يعاين صفائح زيت كاسدة (طارق ابو حمدان)
يقف مزارعو الزيتون في المنطقة الحدودية الجنوبية عند مفترق طرق. تغلب عليهم الحيرة. زيت العام الماضي لا يزال مكدسا في الأقبية، والموسم الحالي على الأبواب، ما يهدد رزقهم إما بالتلف أو الكساد، أما الحلول فشبه معدومة في ظل صعوبة التصريف حتى وإن كان بأسعار دون الكلفة.
يشير عدد من المزارعين إلى أن التحضيرات لموسم العام جارية على قدم وساق، أما الهاجس فهو محاولة تخفيض الكلفة قدر الإمكان التي ارتفعت في الأعوام الأخيرة ارتفاعا ملحوظا. ومن التوجهات هو إلى طرق أبواب الجمعيات الزراعية التي بات معظمها يمتلك آلات اتوماتيكية تعمل على ضغط الهواء لقطف الزيتون، وبقدرة عمل كبيرة إذ تعادل كل ساعة عمل للآلة يوم عمل كاملا للعامل. ومن الأمور التي ابتكرها المزارعون أيضا الأقمشة التي توضع تحت أشجار الزيتون لتسهيل جمع الحبوب المتساقطة، إذ إنه أصبح لجفت الزيتون الذي كان يرمى في الحقول، بدلات مالية، خصوصا بعد استخدامه بالعديد من الصناعات فيؤمن بذلك عائدات مادية تسد للمزارع بعضا من تكاليف الإنتاج.
بهذه الوسائل يحاول المزارعون التخفيف من أعبائهم المالية، لكن ذلك لا يمكنه حل مشكلة التصريف التي تفاقمت مع ازدياد نسبة الزيت المستوردة إلى لبنان والذي يباع بـ100 ألف ليرة للصفيحة، فيما كلفة صفيحة الزيت المحلية 130 ألفا، بحسب ما يوضح المزارع فؤاد زويهد الذي يقول إن ذلك يشكل ضربة قاتلة لهذه الزراعة وللعاملين فيها، ما دفع المزارعين إلى التفكير بالتخلي عن هذه الزراعة التي يعتاش منها بحدود الـ90 في المئة من أبنائها.
وإذ تتحسّر المواطنة عليا الحمد للكساد الحاصل. تقول: «بت غير قادرة على بيع صفيحة زيت من أصل 20 صفيحة في منزلي، وذلك لتسديد رسوم المدرسة لطفلي». تشير سلمى القلعاني الى «أن ثلث موسم العام الماضي لا يزال في الخوابي، واذا استمر الوضع على هذا المنوال فسنعجز عن استيعاب الموسم القادم لأنه ليس لدينا أوعية إضافية».
بدوره، يشير صالح الحسن إلى أن العديد من المزارعين لجأوا إلى اقتلاع الأشجار المعمرة وبيعها بألف الى ألفي دولارا للشجرة ليتمكنوا من دفع جزء من المستحقات المتوجبة عليهم، مقدّرا عدد الأشجار المقتلعة بحدود الـ200 الى 500 شجرة سنويا.
ولمواكبة المشكلة يتحدث رئيس تعاونية الزيتون في حاصبيا رشيد زويهد عن «تشكيل لجنة متابعة، أنيط بها العمل لتصريف زيت العام الماضي المكدس، إضافة الى زيت هذا الموسم وحل هذه الأزمة المستفحلة».
ويوضح أن اللجنة التقت العديد من الجهات المسؤولة، وتلقت وعودا في مقدمتها حماية زيت الزيتون من المضاربة الخارجية، خصوصا ان الإنتاج المحلي يكفي السوق اللبنانية، وضرورة تولي الدولة استيعاب كامل الإنتاج، أسوة بما هو متبع لمحصول التبغ مثلا.
وناشد المختار أمين زويهد باسم تجمع مخاتير حاصبيا كل الجهات المعنية، خصوصا مجلس الوزراء مجتمعا، ووزارة الزراعة والهيئة العليا للإغاثة، وضع ملف تصريف الزيت في سلّم أولياتهم، ودعم هذه الثمرة عنوان صمود أبناء القرى الحدودية.
ودعا نائب رئيس الجمعية التعاونية الزراعية للشتول والزراعات البعلية وتربية النحل نهاد ابو حمدان، الى أوسع تحرك للجمعيات التعاونية وللمزارعين لحث الجهات المعنية إيلاء زراعة الزيتون كل اهتمام.
مليونا شجرة
تجاوز عدد أشجار زيتون في المنطقة الحدودية الجنوبية حدود المليون ونصف الى مليوني شجرة، بينها 70 ألف غرسة خلال العامين الماضيين، موزعة على 50 الف دونم من الأراضي البعلية، وهناك حوالي 250 الف شجرة معمرة، إنتاجها من الزيت السنوي حوالي 150 ألف صفيحة سنة الحمل و50 ألف سنة المحل، وذلك حسب إحصاء الجمعيات التعاونية الزراعية في المنطقة.
تعليقات: