جانب من مجرى الليطاني بلون بني (طارق ابو حمدان)
يتعرض نهر الليطاني، في المنطقة الواقعة إلى الغرب من مرجعيون نزولا حتى محور الخردلي، لتلوث بيئي خطر، نتيجة لبقايا المرامل المتعددة في الهضاب المحيطة به، والتي ترمي الرمول في مجراه، لتضاف إلى مجاري المياه المبتذلة من القرى المحيطة، والتي أدت مجتمعة إلى تلوث وتعكير مياهه، ومن ثم تعطيل العديد من المضخات، التي تمد القرى والبلدات المحيطة بالمياه، بسبب ثقل الوحول الممزوجة بالرمال التي تدخلها من دون حسيب أو رقيب.
ويشير العاملون في المنتزهات المنتشرة على ضفاف الليطاني إلى أن تلوث النهر يعود إلى الأعوام الثلاثة الماضية، ويظهر ذلك جليا في مثل هذه الفترة من السنة وبعد توقف المطر، بحيث يتحول لون مياهه إلى البني، بعد وصول الرمال والوحول إليه، عبر سواقي مرتبطة بالمرامل المتعددة في حوضه، لينحصر استعمال مياه النهر بريّ البساتين فقط، وتضطر المنتزهات إلى شراء حاجتها من مياه نظيفة عبر الصهاريج بسعر يرتفع يصل إلى حدود الـ30 دولارا في منتصف الصيف.
أبو سامر احد العاملين في استراحات الليطاني، يخشى أي معركة بيئية مع أصحاب المرامل، فهي خاسرة، يقول: «هم من أصحاب المال والنفوذ، وإذا قررنا التصدي والمواجهة، فالغلبة ستكون لهم حتما، إمكانياتهم المادية قوية وقدرتهم على إسكاتنا أكثر قوة، الجهات المعنية ستقف إلى جانبهم حتما، ونحن نحمّل الدولة المسؤولية أولاً وأخيراً عن هذا الوضع، فهي لم تبادر يوماً للتصدي لهذا الاعتداء البيئي الواضح، والذي ينعكس سلبا على الوضع المعيشي والسياحي في هذه المنطقة الجذابة، والتي تنعم بوضع أمني ممتاز، وباتت مقصدا للسياح والمتنزهين من كافة المناطق».
وتقع المرامل، التي يبدو أنها المصادر الرئيسية لتلوث الليطاني، في منطقة العيشية القريبة، بحسب ما يشير العديد من رؤساء البلديات، الذين يتحدثون عن قيام هذه المرامل برمي الرمال في النهر لتلوثه وتؤدي أيضا إلى أعطال في المضخات التي تروي بالمياه نحو 50 قرية في بنت جبيل ومرجعيون».
وتلفت مصادر مطلعة على عمل المرامل الانتباه إلى أن محطة ضخ المياه الكبيرة، التي تم افتتاحها قبل سنتين في بلدة شقرا، لتضخ المياه إلى بلدات بنت جبيل، باتت متوقفة عن العمل بسبب تعرضها للرمال ، والتي أقفلت كل الثغرات التي يمكن أن تتسرب منها المياه إلى الشبكة، علما أن قدرة المضخات المتوقفة بسبب الرمول، تضخّ أكثر من 20 ألف متر مكعب يومياً من المياه، إلى قرى وبلدات بنت جبيل ومرجعيون، أي ما يفيض عن الحاجة المطلوبة.
والجدير ذكره هنا أن القرار الذي صدر في تشرين الثاني 2015 عن وزارة البيئة، والقاضي بوقف جميع المقالع والمرامل، لم يلق استجابة، ولم يتم فرضه على أصحاب المرامل في هذه المنطقة.
تلوث اليطاني يضرب أيضا وبقوة المسامك المنتشرة في النهر. ويوضح أحد مربي السمك، أن هذه المسامك في طريقها إلى الإقفال ،علما أن تاريخ بعضها يعود إلى نحو ربع قرن، ويشير إلى أن الرمال المتسربة إلى النهر، تقضي على نسبة كبيرة من السمك، مقدرا خسارة كل مسمكة بنحو 50 ألف دولار أميركي.
وكان النائب علي فياض ورئيس اتحاد بلديات جبل عامل علي الزين، تفقدا مجرى الليطاني والذي بدا بلون بني غامق. وأكد فياض أن ما يحصل للنهر مجزرة بيئية بشعة بحق الطبيعة والمياه والإنسان والسمك. أضاف أنه سوف يتقدم بإخبار إلى النيابة العامة البيئية لتتحرك في كل اتجاه للجم هذا التعدي البيئي، في حين ذكر الزين بأنه أجرى اتصالا مع وزير المال علي حسن خليل ووضعه في صورة ما يحدث لنهر الليطاني والأضرار البيئية المترتبة عن ذلك، ووعد خليل بإجراء كل ما يلزم مع الجهات المعنية، لوقف التعدي على النهر ومعاقبة المسببين.
تعليقات: