من الذكرى الثانية لاغتيال الرئيس الحريري
• درغام يكسر أكبر رأس في 10 دقائق والبرجاوي سيدافع ضد «الغرباء»
يتخوف البيارتة من احتمال اندلاع مشاكل مذهبية في أحياء مدينتهم، وتتجه العيون خصوصاً صوب منطقة طريق الجديدة حيث ترجح مصادر مطلعة أن تثار أعمال عنف فيها تستخدم خلالها «بنادق مستأجرة» تجعل المواجهة سنيّة ــ سنيّة، خلافاً لما كان يشاع
تحذِّر معظم سناريوات «فوضى الفراغ الرئاسي الأمنية» من مشاكل كبيرة في منطقة الطريق الجديدة بصفتها «عاصمة» تيار المستقبل في بيروت، وخزانه الشعبي في عروض القوة. وتعيش هذه المنطقة ذات الكثافة السكانية وطغيان اللون المذهبي الواحد، استنفاراً كبيراً منذ حوادث الجامعة العربية. ولا يتردد الأهالي في الجهر باستعدادهم لملاقاة كل من يحاول المس بـ «وحدة المنطقة الحريرية» سواء من أهل البيت أو من خارجه. ويبدي الناس في «منطقة عبد الناصر» ثقة كبيرة بقيادة تيار المستقبل، «التي ستحسن الدفاع عن منطقتهم». وفي سياق مواز لتذمر الناس من أداء حزب الله بعد اغتيال الحريري ومحاولة قائد الحزب أداء دور الوصي السوري في تحديد حرام السياسة وحلالها، إضافة إلى تخوفهم من دور عسكري للحزب في منطقتهم، يبرز نزوح معظم العائلات الشيعية (عددها قرابة 80) بعدما ضاقت بالاستفزازات المضاعفة منذ حوادث الجامعة العربية.
ولكن عن أية معارك يتحدث المتابعون في أحياء تبدو من لون سياسي واحد؟ سؤال يجده منطقياً أحد قادة تيار المستقبل في بيروت، الذي يعود ليرجح احتمالات المواجهة. ويقول شارحاً: «أولاً، قد يعمد خصوم المستقبل إلى تفجير الوضع من الداخل، عبر بعض المرتزقة، لكن المستقبل قادر على احتواء هذا الاحتمال خلال ساعات.
ثانياً، تراهن المعارضة على حركة انقلابية يقوم بها أحد التنظيمات الناصرية في المنطقة لقلب الأوضاع والسيطرة على خزان المستقبل الشعبي». لكن خطوط اتصال مهمة فتحت أخيراً مع قائد هذا التنظيم الذي جزم أن سلاح أنصاره يهدف إلى الدفاع عن المنطقة لا العكس.
ثالثاً، يقول المسؤول في المستقبل، المعين حديثاً، إن المعارضة قد تلجأ في سياق المواجهة العامة، إلى اثارة فتنة شيعيّة ـــــ سنيّة، وتحاول اقتحام المنطقة. وهنا، يتابع المسؤول نفسه: «نثق بقدرة أهلنا في الطريق الجديدة على التصدي لعملية كهذه وتكبيد المهاجمين خسائر كبيرة». أما العامل الفلسطيني، في ظل الوجود الفلسطيني الكثيف في المنطقة، فغير مؤثر بحسب المسؤول نفسه، ولا سيما أن معظم الموجودين موالون لحركة «فتح»، المتحالفة سياسياً مع تيار المستقبل.
وبالعودة إلى الناس، يؤكد بعضهم أن وصول الأمور إلى هذا المستوى احتمال ضئيل جداً، مبدين ثقتهم بموافقة الجميع في الدقيقة الأخيرة على تسوية ما. ويقول آخرون إن ذهاب الأمور صوب المواجهة سيكبد الجميع من دون استثناء خسائر فادحة. ويوضح أحد مخاتير المنطقة أن الخريطة السياسية ـــــ العسكرية في الـ T j تتوزع بين تيار المستقبل (أكثر من 65%)، الجماعة الإسلامية، الأحباش، «المرابطون» المؤيدين للمستقبل، «المرابطون» المعارضين، التنظيمات الناصرية الصغيرة، وأخيراً خلايا سلفية تابعة بمعظمها لرئيس جبهة العمل الإسلامي فتحي يكن. ويقول أحد باعة القهوة قبالة الجامعة العربية إن هذه المنطقة رفدت خلال الحروب اللبنانية «القوى الوطنية» بآلاف المناضلين الذين كانوا الأبرز على جبهات القتال، وخصوصاً في بيروت لمعرفتهم الجيدة بالأحياء، مشيراً إلى أن بعض هؤلاء المقاتلين لا يزال صالحاً للخدمة، وقد تسابقت التنظيمات في المنطقة على استقطابه بمعاشات تخطى بعضها ألف دولار، مشيراً إلى عدم تلقي شبان المنطقة تدريبات لاقتحام مناطق أخرى، لكنهم باتوا يعلمون حتماً كيف يدافعون عن «الطريق الجديدة» ويلقنون كل من يحاول اقتحامها أو حصارها دروساً لا تنسى. ويقول إن الإطباق على هذه المنطقة من معظم الجهات وحصار أهلها لن يكون ممكناً، لأن بناياتها تعلو فوق الجوار، ويمكن رصاص القناصة أن يفتح المعابر التي تصل عاصمة المستقبل بمختلف أحياء العاصمة.
وفيما يتجنب مسؤولو تيار المستقبل في المنطقة التعليق على الموضوع، أو الكشف عن أية تفاصيل تتعلق بالتدريب أو التسليح أو خطط الطوارئ الأمنية، يقول متابعون موثوق بهم إن المستقبل «سيلعب لعبة حزب الله، ويتجنب الدخول العلني في المواجهات، تاركاً لتنظيمات حليفة له خوض المعركة بعتاده هو وعديده».
وفي هذا السياق، يبرز دور مجموعة المرابطون التي يرأسها السيد محمد درغام الذي يوضح أن المرابطون لن يقفوا مكتوفين أمام محاولة فرسنة بيروت». ويشير درغام إلى توافر السلاح بكثرة في السوق اللبنانية، والسر، بحسبه، لا يتعلق بكيفية وصوله أو نوعه، بل بسيرة حامله وعلاقته بالسلاح، مؤكداً أن للمرابطون من الهيبة في هذا المجال «ما يكفي لردع المغامرين». ويعد درغام بتحطيم «أكبر راس في الطريق الجديدة بأقل من 10 دقائق»، متحدثاً عن «ضحك كثيرين على حزب الله عبر أخذ ماله الطاهر وسلاحه الشريف والالتحاق بالتنظيمات المناوئة له».
وسط هذا التضارب في استشراف نتائج التعبئة الشعبية التي تجعل كل فرد في الطريق الجديدة ذا دور أمني متقدم على صعيد المراقبة والتدقيق في هوية الغرباء عن المنطقة وأسباب وجودهم فيها، يقول المتابعون إن دور «فهود طريق الجديدة» وسائر التنظيمات الشبابية التي ظهرت حديثاً كان تضليلياً، إذ انهمكت قوى المعارضة بتتبع حركتها ورصد تدريباتها (الرياضية في معظمها)، فيما كان آخرون يعدون العدة الحقيقية للمواجهة تحت ستار الشركات الأمنية التي يشرف عليها في الطريق الجديدة، مسؤول مباشر من تيار المستقبل.
البرجاوي
بالمرصاد
يستعيد رئيس التيار العربي شاكر البرجاوي نضاله الطويل مع مجموعة كبيرة من أبناء الطريق الجديدة للحفاظ على وجه بيروت العربي. ويتوقف طويلاً عند المضايقات التي تعرضوا لها خلال سنوات الوصاية السورية، والتوقيفات التي ذهب هو نفسه ضحيتها أكثر من سبع سنوات بحجج مختلفة. ومن هذه الصور المؤثرة يدخل إلى السجال السياسي والأمني، مؤكداً أن حزبه سيؤدي دور الإطفائي إذا حصلت مواجهة داخل الطريق الجديدة نفسها. أما إذا كانت المعارك بين أبناء المنطقة وآخرين من مناطق أخرى، فيؤكد زعيم التيار العربي الحر بعد تفكير لدقائق أنهم سيكونون حتماً إلى جانب أهلهم في التصدي «للغرباء». ويؤكد البرجاوي أن الطريق الجديدة، بالنسبة إلى تيار المستقبل، خط أحمر. مشيراً إلى أن أهالي المنطقة سيكونون كتلة متماسكة رغم الاختلافات الكبيرة في المواقف السياسية.
تعليقات: