فلا تقل لهما اُفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريمـًا واخفض لهما جناح الذل من الرّحمة وقل ربِّ ارحمهما كما ربّياني صغيرا
لقد أثبتت البحوث العلمية التي أجراها العلماء في حقول علم النفس وعلم الاجتماع وغيرها أن للإسم أثـرًا بالغـًا على سلوك الفرد...
فقد أكدت الارقام في التاريخ أن إسم فاطمة (س) هو الذي قضى على الدّولة الأمويّة فأسقطها.. كما أسقط بعدها دولة العباسيين الظالمة والتي قامت ببركات هذا الإسم العظيم... ولكنها ما كادت تنحرف عن مسار فاطمة (س) وتقف ضدّها وضدّ أبنائها حتى تهاوت أعمدة هذه الدّولة العاثرة وتحوّلت الى حُطام وأنقاض في الوقت الذي قامت فيه دول إسلامية بفضل إسم فاطمة (س)..
فدولة في أفريقيا واُخرى في المغرب.. وثالثة في مصر لا زالت معالمها الحضارية باقية الى يومنا هذا.. فما القاهرة إلا العاصمة التي بناها وأقام عمرانها أبناء فاطمة الزهراء (س) الذين أقاموا أروع مُجتمع حضاري في مصر يُمكن أن يشهده، ويراه العالم.. وهذا هو الجامع الأزهر فيه خير شاهد ودليل على ذلك.. فما الأزهر إلا جامعة إسلامية كبرى أسّسها وأقام بنيانها أبناء فاطمة الزهراء(س).
يجب أن نعلم أن إسم الأزهر مُشتق من أسماء الزهراء (س) ، هذا ولا ننسى الدّولة البويهية في العراق التي كانت مُمتـدّة على مساحة واسعة ورقعة جغرافية كبيرة من الأرض.. وهي دولة أقامها أبناء فاطمة (س) ، وكان الشيخ المفيد، هو من قد عرّفنا مُتصفـًا بالعلم والأدب، والورع، وكان هذا الرجل العظيم يُشرف على إدارة هذه الدّولة البويهية في العراق كما كان يُشرف على توجيه الدّولة الفاطمية في مصر.. ويكفي أن نعرف أن عضد الدّولة البويهي - وهو رئيس الدّولة البويهية – كان واحـدًا من تلامذة الشيخ المفيد.
على أننا نخرج من كل ذلك بحصيلة مفادها: أن إسم فاطمة (س) لم يكن إسمًا عاديـًا وباهـتــًا في الحياة، وإنما كان له دور حضاري كبير.. وكان يهز العروش ويُسقطها. كما كان يُقيمُ عُروشـًا ويُثبتها.
هذه المقدمة لتبيان ما ورد في الصفحة 731 من المجلد الثاني لكتاب "إعلموا أنّي فاطِمة" من أن النبي (ص) إنما أطلق عليها لقب اُم أبيها، لأنها كانت الكوثر الطاهر الذي تدفقت منه ذريّة النبي – صلّى الله عليه وآله وسلّم – وذلك أن الاُم هنا بمعنى الأصل، كما نقول مكة اُم القرى، وسورة الفاتحة اُم الكتاب، وحينما أعلن القرآن أن أزواج النبي اُمهات المؤمنين، أعلن الرسول (ص) أن فاطمة (س) اُم أبيها، وإعلان الرسول هذا إنما هو من عند الله، لأنه "وما ينطق عن الهوى إن هو إلا وحيٌ يوحى". (يمكن الرجوع الى الصفحات: 323 – 329 – 330 من المجلد الثاني لكتاب "إعلموا أنّي فاطِمة" ، ط1 ، سنة 1993 ، دار الكتاب والعترة)
وإذا جئنا لنبحث عن حرف الميم اُولى أحرف كلمة اُم، نجد أن الحرف هو رمز لصوت لغوي منطوقـًا شفويـًا، فحرف الميم هو من الأحرف الشفوية التي لا ينطبق إلا بانطباق الشفتين، لذا نرى أن حرف الميم يضم وهذه إحدى صفات الاُمومة.
وليس صدفة أن الله قد اختار حرف الميم للاُم! وإذا دققنا أكثر، نجد أن حرف الميم يضم في شفتين الانسان على نحو: لمْ، تمْ، إمام، اُمّة، من حيث أن حرف الميم حرفٌ جامع، لذلك قال تعالى في كتابه الكريم " اللهُم "، حتى أن الله قد وصف النبي ابراهيم (ع) في كتابه الكريم "إن إبراهيم كان اُمّـةً" (النحل: 120)، بمعنى آخر: إن الله عبّر عنه بصفة الجمع ألا وهي الاُمّة.
السؤال: ما الفرق بين كلمة الله و اللهُم؟ قال العلماء من قال اللهُم فقد دعا الله بكلِ أسمائهِ الحُسنى، بمعنى أن حرف الميم الذي تم إضافته إلى كلمة الله، أصبح يُقرأ اللهُم، ففيه كل الحروف.
وأما حق اُمهاتنا علينا فلا يمكن أن نؤدّيه، يكفي أنها حملتنا حيث لا أحد يحمل أحدًا، وأطعمتنا من ثمرة قلبها قبل أن نراها وترانا، وأنها وقتنا بسمعها وبصرها وجميع جوارحها ... ولكن حريٌ بنا أن نقتدي بقول الله تعالى في كتابه الكريم :
﴿فلا تقل لهما اُفٍ ولا تنهرهما وقل لهما قولاً كريمـًا واخفض لهما جناح الذل من الرّحمة وقل ربِّ ارحمهما كما ربّياني صغيرا﴾ سورة الإسراء: الآية 23 - 24
* عيّاد محمّد رضا مهنا
الاثنين الواقع فيه 21/3/2016
تعليقات: