناء المنطقة بكل ألوانهم السياسية لصدها والحفاظ على النقاء والصفاء، الذي لوح وجه المنطقة، وكانت انعكاساً لبياض جبل الشيخ وطهره ولعمامات مشايخ المنطقة ورجال الدين والسياسة فيها"· وختم النائب هاشم بالقول: منذ سنتين ونحن نحاول جاهدين مع كل الخيرين والأوفياء من أبناء المنطقة في كل مواقعهم الرسمية والسياسية والمدنية إلى العمل معاً يداً بيد لمنع كل محاولة للعبث أو تشويه صورة الصفاء والنقاء لمنطقة العرقوب وحاصبيا، واستطعنا أن نجنب هذه المنطقة أية اهتزازات أو تأثيرات مهما كان حجمها، وإن كانت هناك بعض المحاولات الصبيانية والتي بقيت عند حدودها حجمها المعدوم، وسنبقى نعمل مع كل المعنيين بكل ألوانهم وانتماءاتهم لصد أية محاولة من أية جهة كانت، لتبقى هذه المنطقة مرآة الوطن الصافية، وصورته الناصعة، فمنطقة العرقوب وقضاء حاصبيا بكل قراها يجهدون لإعطاء المثال الوطني الصحيح اتحاداً وهوية، ولن تستطيع بعض الأصوات المشبوهة والتي تعشعش الفتنة بداخلها أن تبدل من حقيقة ووحدة وهوية وصورة هذه المنطقة· ونكرر باسم أبناء منطقة حاصبيا والعرقوب بكل تلويناتها سياسية واجتماعية، أن المنطقة أبعد ما تكون عن الفتنة وبذورها، والجميع قادر على المساهمة في دفنها قبل أن تولد، بل أنهم سيساهمون في إرساء قواعد الألفة والمحبة الوطنية على مساحة الوطن، بما يملكون من خبرة عن كيفية ابتكار أساليب وأليات توسيع دائرة وساحة التلاقي بين اللبنانيين، أينما كانوا والى أية جهة انتموا· الشيخ شجاع شيخ البياضة فندي جمال الدين شجاع رأى "أن الجنوب كما كل المناطق اللبنانية، يعاني وربما أكثر من غير مناطق، ونحن منذ العام 1969 غابت الدولة بكل مؤسساتها، وكانت المنطقة ساحة دفع المدنيون والأبرياء والنساء والأطفال الثمن الباهظ، ثم جاء الاحتلال الإسرائيلي فزاد الأمر سوءاً"· وقال: كنا ننتظر في هذه المنطقة بعد التحرير أن يتغير ويتحسن ويعوض علينا ما فات وما نقص من حرمان وتجاهل، غير أن ما يثير الحزن وينشر اليأس ويبدد الأمل، ما نسمعه من خلافات واختلافات وتمايزات وتناقضات، لذا نتوسل إلى رب العزة والجلال، أن يلهم الجميع الرشد والهداية والتسديد والتأييد، وأن يبعد هذه الغيوم السوداء عن وطننا· وأضاف: بالنسبة لمنطقتنا، نأمل بالتعاون مع كل العقلاء والغيارى المخلصين أن نحافظ على العيش المشترك والسلم الأهلي والتضامن الإجتماعي والوطني· وقد علمتنا الأيام والتجارب كما يقول المثل العامي "ما بحن على العود إلا قشره"، فاللبناني يجب أن يبقى محباً ومخلصاً ووفياً لأخيه اللبناني، لأن لبنان لنا جميعاً· وختم الشيخ شجاع بالقول: إن الجيرة والعشرة والخبز والملح بين اللبنانيين، يجب أن يكون أقوى وأمنع وأصلب من أن تهزه العواصف مهما كانت هوجاء، وأملنا بالله تعالى وباللبنانيين وطيد وكبير، ونأمل أن نجتاز الإستحقاق الرئاسي بسلام·
الشيخ فندي شجاع
تعليقات: