حاضر نقيب المحامين في بيروت انطونيو الهاشم عن "الانتخابات البلدية ضرورة وطنية"، بدعوة من نادي الخيام الثقافي الاجتماعي - مجمع الدكتور شكر الله كرم، في مبنى النادي في حضور حشد من المحامين وفاعليات المنطقة.
يونس
بعد النشيد الوطني، القت رئيسة النادي المحامية وداد يونس كلمة ترحيبية قالت فيها: "من واقع سياسي مرير يمر به الوطن يتجلى بفراغ رئاسي في القمة الى تعطيل المجلس النيابي وشلل حكومي تأتي الانتخابات البلدية كفرصة لاعادة ممارسة الديموقراطية. فالبلدية تشكل مؤسسة رئيسية لادارة أمور المواطنين الاكثر تعبيرا عن إرادتهم والأقرب اليهم. من هنا، وللبحث في الموضوع يسعد النادي الثقافي في الخيام ان يستقبل نقيب المحامين في بيروت الاستاذ انطونيو الهاشم".
الهاشم
ثم كانت مداخلة النقيب الهاشم، قال فيها: "نلتقي اليوم بدعوة كريمة من نادي الخيام الثقافي في مجمع الدكتور شكرالله كرم لنؤكد المؤكد أي حق اللبنانيين في إنتخاب سلطاتهم المحلية وأعني بها البلديات. لا تحتاج الإنتخابات إلى أسباب موجبة وتبريرات وحجج، فالإنتخابات هي القاعدة في النظام الديمووقراطي وتأجيلها أو إلغاؤها إستثناء يصعب تبريره. أمس واليوم وغدا نطالب بأعلى الصوت: نريد إنتخابات رئاسية ونيابية وبلدية. نريد الإنتخابات البلدية في موعدها ولن نقتنع بأي ذريعة قد تروج لها السلطة السياسية لتفادي هذا الإستحقاق".
اضاف: "يتزامن لقاؤنا اليوم مع حلول فصل الربيع الذي يحمل في روزنامة مواعيده موعد إستحقاق الإنتخابات البلدية في لبنان. إنه إستحقاق بحجم بقاء الدولة أو إعلان زوالها. هكذا ننظر إليه بعدما نجح أولياء الأمر السياسي عندنا في تخريب الحياة الدستورية ودفن الإستحقاقات الديموقراطية واحدا بعد الآخر".
وتابع: "يحدثونك عن إعادة تكوين السلطة والعبور إلى الدولة لكنهم يفعلون ويسعون إلى تفكيك السلطة ومنع قيام الدولة. يختلفون على الأحجام والحصص والمناصب فيعطلون الإنتخابات ويشلون السلطات والهيئات الرقابية. وهم بذا مطمئنون إلى أن طوائفهم تحميهم، فالناس رعايا السلاطين الطائفية والسياسية، فلا وجود للمواطنين إلا في قواميس الحقوقيين وكتاب الأدب السياسي".
ورأى "ان المأساة اللبنانية تفعل فعلها فينا ولا نزال نتقبل فصولها عاجزين". وقال: "ألغيت الإنتخابات النيابية وعطل المجلس الدستوري لمنع البت بالطعون المرفوعة ضد التمديد اللامنطقي لمجلس النواب، فرسخت بذلك ثقافة التمديد. وكرت السبحة فتعطلت إنتخابات رئاسة الجمهورية في غياب أي ضابط دستوري يفرض إجراؤها، فاعتادوا على ثقافة الشغور. وتحولت الحكومة إلى سلطة هجينة تفضح كل يوم صراعات مكوناتها وعجز أعضائها عن إدارة شؤون الحكم لدرجة السماح بوقوع جرم موصوف بحق الشعب اللبناني. إنه جرم طمر الناس بالنفايات والأوبئة. ولو أن محكمة تنظر في هذا الملف لكانت التهمة الموجهة إلى المسؤولين هي ارتكاب جرم إبادة السكان بنشر الأمراض القاتلة إبادة جماعية تنزل منزلة الجرائم ضد الإنسانية. فأي فرق بين الموت ببكتيريا النفايات والموت ببكتيريا السلاح الكيميائي؟".
وسأل: "أتظنون أنه لن تخرج من بين الناس أصوات الغضب وأن هؤلاء سيستسلمون حتى الموت. علام يراهن هؤلاء؟"، مشيرا الى انه يسمع "طبول الثورة من أنين المريض وقلق الجائعين، من حناجر الطلاب المعلمين، من سواعد العمال والمزارعين، من خوف الأمهات والأحباء الغاضبين، من الشرفاء الصامتين، أطباء ومهندسين قضاة ومحامين".
وقال: "لقد حل الربيع وحل معه استحقاق الإنتخابات البلدية والإختيارية، فإعقلوا وتعقلوا وابدأوا من هنا، بإعادة تكوين السلطة ورسم طريق العبور إلى الدولة، دولة القانون، دولة المؤسسات. دعوا الناس يكونون سلطاتهم المحلية في كل قرية ومدينة. دعوهم ينظمون إدارة شؤونهم وهم قادرون على إيجاد الحلول الملائمة لظروفهم وبيئتهم. ارفعوا أيديكم عن قرار الناس ولينتخبوا من يرون فيهم الأكثر كفاءة لتحمل المسؤولية. ارفعوا أيديكم عن حقوق البلديات وهي قادرة على ابتكار الحلول لمشكلة النفايات. اسمعوا صوت الناس فهو يرشدكم إلى السبيل القويم لبناء الدولة بكل مكوناتها. فلتكن الإنتخابات البلدية فاتحة خير تقلب المعادلة الفاسدة التي تتحكم بنا منذ عقود. وبعدها فليبادر مجلس النواب إلى إصدار قانون عادل للإنتخابات النيابية يعكس روح الميثاق الوطني ولينتخب رئيسا للجمهورية يكون عهده عهد إعادة تكوين السلطة بقرار لبناني صرف".
وأضاف: "لا أبالغ إذا قلت بأن نجاح البلديات في إدارة شؤون المواطنين هو الأساس في إستقرار النظام وتحقيق الإزدهار وعندما ندقق في أوضاعنا الإفتصادية والإجتماعية نرى أن مكامن الخلل في فقدان الإنماء المتوازن للمناطق واضطرار أبناء القرى والأرياف للنزوح إلى المدن الكبرى بحثا عن أمل بفرصة عمل، وهكذا تشكلت على مدى العقود أزمة فقر وبطالة حول المدن كان لها الدور الأبرز في إندلاع الحرب في العام 1975 وفي نشوء حركات متطرفة وإنتشار للجريمة على أنواعها".
ورأى "اننا أمام وضعية تتخطى الإنتخابات البلدية كواجب دستوري، إنها بالفعل واجب وطني يدفع بنا إلى التفكير في أفضل السبل لتعزيز البلديات ودعمها حتى تقوم بما يتوجب عليها من تنمية محلية تثبت الإنسان بأرضه وتوفر له أسباب العيش الكريم بدءا بفرض العمل وبوجود البنى التحتية الضرورية لحياتنا المعاصرة. فلنتوقف، إذا، عند مفهوم السلطات اللامركزية.اللامركزية على نوعين: لامركزية محلية ولا مركزية فنية".
واوضح ان "اللامركزية المحلية هي عبارة عن هيئة محلية تقوم بإدارة شؤونها وتقرير الأمور العائدة لها بنفسها. هذا يعني أن الهيئة المحلية تتمتع بنوع من الإستقلال الإداري الذاتي ولكن ضمن هيكلية الدولة أي دون أن تنفصل عن السلطة المركزية التي تبقى متصلة بها عن طريق ممارسة سلطة الوصاية. كذلك الأمر بالنسبة للمؤسسات العامة الموكل إليها تسيير مرفق عام متخصص. وعليه يمكن القول بأنه لكي تعتبر السلطة لامركزية يجب أن لا تكون خاضعة لأية سلطة تسلسلية على غرار أجهزة الدولة، لا سيما سلطة إعطاء الأوامر والتعليمات، بل تكون خاضعة لرقابة إدارية غير قوية وإنما محصورة في قضايا محددة صراحة في القانون".
وشدد على التمييز، أولا، بين اللامركزية واللاحصرية، وقال: "إن اللاحصرية تحقق تخفيف العبء عن كاهل الإدارة المركزية بزيادة صلاحيات الموظفين المحليين التابعين لها والذين تبقى مقرراتهم خاضعة لرقابة السلطة التسلسلية. أما اللامركزية فقد قلنا أنه من ميزاتها تحقيق استقلالية القرار عند الهيئة المحلية عن الإدارة المركزية دون أن تنفصل تماما عنها، إذ أن الرابط يبقى مؤمنا عن طريق الرقابة الإدارية أو سلطة الوصاية التي تمارسها الإدارة المركزية. ولذا ينبغي عدم الخلط بين مفهومي اللاحصرية واللامركزية. صحيح أنه في الحالتين ينطوي الأمر على تحويل ونقل سلطات ومراكز ووسائل إدارية من المستوى المركزي في العاصمة إلى المستوى المحلي، أي أن اللاحصرية واللامركزية كلاهما تنطويان على تغيير أو تبديل لمركز القرار. ولكن في اللاحصرية يجري التبديل داخل شخصية الدولة فتحل إحدى سلطاتها المحلية محل إحدى سلطاتها المركزية. فاللاحصرية تؤدي إلى تقريب السلطة الإدارية جغرافيا فقط من الجمهور في المناطق".
اضاف: "أما في اللامركزية فإن تبديل مركز القرار يتم من الدولة إلى شخص معنوي آخر يكون إما هيئة محلية أو مؤسسة عامة، وكلاهما مستقل في شخصيته عن الدولة.ولا بد، ثانيا، التمييز بين اللامركزية والفيدرالية:عندما تتحول العلاقة بين السلطة المركزية والسلطات المحلية إلى درجة من التلاشي والإنحلال وترتدي السلطة المحلية طابعا إستقلاليا مميزا نكون عندئذ قد ابتعدنا عن اللامركزية الإدارية واتجهنا نحو الفيديرالية.بهذا الحجم أنظر إلى الإنتخابات البلدية ومن خلالها إلى اللامركزية الإدارية الموسعة التي نصت عليها وثيقة الوفاق الوطني في العام 1991 كوسيلة من وسائل تحقيق السلم الأهلي وضمان الإستقرار".
وختم: "ليكن إيمانكم كبيرا بما تقومون به، فأنتم أصحاب حق ولا يضيع حق وراءه مطالب. واصلوا حملاتكم في التوعية وفي تشجيع الناس على الإنخراط في العمل البلدي العام. أقيموا الندوات وأعدوا البرامج وافتحوا أبواب النقاش وساهموا في قيام أي رأي عام يعكس إرادة اللبنانيين.أما نحن في نقابة المحامين فوعدناكم بأن نبقى العين الساهرة على حفظ حقوق المواطنين والوقوف إلى جانبهم في وجه كل من يحاول تعطيل الإنتخابات ويمنع تداول السلطة. إن أبواب النقابة مشرعة لكل مدافع عن الحقوق السياسية والمدنية التي يكفلها الدستور، نعاهدكم أننا لن نسمح بالجريمة المتمادية في قتل الديموقراطية وتهشيم الدستور وغدا لناظره قريب".
وفي الختام رد الهاشم على اسئلة الحضور.
المزيد من صور الندوة التي أقامها نادي الخيام الثقافي الاجتماعي وحاضر فيها نقيب المحامين
تعليقات: