الأم والزوجة والشقيقان والأهل والأصدقاء يودّعون الرقيب أول الشهيد يوسف في برج الملوك أمس. (ر. ض.)
مرجعيون –
هي الأم الحزينة تزفّ عريسها الشهيد الرقيب أول عامر يوسف. امتزجت آلام جورجيت ودموعها بآلام والدة السيد المسيح الذي مشى أمس طريق الجلجلة في يوم الجمعة العظيمة. قدر الأبطال أن يموتوا شهداء. قدر الأبطال أن تروي دماؤهم الزكية أرضنا المقدّسة. قدر الأبطال أن يواجهوا في ساحة الشرف أعداء الوطن. قدر الأبطال أن يسيروا في النور، فيما المعتدون يتسلّلون في الظلمة للنيل منهم لأنّهم لا يجرؤون على مواجهتهم. هو قدر عامر أن يكون بطلاً، شهيداً مستحقّاً بجدارة رتبة "شهيد" افتدى بدمه كل الوطن وكلّ زملائه.
أمس سقط عامر شهيدا في عرسال، واليوم عاد لوداع بلدته برج الملوك وعائلته الصغرى ووالديه وشقيقيه، رفاق السلاح أيضا، عاد عريساً محمولاً على أكفّ رفاقه يقول وداعا لرفيقة الدرب كارين ولطفله يورغو، عاد يقول لوالدته "لا تحزني، بل أخبري ابني أن والده كان بطلا لا يهاب الموت"، عاد يودّع والده الذي ردّد "فليكن ابني فدى المؤسسة العسكرية وفدى الوطن"، عاد يسلّم الأمانة لشقيقيه طارق وفيصل "الوطن بأمانتكما، لا تدعا الأعداء ينتصرون".
لن تذهب دماء عامر وكل شهداء الوطن هدراً، لن ينال منّا أعداء الوطن، هو إصرار أجمع عليه كلّ من شارك في "عرس" عامر. بالمفرقعات والزغاريد ونثر الورود وصل نعش الرقيب أول الشهيد الى أول البلدة حيث احتشد مودّعوه من كلّ المنطقة، فيما ارتفعت لافتات تحيّي البطل وانتشرت صوره، هو الذي "استعجل الرحيل" قبل وداع محبّيه. انتظرته عائلته وزوجته وسارا مع النعش الذي حمله رفاقه على الأكف ورقصوا به عريساً شهيداً، فيما عزفت فرقة موسيقية "تسلم يا عسكر لبنان يا حامي استقلالنا"، وفي كل محطة نساء ينثرن الورود ويطلقن الزغاريد. دخل منزله للمرة الأخيرة، فلن يعود اليه مجدّداً ليضفي عليه حيوية مع ابنه... وعند مدخل كنيسة مار جرجس للروم الارثوذكس، حمل النعش رفاق السلاح فيما تقدّمته الأوسمة وأدّت له ثلّة من الجيش التحية العسكرية.
الوداع الأخير، الكلام الأخير، هو حوار أحادي. الكلّ يكلّمه، الكل يسأله عن استعجال الرحيل، الكلّ يحمّله التحية والإكبار "تحية الشرف والتضحية والوفاء".
وبعد الظهر ودّع أهالي برج الملوك والقرى المجاورة الشهيد بمأتم رسمي وشعبي، وحمله رفاق السلام ملفوفاً بالعلم الى كنيسة القديس جاورجيوس للروم الارثوذكس حيث أدّت له ثلّة من عناصر الجيش التحية، وترأّس الصلاة متروبوليت صيدا وصور ومرجعيون للطائفة المطران الياس كفوري وعاونه لفيف من الكهنة. وحضر النائب قاسم هاشم ممثلا رئيس مجلس النواب نبيه بري والعقيد ابرهيم حمّود ممثلا نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع سمير مقبل وقائد الجيش العماد جان قهوجي وضباط كبار.
ورثى كفوري الشهيد معزّيا عائلته، وقال: "نحيي جيشنا في هذه الايام العصيبة ونقف معه في دفاعه عن كرامتنا وذوده عن ارضنا المقدّسة. جيشنا يقدّم الشهداء الابطال لئلا تطأ أقدام همجية أرضنا، كل التحية والتقدير والمحبة لجيشنا، نحن فخورون بشهيدنا عامر".
وألقى العقيد حمّود كلمة قال فيها: "بطل جديد من رفاقنا العسكريين انضمّ الى قافلة شهدائنا الابرار، الرقيب أول الشهيد عامر يوسف، وهو يحرس أرض الوطن ويدافع عنها ويرسّخ الأمن والاستقرار في ربوعها. وان المؤسسة العسكرية تدرك تماما حجم المسؤوليات الجسام الملقاة على عاتقها، وتؤكّد القيادة مجددا أن الجيش ماض في أداء واجبه المقدّس مهما كانت التضحيات، وسيبقى بالمرصاد للارهاب ولكلّ متربّص شرّا بالوطن".
ونوّه بالشهيد، ثم تلا نبذة عن حياته وفيها: "من مواليد 1 شباط 1985، برج الملوك- مرجعيون. تطوّع في 21 أيار2003. حائز أوسمة عدّة وتنويه العماد قائد الجيش وتهنئته مرات، متأهّل وله ولد".
تعليقات: