اللفتنانت آغوس نجل الرئيس الأندونيسي سوسيلو بامبانغ يودهيونو
مرجعيون :
مع انتهاء مهمة الكتيبة الأندونيسية الأولى في إطار قوة حفظ السلام الدولية «اليونيفيل» المعززة في الجنوب اللبناني، ووصول طلائع الكتيبة الجديدة، أعرب نجل الرئيس الأندونيسي سوسيلو بامبانغ يودهيونو، اللفتنانت آغوس هاريموكي يودهيونو، عن اعتزازه بمشاركة بلاده في قوة «اليونيفيل» في لبنان، مبدياً تفاؤله بإحلال السلام في ربوعه وتحسن أوضاعه الإقتصادية، لافتاً إلى أن «لبنان بلد جميل جداً وشعبه طيب ومضياف»، وهو يحمل معه تذكارا هو عبارة عن «أركيلة» لبنانية.
المظلي الشاب يخدم بصفة ضابط في كتيبة بلاده، تحدث باللغة الإنكليزية التي يجيدها، وهو يستعد للمغادرة عائداً إلى بلاده، في أول دفعة لكتيبته العاملة في عداد قوة الأمم المتحدة في الجنوب «اليونيفيل» المعززة، التي يبلغ تعدادها 850 رجلاً. لا يعرف بعض جنود الكتيبة ان آغوس هو ابن رئيس جمهورية بلادهم، نظراً لتواضعه وانهماكه في وظيفته كضابط مسؤول. وهو بدوره لا يحبذ استغلال مكانته ليتعالى على رفاقه وعلى اصدقائه. قال بحياءٍ وتواضع، «أحب أن أرى الناس عن قرب وليس من فوق؛ أسمعهم يتحدثون عني، لكن أحاول أن أكون فرداً عادياً، وضابطاً كغيري من الضباط، بغضّ النظر عن حقيقتي كابن رئيس الجمهورية».
اللفتنانت آغوس متزوج منذ نحو سنتين، من أنيسة كشارتي يوهان، بعد علاقة حب دامت أربع سنوات، لم يرزق منها بعد بأولاد، وتقيم حالياً في مساكن خاصة بضباط الجيش الأندونيسي في جاكرتا، وليس في القصر الرئاسي. وهي تعمل عارضة أزياء ومواد التجميل. آغوس الذي لاحظ استغرابنا، أوضح لنا الموقف، «صحيح أننا اكبر بلد مسلم في العالم، لكن ليس هناك من تزمت أو تفلت حيال الحياة الإجتماعية والشخصية للمواطنين، فنحن نعيش في بلدٍ يتمتع بفسحة كبيرة من الإنفتاح والحريات التي يكفلها الدستور، بعيداً عن أي ضغوط أو مضايقات».
آغوس، المتفوق في دراسته، يجيد اللغة الإنكليزية، إضافة الى لغة العرق الذي ينتمي اليه الـ«جافانيس»، من أصل 250 عرقا موجودا في اندونيسيا، هو في التاسعة والعشرين من عمره، دخل المدرسة الحربية بصفة تلميذ ضابط في العام ,1997 وتخرج في العام 2000 ضابطاً في سلاح المشاة، انتقل بعدها إلى فرقة المظليين في الجيش الأندونيسي، اعتباراً من العام 2001 بعدما نال ميدالية لتفوقه في فرقته، خلال تدريبات عسكرية أظهر فيها جدارة عملانية ومناقبية عسكرية عالية. هو ضابط غرفة العمليات في الكتيبة الأندونيسية الأولى، المرابطة في عدشيت القصير في القطاع الشرقي من المنطقة الحدودية. وهو مسؤول عن تنظيم دوريات حفظ الأمن، في إطار المهام الموكلة إلى كتيبة بلاده من قبل الأمم المتحدة لتطبيق القرار ,1701 والإشراف على التمارين والتدريبات العسكرية اللازمة لجهوزية أفراد الكتيبة، إضافة إلى ذلك، فهو معني بعقد اللقاءات والتعارف مع أهالي القرى والبلدات الحدودية في مناطق عمل الكتيبة، والإشراف على تنظيم النشاطات الإجتماعية مع السكان المحليين.
اعتبر آغوس في حديثه لـ«السفير»، في مقر الكتيبة الأندونيسية في سهل عدشيت القصير، أن مهمة حفظ السلام في الجنوب اللبناني، هي على قدرٍ كبير من الأهمية بالنسبة إليه، «ومجيئي إلى هنا، هو للإطلاع على طبيعة المشاكل التي يعانيها السكان، للقيام بالخدمات اللازمة، لأنني بطبيعتي أحب مساعدة الناس».
عن مدى اطلاعه على الوضع اللبناني بشكلٍ عام، والجنوبي بشكلٍ خاص، وهل من تعاطٍ مع القوى السياسية في المنطقة أجاب: «اطلعت قبل مجيئي على تفاصيل الأزمة اللبنانية، لكن وجودي هنا أفادني كثيرا، لجهة تصويب معلوماتي، عبر الإطلاع عن كثب على الوضع؛ قبلاً، كنا نعتقد أن المشكلة في لبنان طائفية، وهنا أدركت أنها بين لبنان وإسرائيل، هي قضية أرض ووجود وانتماء. كما لمست أيضاً، أن المشكلة الكبرى في لبنان، تكمن في التدخلات الخارجية».
وأردف، «ما دمنا نعمل تحت سقف القرار ,1701 نعتبر أنفسنا حياديين، ولا يحق لنا التعاطي مع الأحزاب، أو إبداء الرأي في أي مسألة سياسية، وبالتالي فإن مهمتنا، في جانب كبيرٍ منها إنسانية، وعلى هذا الأساس نتعاطى هنا فقط مع المواطنين اللبنانيين، من مسؤولين ورؤساء بلديات ومخاتير ورجال دين في إطار تقديم المساعدة وتأمين الخدمات».
وتابع: «نحن قريبون جداً من السكان، منذ بداية مهمتنا في الجنوب اللبناني وحتى الآن، وآمل ان تبقى كذلك الى ما لا نهاية. نحن نقوم بنشاطات عدة في القرى والبلدات الواقعة في أماكن انتشارنا بهدف التقرب من الأهالي. احتكاكنا وتفاعلنا معهم يتخطى التحيات والسلامات، ونحن نمتن وننشط العلاقة لتأدية المهمة الموكلة إلينا وتثبيت الاستقرار، من خلال تقديم الخدمات الطبية، وإقامة دورات لتعلم اللغة الإنكليزية، والتدرب على الكومبيتر، وكان آخرها «السيارة الذكية»، وهي عبارة عن سيارة مجهزة بكتب للمطالعة، وأجهزة كومبيوتر للتعلم وبرامج الألعاب، وخصوصا للاطفال من خلال النشاطات الثقافية والترفيهية لرسم البسمة على وجوههم».
عن افادته من «التجربة اللبنانية» قال: «الإنصهار في بوتقة واحدة من أجل هدف سامٍ، هو إحلال السلام في بلد معذب، والإنفتاح على مجتمعات أخرى، والتعرف إلى ثقافاتها، تراثها، العادات والتقاليد، فضلاً عن الإطلاع بعمق على الوضع في لبنان. كذلك ارتبطت بعلاقات صداقة متينة مع زملاء لي في الجيش اللبناني، وفي مختلف وحدات القوات الدولية العاملة ضمن «اليونيفيل»، وتعرفت إلى ثقافاتهم وعاداتهم وتقاليدهم. ولبنان بلد جميل بطبيعته الخلابة المدهشة، وفصوله الأربعة المتنوعة، لا سيما فصل الربيع، بينما يقتصر مناخ الطبيعة في اندونيسيا على فصلين، طقسٌ ماطر وحرٌ لاهب».
اضاف: «أحببت لبنان وشعرت هنا كأنني في بلدي؛ فلبنان بلد جميل جداً، شعبه طيب ومضياف، سيبقى أبداً في قلبي ووجداني ما حييت؛ هذا كلام نابع من القلب وليس مجاملة، وذلك من خلال حفاوة الاستقبالات التي نلقاها، وحسن الضيافة اللبنانية التي تطالعنا، والتي تشبه كثيراً عاداتنا وتقاليدنا في أندونيسيا، وكلي أمل أن يشعر اللبنانيون كما نشعر نحن، بأننا عائلة واحدة، متمنياً أن تتوطد هذه العلاقة وتتواصل في المستقبل، وأن يحل السلام ويترسخ الاستقرار في لبنان، بحيث يعود كل فرد لمزاولة عمله المعتاد بحرية دونما خوف أو قلق، وأن تتحسن أوضاعه الإقتصادية، سيما وأن لبنان بلد جميل ومصنف سياحياً، ليس فقط لأهله، بل لكل العالم. وأتمنى ان اعود يوماً لزيارتكم كصديق، وكسائح برفقة زوجتي لمشاهدة آثار بعلبك، التي لم يتسن لي زيارتها، والأماكن الجميلة الأخرى في لبنان، وليس في مهمة عسكرية». وتمنى للبنانيين «الشعور بالأمان والإستقرار في أرضهم، ليتمكنوا من مزاولة أعمالهم دونما خوف من الآتي أو قلق على المستقبل». واردف: كل شيء جميل ورائع سيذكرني بلبنان، ولو طُلب إليِّ تجديد المهمة، أبقى هنا من دون تردد. أما ماذا أحمل معي كتذكار من لبنان، فإني حرصت على اقتناء «أركيلة» وضعتها بعناية في حقيبتي، بعدما تعرفت إليها هنا، ووجدتها مسلية واعتدت عليها».
إشارة إلى أن أندونيسيا التي يعني اسمها «جزر الهند»، تبلغ مساحتها 919.317 كلم,2 وتتألف من ألوف الجزر بين كبيرة وصغيرة، المسكون منها 6044 جزيرة، ويبلغ تعداد سكانها بحسب إحصاء العام ,1995 نحو 280.000 مليون نسمة تقريباً، لغاتهم متعددة، وأكثرها انتشاراً اللغة الملاوية، وتكتب بالأحرف اللاتينية، لكن تعلم حفظ القرآن يتم باللغة العربية، وأوسع الأديان انتشاراً فيها هو الدين الإسلامي، الذي انتشر عن طريق التجار المسلمين، من الهند واليمن وحضرموت، حيث كانوا يقيمون في الجزر الأندونيسية فترات طويلة ويتزوجون بنسائها، ويختلطون بسكانها الذين تأثروا بالعقيدة الإسلامية.
تعليقات: