يدهش القطاع العقاري في لبنان المتابعين والخبراء، فهو ورغم التوقعات بإنهياره لا يزال صامداً في وجه الجمود المسيطر على القطاع بسبب الأوضاع القائمة في لبنان والمنطقة.
لكن ما هو سرّ صمود القطاع، الذي يؤكد العارفون أن اسعاره بقيت محافظة على ثباتها رغم الجمود الحاصل. هذا الصمود أو عدم الانهيار، كما يحلو للخبير الاقتصادي لويس حبيقة أن يسمّيه، مردّه وفق ما يقول الى أن العارضين يستطيعون تحمّل الأوضاع القاهرة لأن غالبيتهم غير مقترضين من المصارف، وتالياً فإنه ليس من ضغوط تجبرهم على التنازل للشارين عبر خفض أسعارهم بنسب مرتفعة. واذا كان المطوّرون يصرّون على أن الاسعار لم تنخفض في ما عدا بعض الحالات النادرة، يؤكد حبيقة أن الاسعار انخفضت على الأقل 20% في كل المشاريع المعروضة ومن المرجح أن يكون المطوّرون لا يعكسون الحقيقة بغية بثّ الحماسة في نفوس الشارين الذين يتريثون في عملية الشراء طمعاً بإنخفاض اضافي.
وفيما يأسف لعدم وجود احصاءات جديدة وشفافة تعكس حقيقة معدل اسعار البيع والايجار، برز التقرير الذي أصدرته دائرة البحوث في شركة "رامكو للاستشارات العقارية" الذي حصلت عليه "النهار". ويشير التقرير الى أن الأسعار انخفضت بين عامي 2015 و2016 في نحو نصف مناطق العاصمة (52%)، فيما ارتفعت الأسعار في 41% من الحالات، واستقرت في 6% من المناطق، مستندة في دراستها الى 348 مشروعاً قيد الانشاء في كل بيروت الادارية. وفيما بلغ معدل أسعار الطوابق الأولى (قيد الانشاء) في مختلف المناطق في بيروت بين 2,148 و8,500 دولار للمتر المربع، يشير المدير العام لـشركة "رامكو" رجا مكارم الى أن الاسعار التي يوردها التقرير هي الأسعار التي يعلنها المطوّرون قبل أي تخفيضات أو مفاوضات، مؤكداً لـ"النهار" أن بعض المطوّرين يجرون حسومات لا يستهان بها اذا كانوا مضطرين الى ذلك، على أن يعودوا الى الأسعار التي وضعوها لعقاراتهم في اليوم التالي. ويؤكد أن الاسعار انخفضت عموماً بنسبة لا تتعدى الـ 1.3%، وفي حالات خاصة يجري المطوّرون حسومات تصل الى 25%.
ووفق خريطة الأسعار التي أصدرتها "رامكو" للشقق الجديدة، تصدّرت مناطق وسط بيروت (Solidere) المطلّة على البحر والواجهة البحرية من عين المريسة الى الرملة البيضاء المناطق الأغلى في بيروت. وراوحت معدلات الأسعار بين 5,430 دولاراً و8,500 دولار للمتر المربع في الطوابق الأولى. وتربعت على عرش الأسعار المشاريع في منطقة المنارة المطلة على البحر والساحل الكسرواني. وكما في العام 2015، لم يعد يوجد في بيروت أي مشروع يبيع بأقل من الفي دولار للمتر. وتتركز المشاريع الأرخص في مناطق بيروت الوسطيّة كالبسطة والروّاس والنويري ومحيط الجامعة العربية، فتعرض فيها أسعار أقل من 2,200 دولار للمتر المربع. وفي شرق العاصمة ثمة 3 مناطق تعرض فيها شقق معدل أسعارها تحت الـ 2,600 دولار للمتر وهي: الكرنتينا، حي السريان والبدوي.
ورغم ما يشاع عن تراجع أسعار الشقق، يرفض رئيس جمعية منشئي وتجار الابنية ايلي صوما الاعتراف بذلك، معوّلاً على الأمل الذي يعيشه المطورون والكفيل برأيه ببقاء السوق العقارية صامدة. والى الامل الذي يتحدث عنه صوما، وضع منشئو الأبنية خطة تضمن عدم انهيار السوق كما حصل في دول أخرى وضعها مشابه للوضع في لبنان. وتقضي هذه الخطة بتقنين بناء مشاريع جديدة وتقليص مساحات الشقق والتسويق لها في الاسواق الخارجية. فهل ساعدت هذه الخطة في تحريك جمود السوق العقارية؟، وهل عاد الخليجيون الى احياء هذه السوق؟. يؤكد مكارم أن الخليجيين لم يعودوا لاعبين أساسيين في السوق اللبنانية منذ 10 أعوام تقريباً.
فهؤلاء، ونظراً الى الظروف السياسية انتقلوا من حال شراء العقارات في لبنان الى حال البيع، ولكن المشكلة انهم لا يستطيعون بيعها نظراً الى الأوضاع الاقتصادية التي يعانيها لبنان. وفيما يؤكد أن المطوّر الذي يتعرض لضائقة يجري حسومات لبيع شقة ليعود ويصمد سنة أو سنتين على أمل أن يتغيّر المشهد بعد فترة، لا يتخوّف مكارم من انهيار القطاع، "نحن بخير، ووضعنا يمكن وضعه في خانة الايجابية وليس السلبية".
وتفاؤله ينطلق من عمليات الشراء العقارية التي تمّت في الشهر الماضي، "وفي حال تحسّنت الاوضاع السياسية وتم انتخاب رئيس للجمهورية فإن المشهد سيتغيّر بالتأكيد".
في المقابل يصرّ صوما على أن السوق العقارية لا تزال بخير بفضل القروض المدعومة من مصرف لبنان والتي تحرّك عمليات الشراء من ذوي الدخل المحدود الذي يقبلون على شراء الشقق بمساحات لا تتعدى الـ 100 متر، وهو ما أخذه المطوّرون في الاعتبار إذ بدأوا يستعيضون عن بناء شقق بمساحات كبيرة بمساحات تجذب هذه الشريحة من الزبائن. وهذه القروض توفّر شراء نحو 9 آلاف شقة سنوياً فيما يساهم المغتربون بشراء نحو 1000 شقة سنوياً بعدما كانوا يساهمون بنحو 4 آلاف شقة سنوياً.
المعارض العقارية في الخارج... لا تفي
ولتحريك السوق العقارية يعمد منشئو الأبنية الى الاشتراك في معارض عقارية، وكان آخرها في اوستراليا التي باعوا فيها نحو 100 شقة للبنانيين فيها، وكذلك السعودية. إلاّ أن بيدر المطورين لم يطابق حسابات سوق السعودية، إذ أن المعرض لم يكن وفق التطلعات التي كان يصبو اليها منشئو الابنية الذين عادوا خالي الوفاض منها بعدما بدا أنها لا تزال على موقفها من لبنان. وهذا الوضع ينسحب على السوق المحلية، إذ يوكد صوما أن بعض السعوديين باعوا شققهم في لبنان، فيما يترقب البعض الآخر الأوضاع لإتخاذ القرار المناسب.
Ppp
موضوع ذات صلة: "مشروع الياسمينا.. شقق سكنية جديدة جاهزة للسكن في بيروت بأسعار مغرية"
موضوع ذات صلة: "مشروع الدوحة هايتس في دوحة الحص.. شقق سكنية تجمع بين الفخامة والراحة"
خريطة الأسعار التي أصدرتها شركة رامكو
تعليقات: