حركة خفيفة في سوق الخان الشعبي (طارق ابو حمدان)
تغط أسواق المنطقة الحدودية في حالة ركود، يمكن وصفها بسبات عميق، فشهر رمضان، كما عروضات التجار وإغراءاتهم، والتنزيلات التي ملأت واجهات محالهم، كلها لم تكن كافية، لتحريك العجلة التجارية، ومن الصعب أن تستهوي الزبون الذي يعيش في حالة من الفقر المدقع، حيث البطالة مستشرية، في ظل منافسة اليد العاملة السورية، التي تنهك المواطن الحدودي، لينعكس كل ذلك سلبا على الحركة الاقتصادية والتجارية عامة، في هذه المنطقة الحدودية.
«لامست التنزيلات عندنا حدود الـ40 والـ50 في المئة، على كل الملابس النسائية والولادية» يقول سالم صاحب محل تجاري في إحدى القرى الحدودية، مضيفاً «كنا نأمل بحركة فاعلة في هذا الشهر الفضيل، تحرك السوق قليلاً، إلا أن آمالنا خابت فلا حركة ولا بركة، ننتظر الزبون لحظة بلحظة، لجأنا الى الكثير من الإغراءات، فكانت تخفيضات، مقابل كل قطعة هدية، مع كل قطعة قطعة اخرى مجانا، ومقبل الشراء بـ100 الف ليرة، نقدم هدية تساوي ربع هذا المبلغ، لكن من دون جدوى».
«سوق الملابس والأحذية يشهد تراجعاً كبيراً في المنطقة الحدودية»، كما تشير زاهرة العاملة في أحد محال مرجعيون، «لقد انتظر التجار شهر رمضان، لعلهم يعوضون جانبا من خسائر الأشهر الماضية، إلا أن فلسفتهم التسويقية التي ركزت على تحفيز الزبون وإغرائه، لم تنفع، فالوضع الاقتصادي الصعب وعجز المواطن وإفلاسه، عوامل حدت من هذه الفلسفة ولجمتها، فهمّ رب العائلة يبقى أبدا، تأمين لقمة عيشه وعائلته، بدل شراء ملابس وأحذية جديدة».
يمكن وصف أسواق القرى الحدودية، بالعادية في هذه الفترة، في ظل القليل من الزينة، ومنها فانوس رمضاني ضخم، رفعته جمعية الكشاف المسلم مفوضية مرجعيون ـ حاصبيا، عند مدخل ساحة مرجعيون بارتفاع عشرة أمتار وقطر حوالي 8 امتار، والذي أحيط بزينة كهربائية، كدلالة على فرحة العيد، ودون ذلك «يبقى الهم المعيشي السمة التي تحكم المواطن الحدودي»، كما يقول ابو زاهر من كوكبا، والذي يعتبر ان «المناسبات باتت الفرص الرئيسة لكشف الحياة المعيشية الصعبة للمواطن الحدودي، الذي يحار في كيفية تأمين كل ما يلزم لعائلته، فاليد قصيرة حقا، ويصعب علينا دفع بدل ملابس جديدة لكل أفراد العائلة، كذلك هناك استحالة في شراء ألعاب العيد وباقي مصاريفه المتعددة، ليبقى الهم الأكبر محصوراً في تأمين الضروري من مأكل ومشرب، والقليل من ألعاب الأطفال الرخيصة».
يشير سالم حنا إلى الكساد الذي يطاول كل شيء في المنطقة الحدودية، المواسم الزراعية ضربت خصوصاً الزيتون، تراجع القدرة الإنتاجية عند المواطن، البطالة، كلها عوامل قلصت من الحركة الاقتصادية، وانعكاسها سلباً على القدرة الشرائية لدى مختلف الفئات، فحالة الركود هذه لم تستثن أحدا، بمن فيهم التجار صغاراً كانوا أم كباراً، من بائعي الألبسة والحلويات والمواد الغذائية، وصولاً إلى أصحاب المؤسسات الصناعية والتجارية المتوسطة».
وكان لا يكفي ما يعانيه المواطن الحدودي من ضغوط اقتصادية، فجاء طرد عشرات المغتربين من دول الخليج، ليشكل صدمة جديدة، بحيث حرمت عشرات العائلات وربما المئات من أموال المغتربين، كما تقول فاطمة زوجة أحد الذين طردوا من إحدى دول الخليج خلال الأشهر القليلة الماضية، «اننا نمر في ظروف صعبة، بخاصة في هذا الشهر الفضيل، لكن نسعى بكل جهد لتجاوز مصاعبنا المادية، يبقى الأمل ضعيفاً لكن تشبثنا بالحياة يجعلنا أقوياء في وجه كل الصعوبات مهما كانت».
يستغرب جورج صاحب محل حلويات في كوكبا، انخفاض الطلب على منتجاته، على عكس ما كان يتوقع، من هجمة غير عادية للزبائن في هذا الشهر، «تفاجأنا بهذا الركود الحاصل، حيث البيع عادي جدا».
تقف سامرة حمدان مع طفليها حائرة أمام محل لبيع ألبسة الأطفال، حيث بدأت باستشراف الأسعار ومقارنتها مع قدرتها الشرائية، لتأمين ملابس العيد لولديها، بالرغم من بعض الإغراءات التي يعتمدها التجار لهذه المناسبة، «إلا أن الأسعار ما زالت مرتفعة، وتحول دون تأمين ما نرغب»، لذا تقول «سأستعيض عن ذلك بشراء قطعة ثياب واحدة لكل ولد كي لا نحرمه فرحة العيد»، وتسأل: «الى متى سيبقى الوضع الاقتصادي على هذا النحو؟».
تجار الفاكهة والخضار عملوا على رفع العديد من معروضاتهم وبنسبة وصلت إلى ما بين 10 و15 في المئة، مع أول أيام الشهر الفضيل، كما يقول حامد من ابل السقي، والحجة بذلك حسب أحد التجار، وقف الاستيراد من سوريا لمصلحة الإنتاج المحلي، ويقول «المستهلك أبدا هو الخاسر، والتاجر المفلس لا يرحم المواطن العادي، ولذا فالتوجه يبقى لدى الأكثرية الساحقة الى الأسواق الشعبية بحثاً عن الأقل كلفة والأرخص».
تعليقات: