تعرض زيتها المخزّن في البراميل (طارق ابو حمدان)
حاصبيا -
أمل مزارعو الزيتون في حاصبيا خيراً، من قرار وزير الزراعة القاضي بمنع استيراد الخضار والفاكهة والمنتجات الزراعية من سوريا، لعل ذلك يحمي إنتاجهم من الزيت، ويمكّنهم من تصريف زيت العام الماضي المكدس في الخوابي، وزيت الموسم الجديد والذي بات على الأبواب، لأنه المصدر الأساسي الذي تعتاش منه نسبة كبيرة من أبناء المنطقة تتجاوز حدود الـ85 في المئة.
مزارعو زيتون حاصبيا والعرقوب، كما يؤكد العديد منهم، لم يتمكنوا حتى اليوم، من تصريف كامل إنتاجهم من الزيت بعد، حيث لا تزال كميات كبيرة من موسم العام الماضي تصل الى حدود الـ17000 صفيحة من الزيت البكر، مكدسة في الخوابي والبراميل، أو في مستوعبات خاصة، محجوبة عن أشعة الشمس للحفاظ على جودتها. ويعتبر المزارعون أن هذا الكساد الحاصل، تسببه المنافسة غير الشرعية للزيوت المستوردة من الخارج الى الأسواق اللبنانية، وأكثرها يأتي من سوريا وتونس، وبأسعار متدنية تصل الى 65 في المئة من سعر صفيحة الزيت اللبناني، تجعل المستهلك يلجأ لتسوقها طلبا للتوفير في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يمر بها.
مشكلة كساد زيت الزيتون المتمثلة بصعوبة تصريفه، كانت محط اهتمام المزارعين، ناهيك عن رؤساء التعاونيات الزراعية وأصحاب المعاصر، الذين وضعوا تصريف الزيت في مقدمة اهتماماتهم، علهم يتمكنون من ذلك مع مطلع الموسم القادم، محددين توجهات عدة يمكن سلوكها، لعلها تساهم في إنقاذ زيتهم من الهلاك، كما يقول نائب رئيس الجمعية التعاونية الزراعية والزراعات البعلية والزيتون في حاصبيا ومحيطها نهاد ابو حمدان، والذي يعتبر الكساد الحاصل للزيت، ضربة قاتلة لهذه الزراعة وللعاملين فيها، بحيث لم يتمكن المزارعون من تصريف أكثر من ثلثي إنتاجهم تقريباً، لتبقى كميات كبيرة من الزيت البكر مكدسة في الخوابي والبراميل يهددها التلف، في ظل الأوضاع السياسية غير المستقرة والاقتصادية الضاغطة التي تتحكم بالبلد.
ويرى أن «الخوف لدى المزارع اليوم من أن تنعكس الأوضاع الأمنية غير المستقرة والمناكفات السياسية على عملية تصريف الإنتاج، فلا تجار ولا من يسأل عن الزيت»، سائلاً: «ما ذنب المزارع في كل ما يحصل ليكون الضحية دوماً، فيخسر إنتاجه مورد رزقه الوحيد الذي يعتاش منه في منطقتنا نسبة مرتفعة من السكان؟». ويؤكد أن المزارع لم يعد بمقدوره دفع المتوجب عليه من رسوم وأجرة قطف الزيتون وحتى الحراثة والتقليم ومكافحة الأمراض بخاصة عين الطاووس، ما سيؤدي الى يباس البساتين، وعندها ستكون المشكلة مضاعفة. ويشدد على ضرورة أن تعمد الدولة وبخاصة الهيئة العليا للإغاثة الى تجديد قرار استيعاب الزيت، لمصلحة المؤسسات العامة وبخاصة الجيش اللبناني كما كان يحصل منذ عشر سنوات، إضافة الى التشدد في قرار منع استيراد الخضار والفاكهة عبر الحدود مع سوريا.
واستغرب المزارع ابو جورج حنا صليبا «تجاهل المسؤولين هموم هذه المنطقة، والتي لم تتأخر يوما في سداد الضرائب والرسوم المتوجبة عليها حتى في أحلك الظروف، وكأنها اليوم وفي هذا الإهمال المتصاعد يراد لها ان تكفر بهذا الوطن، وبقادته الذين أداروا ظهورهم لحاجيات أبنائه ومتطلباتهم»، مشيراً الى أن «كميات كبيرة من الزيت البكر لا تزال مكدسة في المنازل وفي خزانات المعاصر، ومثل هذا الواقع يطاول مئات المزارعين، ونحن في هذه المنطقة نفخر بنوعية زيتنا والذي أثبتت الفحوصات المخبرية وشهادات أصحاب الخبرة أنه من أجود الزيوت في العالم، لكن للأسف كل ذلك لم يشفع بنا ولم تعمل الدولة على مساعدتنا في تصريفه».
الجدير ذكره أن عدد أشجار الزيتون في هذه المنطقة تجاوز حدود المليون ونصف مليون شجرة، بينها 70 ألف غرسة خلال العامين الماضيين، موزعة على 50 الف دونم من الأراضي البعلية، وهناك حوالي 250 الف شجرة معمرة، إنتاجها من الزيت السنوي حوالي الـ150000 صفيحة سنة الحمل والـ50000 صفيحة سنة المحل، وذلك وفق إحصاء الجمعيات التعاونية الزراعية في المنطقة. ويوضح الإحصاء أن ما نسبته 60 في المئة من إنتاج الزيت الحاصباني، يصرف في السوق المحلية اللبنانية، إلا أن هذه النسبة انخفضت إلى حوالي 45 في المئة خلال السنوات الأربع الماضية، كما حددت هذه الدراسة كلفة صفيحة الزيت بحدود الـ100 الف ليرة، وذلك بسبب ارتفاع أجرة ساعة الحراثة الى حدود الـ30 دولارا وأجرة عامل القطف الى 25 دولارا، وعامل التقليم الى حدود الـ40 دولارا، كل هذه العوامل التي تضاف الى ثمن الأدوية ومصاريف اخرى، أدت الى ارتفاع سعر كلغ الزيتون الحاصباني الى 3 دولارات وصـفيحة الزيت الى حدود الـ150 دولارا.
براميل زيت مكدسة تنتظر طريقاً للتصريف (طارق ابو حمدان)
تعليقات: