المرحوم الحاج حسين أحمد عياش (أبو هشام) والد الشهيد علي
(لمناسبة مرور ثلاث سنوات على وفاة الفقيد الغالي الحاج أبو هشام حسين احمد عياش )
أشارت ساعة الجدار التي علقها بيديه الى الثامنة والنصف ، كلُّ شيء يوحي بحضوره رغم الغياب. كانت "أم هشام" حينها تكمل تعقيبات صلاتها المعتادة متوركة على طرف الكنبة، فطريقة جلوسها اختلفت عما كانت عليه قبل توعكه.
لم تكن تدري سرّ الهدوء في تلك الليلة. هدوء أدى بها للاطمئنان أن الشفاء قريب، أقرب من أي وقت مضى، و كلما تسمع في أعماق نفسها صوتا يردد شؤمه المعتاد و يحدّ آمالها ، تعود للسؤال : " ألم يقل الطبيب اليوم أن حالته ستستقر؟" .
هي تعرف الجواب جيدا، لكنها تريد بكل حرف أن تخرس ذلك الصوت السقيم في داخلها.
يرد أحدهم بالايجاب، و يحاول رفع سواد همها الواضح بتفاؤل مصطنع عزز جرعته تذكير بأن قلب أم قدمت شهيدا لا مكان لليأس فيه.
لم تدم الجرعة طويلا، دامت بمقدار سيجارة ارتشفتها على عجل و مسافة طريقها الى الهاتف: " فليتصل أحدكم بالمستشفى ، لا أقوى على ذلك" . لا مجال لتكذيب احساس بمصيبة واقعة.
حاول الحاضرون إخفاء ما سمعوه حينها من المستشفى عبر الهاتف : "قلب المريض ينبض بتقطع ، على أهله الحضور".
يُشهد أنه فيما كان قلبه يتقطع نبضه، توقف نبض قلوب السامعين، و بدأ نعيٌ قبل أوانه على لسانها: " راح الحاج... راح" .
أكمل النائحون استعجال فقدهم له في الأيام القادمة، فهو لن يقف بعد الآن على شرفة ما ليلوح لحفيده أن اصعد وخذ من قلبي أجمل حناياه.. هو لن يصلح شيئا آخر بعد في بيت من بيوت أولاده إسهاما في التخفيف من أعبائهم، و لن يستخدم إلى الأبد مرهمه المرطب الشهير ليكافح تشققات السنين في كفين مرهقين.
في نفس المكان ، في زمان آخر، جلس الحاضرون في العزاء يذكرون طيب الخصال، فيما جال أفراد عائلته بأنظارهم و القلوب في أرجاء الزمان و المكان حيث لا لمسات لحقت لمساته، و كل شيء بقي على "حطة يده" .
كان أكثر حضورا منهم... حضر كثيراً جداً ، إلى أن توقفت ساعة الجدار ذاتها ، إمعاناً في أذية المحبين، ذكرتهم تلك البغيضة أن يداً أخرى- على غير عادة - ستصلحها هذه المرة.
سجل التعازي بالمرحوم الحاج حسين أحمد عياش (أبو هشام)
تعليقات: