صناعة الحلويات، مهنة تشتهر بها عاصمة الجنوب، مدينة صيدا، وتتناقلها الأجيال. خبرة حفظتها عائلات صيداوية على مرِّ عقود من الزمن، وأعطت لها اسماً من اسمها، لتتخذ مع السنيورة والسمرة وغيرها من العائلات الصيداوية أسماء للحلويات...
مزج بين الحلويات الشرقية والغربية، تفنّن أبناء المدينة في صناعتها والانتشار إلى المناطق والدول، حتى باتت المدينة مقصداً للزائرين لطلب حلوياتها الشهيرة التي تنشط خلال شهر رمضان المبارك وتتنوّع أصنافها وتتشعّب على مدار العام...
«لــواء صيدا والجنوب» يُسلط الضوء على صناعة الحلويات الرمضانية في مدينة صيدا، حيث عاد بهذه الانطباعات...
«الجندولين».. التوسّع والتطوير
* عند مدخل صيدا الشمالي، نهر الأولي، يقع المركز الرئيسي لـ «حلويات الجندولين» التي تميّزت على يد صاحب «حلويات الجندولين» الحاج حبيب جويدي بالمعمول بحجمه الصغير، لتواكب التقدّم بالمزج بين الحلويات العربية والشرقية، وفق ما أوضح المدير العام عبد الكريم حبيب جويدي بالقول: «البداية كانت بفرع وحيد، ولكن انتشار الزبائن جعلنا نفتح فروعاً لنا في المناطق، كي لا ننتظرهم في عطلة نهاية الأسبوع، فتم فتح فروع في بيروت وعرمون، والسعي لفتح فروع في مناطق أخرى منها الضبية والنبطية وصور، لأن خيارنا هو التوسّع الدائم».
وأضاف: «معروف أن صناعة الحلويات تحتاج إلى مواكبة لأذواق الناس، لذلك نواصل إجراء التحسينات في مختلف الفروع وتطوير العمل والأصناف، لأننا ندرس السوق بشكل دائم ونعرف كيف ينتقي الزبائن ما يريدون، من هنا أهمية تطوير الديكور والحفاظ على جودة الصناعة، ورغم الوضع الاقتصادي الصعب والأحداث الأليمة التي مرَّت علينا، والتفجير الذي لحق بفرعنا في بيروت، لكن عاودنا الافتتاح واستعدنا الزبائن في وقت قصير، كما حرصنا على الاستفادة من توجيهات وزير الصحة وائل أبو فاعور في طرق عرض البضاعة وتخزينها وخصوصاً القشطة».
وختم جويدي: «إن تميّز فروعنا بتقديم الحلويات وثقة الزبائن، جعلنا نقدّم المأكولات في فرع الأولي، الذي يضمُّ صالة تستقبل الصائمين على موائدها لتقديم أشهى المأكولات، فضلاً عن استضافة المناسبات المتعددة داخل الصالة وخارجها على مدار العام، وهذا النجاح الذي تحافظ عليه «حلويات الجندولين» ينبع من ثقة الناس بنا».
الإخلاص.. الانتشار إلى المناطق
* وعلى المقلب الآخر، تقع «حلويات الإخلاص» عند مدخل صيدا الجنوبي – سينيق، والتي انطلقت من صيدا إلى سائر المناطق مع صاحبها الحاج زهير قبلاوي، وفق ما أوضح المدير العام أحمد قبلاوي بالقول: «بدأنا من صيدا، حيث يقع الفرع الرئيسي في سينيق، ثم جرى التوسّع إلى سائر المناطق في الشياح والشويفات وصور وشتورا وكترمايا - الاقليم، وهدفنا من فتح الفروع تقريب المناطق والمسافات على الزبائن».
وأضاف: «تتميّز الحلويات وتتعدّد لذلك يجب على من يزاولها التميّز في صناعتها وخصوصاً الحلويات الرمضانية، ومنها: الشعبيات والمدلوقة والعثملية والعصافير وحلاوة الجبن، وكل هذه الأصناف بالقشطة، فضلاً عن زنود الست، وذلك ضمن سياسة أسعار مدروسة تناسب جميع طبقات المجتمع، وصيدا مدينة مميّزة في صناعة الحلويات، لذلك حرصنا أن تكون الأسعار مناسبة لجميع الطبقات، لأنه من حق الفقير الحصول على احتياجاته، وطبعاً الناس تطلب الحلويات في رمضان نظراً لنقص السكر في الجسم، لذلك نرى حلويات خاصة بالشهر الفضيل والتي تضم في مكوّناتها القشطة، أما الحلويات الأخرى فهي متوافرة على مدار العام، كما أننا توسّعنا في مجال اعداد الطعام من خلال المطبخ والمطاعم التابعة لنا، والتي تقدّم خدماتها سواء داخل بعض الفروع أم خلال الحفلات والمناسبات، إضافة إلى بيع البزورات والبن وغيرها من المنتجات الأخرى».
وختم قبلاوي: «نلتزم في عملنا بشروط وزارة الصحة لأن النظافة وحسن تنظيم العمل هما أساس النجاح، فضلاً عن حسن التعامل مع الزبائن، فالناس تعرف جودة بضاعتنا، ونحن نحرص على الحفاظ على هذه الجودة وثقة الناس».
السمرة.. أصالة وتجديد
* وعند بوليفار الدكتور نزيه البزري في صيدا، يقع الفرع الرئيسي لـ «حلويات السمرة الممتازة» التي حفظت تراثاً أعطت للمدينة أسماً منها، وفق ما أكد المدير خضر الغربي بالقول: «والدي هو صهر الحاج محمد السمرة «الحنون»، والذي لم يكن لديه أولاد شباب، عمل معه في هذا المجال واتقن هذه المصلحة، والآن نتابع مع والدنا هذه المسيرة، كما قمنا بتطوير المصلحة التي كانت تشتهر بأصناف محددة إلى أصناف متعددة، حيث أدخلنا العديد من الأنواع، ففي السابق كانت «حلويات السمرة» حكراً على المكسرات من الجزرية والبندقية والفستقية، لكن تم إضافة الحلويات العربية وأُدخل البوظة إلى فروعنا، وتمكّنا بفضل الله من كسب ثقة زبائننا».
وأضاف: «معروف أن جميع آل السمرة يضعون على محالهم أسم الأصلي، وذلك بهدف المنافسة، ولكن المنافسة الحقيقية هي في الحفاظ على الجودة ونوعية البضائع، فضلاً عن حسن التعامل مع الزبائن والحرص على استقبالهم بما يليق بهم، فنحن في فروعنا نهتم بخدمة زبائننا واستقبالهم بالشكل المناسب، والتعاطي مع الزبائن يكون من قبل صاحب المصلحة مباشرة وليس من قبل الموظفين، ونحرص على تأمين الراحة للزبائن منذ ركن السيارة وحتى الخروج من المحل، لذلك يعتاد الزبائن على حسن المعاملة وجودة الحلويات الصيداوية التي نقدّمها، ويأتون من مختلف المناطق».
وختم الغربي: «لقد تمكّنا من الحفاظ على التراث الصيداوي، وفي نفس الوقت زيادة الأصناف، فمن ضمن المكسرات أصبح لدينا 14 صنفاً، كما نتلقّى الطلبات من الخارج، فضلاً عن التنوّع في سائر الحلويات وخصوصاً الرمضانية، إضافة إلى اقبال من الزبائن على شراء البوظة التي ننتجها، فالتميّز في صناعة الحلويات يزيد إقبال الزبائن من مختلف المناطق، فنرى الازدحام قبيل الافطار على شراء الحلويات».
بسيوني بيه.. تميّز في الطعم
* وعند شارع المفتي جلال الدين في صيدا تقع «حلويات بسيوني بيه»، التي تتميّز بطعمها، وفق ما أوضح مدير الانتاج مصطفى محمد بسيوني بالقول: «نصنع العديد من الحلويات الرمضانية تصل إلى 50 صنفاً، من المدلوقة إلى المفروكة وحلاوة الرز والجبن والصنوبرية، ونقوم بتصنيعها 3 أيام أسبوعياً في الأيام العادية، يضاف إليها لقمة الجنة، تراب الجنة، لقمة الملك، العثملية والمد والمفروكة بالقشطة، السمرة، والحدف».
وأضاف: «استفدنا من خبرة والدي الواسعة في قبرص ودبي وعمله كمدير للانتاج في «حلويات البابا»، الأمر الذي أعطى له خبرة إدارية واسعة، وفتحنا المحل في العام 2006، وتميّزنا بالبقلاوة الصغيرة والقطر الخفيف، وكنا الأوائل في لبنان بهذا المجال حيث ركزنا على القطع التركية في هذا المجال».
وختم بسيوني: «صيدا تمتاز بكرمها في الحلويات، وأسعارها أرخص من بقية المناطق، ونحن نركز على نوعية البقلاوة وصناعة الحلويات العربية، ولا نصنع الحلويات الأجنبية، كقوالب الحلوى التي تشتهر بها حلويات مثل البابا أو القصير أو كنعان، لكننا نتميّز أيضاً في صناعة الفيصلية التي تعوّد عليها كبار السن، وهي عبارة عن عجينة بورمة محشوة بالفستق، صنعت للأمير فيصل في الحرب العالمية، تطلب من قبل محبي التراث».
حفاظ على التراث، وصناعة الحلويات الرمضانية الشهيرة، جعلت من مدينة صيدا، مقصداً لأبناء سائر المناطق لشراء الحلويات الصيداوية التي تناسب جميع الطبقات والمستويات الاجتماعية وبتكلفة اقتصادية.
تعليقات: