لعائلة الباشا في بلغاريا حكاية مقترنة بالطموح والنجاح والكثير من العتب. من الخيام الى بيروت فصوفيا في بلغاريا، رحلة مهد خلالها الأخ الأكبر الطريق لأخوته محمد ومحمود وطالب الباشا.
ولغربة العائلة حكاية بدأ بكتابة فصولها كبير العائلة احمد الباشا الذي احترف في الاصل كتابة المقالات والتحليلات والتقارير التلفزيونية والنقد السياسي. وقصة هجرة العائلة او ربما ابتعادها عن الوطن بدأت في العام 1979 عندما ترك احمد الباشا - كبير الأخوة - الوطن وغادر الى بلغاريا مع منحة دراسية اختار ان يتخصص بها في مجال الصحافة والكتابة - العالم الاقرب الى قلبه ـ كما يؤكد، وهو الذي عمل سابقا في صحيفة «النداء» في بيروت وعاش ما عاشه من افكار وأحلام بالتغيير.. وخيبات!
وكما يحمل أحمد الباشا الكثير من الود لكل زوار بلغاريا من الزملاء، يحمل ايضا الكثير من العتب على الوطن وساسته يعبر عن ذلك بقوله: «... السياسة اللبنانية مصرة على تهجيرنا. نريد ان نعمل فليتركونا بسلام. ليس على ساسة هذا البلد ان يقرروا مصير كل اللبنانيين في الداخل كما في الخارج. من غير المعقول ان يهدم البلد في الداخل وان لا تكتفي الدولة بذلك، بل ان تسعى لضرب مصالح اللبنانيين في الخارج. صراعات البلد الداخلية وسوء الرؤية فيه لم تترك لنا صاحبا في العالم.
البدايات
وعن البدايات في صوفيا يقول أحمد الباشا الذي تربطه بعدد من الكتاب والمفكرين والصحافيين علاقات زمالة وصداقة: «في بلغاريا عملت في التلفزيون الوطني اكثر من الصحف، خاصة انني نلت دبلوما في الصحافة التلفزيونية، ومن خلالها بنيت علاقات مع كثير من الاعلاميين، ولدي صداقات مع العديد منهم، فقد كنت أغطي احيانا احداث الشرق الاوسط وتتم استضافتي لاجراء بعض التعليقات السياسية.
يقول محمد الباشا وهو الذي يدير الشركة حاليا: دخلنا مجال التجارة كغالبية اللبنانيين الذين قدموا في التسعينيات، وكانت البداية من خلال شركة صغيرة، لكن مع وصول اخوتي الى بلغاريا عملنا على توسيع الشركة، حتى اصبحنا نغطي 80% من السوق المحلي، وبات لنا اسم في مجال المعدات الصناعية اليدوية وماركة مستقلة باسمنا. توسعنا بعدها من خلال التصدير الى الخارج، فوصلنا الى رومانيا والى كل دول البلقان المحيطة ببلغاريا مثل صربيا وكوسوفو وسلوفينيا وكرواتيا وغيرها، كما بدأنا العمل مع دول الخليج.ولدينا اليوم مصانعنا الخاصة في كل من الصين وتايوان والهند، من خلال ماركاتنا الخاصة التي تتميز بالمواصفات الاوروبية والنوعية العالمية. في العام 2005 اقمنا مشروع المصنع هنا في منطقة «اوبيليا»، وهي منطقة صناعية في ضواحي صوفيا، وتضم العديد من الشركات الكبرى والمستودعات الكبرى، والمصنع يقوم على مساحة 10 آلاف متر مربع مع اكثر من 200 موظف يتوزعون ما بين صوفيا، وبلوفديف ومكاتب الشركة في رومانيا.
وعما قدمته لهم بلغاريا بالمقارنة مع لبنان يقول احمد: «النظام المالي والمصرفي في بلغاريا مستقر. وهذا مفيد بالنسبة لنا كتجار، ناهيك عن الخدمات المتوفرة والتي نفتقدها كليا في لبنان، وهي من ادنى حقوق الانسان في بلده، وربما هذا ما يمنعنا من الاستثمار في بلدنا اليوم او حتى اطالة فترة الزيارة لمدة تطول عن الاسبوعين .
نحلم بنظام ديمقراطي
يتابع محمد ويقول: «المغتربون اللبنانيون لا سيما الجنوبيين منهم يشكلون اليوم النواة الاقتصادية الأساسية لاهلهم في الوطن، لذلك اي ضرر قد يصيب مصالح المغتربين ينعكس ايضاً على البلد».
ويتابع: «الحل اليوم هو بيد الدولة اللبنانية، فالمغترب اينما كان يعيش بكرامة ويعمل باحترام ويطور نفسه، الا في بلده حيث يعيش في مأساة حقيقية. بكل صراحة نحن لا نقضي اكثر من الاجازات في لبنان، وفي الكثير من الاحيان نشتاق للعودة الى بلغاريا. نزور لبنان فقط لزيارة الاهل. وبالرغم من ان بلغاريا هي وطننا الاول اذ نشعر فيه بالامان، لا سيما وان طبيعته جميلة جدا وقريبة من لبنان، الا ان ما يربطنا بلبنان هو اعمق بكثير. نشتاق لرائحة الارض، خصوصا اننا كعائلة اختلطت دماؤنا بتراب هذه الارض، ولدينا اخ استشهد العام 82 هو الشهيد قاسم الباشا، كما ان الوالد كان قد تعرض لمحاولة اغتيال على يد الاسرائيلين. الارض تعني لنا الكثير، خصوصا اننا من قرية كانت محتلة وتحررت. أما ما نحلم به فهو نظام ديموقراطي تعددي لا يلغي الآخر، وان يكون وطنا نهائيا يعتز اولادنا يوما بالانتماء اليه.
* (ملحق جريدة السفير الاغترابي)
تعليقات: