حردان.. والى جانبه قانصو
قرار جريء للمحكمة الحزبية يبطل تعديل المجلس الأعلى
هي مفاجأة تلك التي فجّرتها المحكمة الحزبية العليا في «الحزب السوري القومي الاجتماعي» بقبول الطعن المقدَّم من قبل معارضي تجديد ولاية رئيس الحزب الحالي النائب أسعد حردان.
تطور دراماتيكي للبعض وصحّي للبعض الآخر، جسّده قبول المحكمة الحزبية القومية برئاسة ميشال الحاج، بالإجماع، إلغاء التعديل الدستوري الذي سمح لحردان بتولي رئاسة الحزب للمرة الثالثة على التوالي.
الطعن المقدم من القيادي «القومي» أنطوان خليل (نائب سابق)، وهو عضو في المجلس الأعلى، أبطل مفاعيل الانتخابات الحزبية الاخيرة التي جاءت بحردان الذي لن يتمكن من الترشح مجددا، وسينتظر «القوميون» جلسة الانتخاب المقبلة للرئيس المقررة في الرابعة من بعد ظهر الخامس من شهر آب المقبل.
وبرغم انها ليست سابقة، فقد حصل الأمر نفسه بعد انتخاب رئيسه الأسبق الراحل عبد الله سعادة، الا ان المعارضة تصنّف ذلك في اطار «الإنجاز» في ظل موازين قوى ليس لمصلحتها، بينما تشير اليه القيادة باعتباره «رسالة تدلل على الطابع المؤسساتي المنتظم للحزب القومي».
والحال ان المعارضة قد أثارت مسألة عدم الشرعية الدستورية لترشح حردان مجددا، بعد ولايتين رئاسيتين، مؤكدة ان لجوء المجلس الأعلى في الحزب، الذي يحصل حردان على تعاطف الغالبية من أعضائه (12 عضوا من أصل 17)، الى تعديل دستور الحزب لتمكين حردان من الترشح لولاية ثالثة، غير قانوني، كون المجلس يعد هيئة ناخبة حتى انتخاب رئيس للحزب، ولا صلاحية له لتعديل الدستور.
امتثال قيادة الحزب لقرار المحكمة «بالرغم من الشوائب التي اعترته لا سيما عقد جلساتها خارج مركز الحزب خلافا للنص الدستوري»، حسب بيان المجلس الأعلى، جاء برغم اعتبار المجلس انه كان قد مارس حقه الدستوري سابقا، وتأكيد القيادة ان هذا الامر يعد طبيعيا في ظل التحديات التي يواجهها لبنان والمنطقة «والتي تقتضيها مصلحة الحزب».
وقد لخص بيان لحردان، تلى قرار المحكمة وسبق اجتماع المجلس الأعلى، طبيعة رؤيته للتعديل الدستوري الذي جاء «في ظل ظروف دقيقة وحساسة على كل الصعد، وفي وقت يخوض فيه حزبنا مواجهة كبيرة ضد الارهاب، ويقدم التضحيات والشهداء، ما جعله محل استهداف مباشر».
وذكّر بأنه اعرب عن عدم رغبته في اجراء تعديل دستوري يتيح له تولي رئاسة الحزب لولاية ثالثة، لكنه كان حاسماً في الموقف، لجهة أن المؤسسات الحزبية (مؤسسة المجلس الأعلى) يعود لها وحدها حق التشريع وضمناً تعديل الدستور، مشددا على ان المجلس قرر ذلك استنادا الى الأكثرية الدستورية المطلوبة «وهو انتخاب دستوري، لا يمكن للرئيس رفضه، لأنه مؤمن ومؤتمن على عمل المؤسسات الحزبية».
في كل الأحوال، اعلن المجلس الأعلى انه «والتزاما منه بمفهوم المؤسسات، يعلن التزامه بقرار المحكمة الحزبية». وقد دعا «السوريين القوميين الاجتماعيين في الوطن وعبر الحدود إلى ممارسة أعلى درجات التنبه واليقظة، وإلى الاستمرار في ممارسة دورهم المميّز من خلال التمسك بمؤسسات الحزب كونها حصنهم المنيع». وإذ أشار الى ان حردان سيمارس واجباته ومسؤولياته عضواً منتخباً في المجلس الأعلى، اعلن عن فتح باب الترشيح لتولي مسؤولية رئاسة الحزب.
وقد سادت على اثر هذا التطور أجواء «إيجابية» لدى «القوميين»، برغم ان القيادة لا تعتبر امتثالها لقرار المحكمة تنازلا باتجاه حركة الاعتراض التي قامت بوجه حردان، مشددة على انها خضعت للنظام المؤسساتي. لكن السؤال اليوم يتمثل في «من سيخلف حردان في رئاسة الحزب؟».
يكاد «القوميون» يجمعون على ان لا إمكانية لوصول رئيس على خصومة مع القيادة، وأن حردان، بامتلاكه الأكثرية في المجلس الأعلى، سيكون «صانع» الرئيس المقبل للحزب.
وفي هذا الاطار، يتداول «القوميون» أكثر من اسم للرئاسة، ويرى البعض ان الرئيس السابق علي قانصو هو الأكثر حظاً لقيادة الحزب في المرحلة المقبلة، بينما يشير آخرون الى نائب الرئيس الحالي توفيق مهنا، في الوقت الذي يطرح معارضون اسم عبد الله حيدر، ولا يستبعد آخرون اسم الرئيس الأسبق للحزب جبران عريجي.كشخصية توافقية.
في كل الأحوال، يلتقي القوميون، من الموالين لحردان والمعارضين له، عند أهمية وصول رئيس جديد للحزب يرتقي الى مستوى التحديات الكبرى في المنطقة، وأن يكون قادرا على جمع «القوميين» لا تفريقهم، ولا يتعارض ذلك مع ذهاب معارضين الى المطالبة برئيس يعيد لمّ شمل «القوميين» بأحزابهم المختلفة.
يتباهى «القوميون» برغم خلافاتهم بتلاقيهم حول ثوابت لا تراجع عنها، مثل الانخراط في المعركة في سوريا بوجه الإرهاب، ناهيك عن الصراع الوجودي مع إسرائيل، لذا، فإنه من الواضح ان لا مكان في السياسة للخلاف بين «القوميين»، لا بل ان الخلاف يتخذ طابعا داخليا وإداريا.. ويضيف البعض اليه أبعاداً فكرية وثقافية.
وقد أصدرت المعارضة تحت عنوان «حركة الثامن من تموز»، بيانا أشاد بقرار المحكمة العليا، دعا المجلس الأعلى الى تقديم استقالته، محذرا من «قيام أكثريته بانتخاب رئيس جديد على قاعدة القيادة بواسطة الدمى التي اكتوى الحزب ومؤسساته بنارها».
كما دعا الى «انتخابات جديدة خارج الهيمنة القائمة بدءا بانتخاب أعضاء المجلس القومي وصولا الى انتخاب مجلس أعلى وقيادة جديدة، تعبر عن هذا النبض الذي شهدناه يوم العاشر من تموز رغم كل التهويل والترهيب الذي مورس».
تعليقات: