ظاهرة تستحق الاهتمام، يلفت نظرك اليها البحارة، رغم قناعتنا بأن الظواهر لا تعني مجتمعنا وحكومتنا خاصة، ولا استفدنا منها يوماً من الأيام لذلك فسمك النفاخ الذي ملأ البحر وربما البحار كان حديث الصيادين باهتمام بالغ، لأنه يشكّل خطراً حقيقياً على الأرزاق وعلى الصيادين مستقبلاً، ففي الماضي كان حجمه صغيراً جداً والآن اصبح حجمه كبيراً، وربما في الأعماق اكبر مما نتصور فهو يتراوح بين الكيلوغرام والخمسة عشر كيلو غراماً، فيقطع الشباك ويأكل الأسماك العالقة بها ويمزق النايلون فأسنانه كالمشط، وأحياناً يكسر الصنانير، وينفخ بطنه بالماء فيصبح ثلاثة اضعاف وزنه ليخيف من يريد او يدافع عن نفسه بشراسة، أما لحمه فأبيض طري، وقد طرح في الفراش العشرات من البحارة حتى ان البعض مات والبعض الآخر اصبح "كومة"، وتتجنب اكله القطط والكلاب، ومن الأحاديث انه في اليابان يستخدم بعض من لحمه للمختبرات والبعض الآخر لتقوية الجنس، والبعض الباقي سام ويعيش دوماً في أماكن النفايات، وهذا سبب ظهوره وكثرته في ميناء صور، ويقول البعض انه رُبي في مزارع الكيان الغاصب للتجارب، وبعد ظهور ضرره ترك في البحر، وعادة تسير التيارات المائية من الجنوب الى الشمال لذلك تم توصيله الى لبنان قصداً، وزيادة فالتيارات المائية قذفت في الماضي براميل النفايات المشعة الموجودة عندهم وسمحت لمن أراد رمي البراميل من لبنان لأنها تعرف سلفاً في تموز وهي تعرف انها لن تتجه صوبها أيضاً، وإلا لماذا قصفتها، كما ان حديث البحارة لن يتوقف، وهنا يناشدون المسؤولين بالأمر للاهتمام وألا تكون مناشدتهم صرخة في واد سحيق· " جمال كرشت - صور هل استبدل "ازرع ولا تقطع" بـ"خرّب ولا تسل"؟ "ازرع ولا تقطع"، قول مأثور عظيم، تعلمناه في المدارس وكتبنا عنه مواضيع انشاء كثيرة، وكان الهدف من ذلك غرس حب الشجرة والعمل بجدية على حمايتها، باعتبارها ثروة وطنية هائلة تُغني لبنان بالإخضرار والجمال، فضلاً عن أشياء كثيرة، وتساهم في تنمية الاقتصاد· وتالياً تُحل مشاكل المواطنين وتسعدهم· هذا القول الذي يجب ان يبقى من الأمور المقدسة في نفوس ابناء شعبنا، هل استبدل في ظل ما يشهده البلد من فوضى وفلتان وتسيب، بقول خطير مدمر قاتل "اقطع واحرق وخرّب ولا تسل"؟· ومن هنا تتكرر مجازر الحرائق، وما ينتج عنها من معاناة كبيرة، بل مأساة شديدة، تدمي القلوب التي تعتصرها مشاهد النيران، وهي تأكل الأخضر واليابس، وتهدد العمران وحياة الانسان والحيوان؟ لبنان بلد سياحي، يستفيد من روعة بيئته الطبيعية، التي ذاع صيتها في جميع اصقاع المعمورة، وقصده السياح بالملايين للتمتع بمناظره الخلابة التي تسحر العقول وتأسر الألباب، وهو ما كتب عنه وتغنى به شعراء وكتّاب عالميون· هذا الوطن العظيم الجريح النازف، الذي يواجه أخطر المؤامرات، الا تستحق غاباته وأحراجه وبساتينه وجنائنه وقفة شجاعة حكيمة من الدولة وجميع الهيئات المعنية للتصدي لهذه الهجمة الشرسة البربرية الوحشية الهمجية على اشجاره المعطاءة والمثمرة، التي تشكل على امتداد الوطن لوحات بديعة قل نظيرها؟· "
تعليقات: